ارتفاع أسعار النفط بفضل استثناءات الرسوم الجمركية

شهدت أسواق النفط ارتفاعا بنسبة تقارب 1% يوم الاثنين، حيث تراجعت الأسعار السابقة مع استمرار القلق من تفاقم النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين الذي يؤدي إلى احتمالات تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
وارتفعت عقود خام برنت الآجلة بمقدار 62 سنتا لتتداول عند 65.38 دولار للبرميل وقت نشر هذا التقرير، بينما سجل خام غرب تكساس الأمريكي (WTI) زيادة مشابهة لتصل إلى 62.12 دولار للبرميل.
العوامل الداعمة لارتفاع أسعار النفط
ساعد قرار إدارة ترامب بمنح استثناءات من الرسوم الجمركية – حيث تم استثناء الهواتف الذكية والحواسيب وبعض السلع الإلكترونية – في رفع معنويات المستثمرين وإحداث انتعاش مؤقت في أسعار النفط.
ويذكر أن هذه الاستثناءات جاءت بعد سلسلة من الإجراءات التي فرضت رسوما مرتفعة، مما وفر بعض التخفيف للضغوط السوقية. ومع ذلك، فإن هذا الإجراء جاء في ظل استمرار النزاع التجاري مع الصين، إذ بقي تركيز الرسوم الجمركية مرتفعا على السلع الصينية، مما أثر في تقييم المستثمرين لاحقا للطلب العالمي على النفط.
أيضا أظهرت البيانات الصادرة عن الصين انتعاشًا حادًا في واردات النفط في مارس، حيث ارتفعت واردات النفط الخام بنسبة تقارب 5% مقارنة بالفترة السابقة ومن السنة الماضية، وساهم هذا الانتعاش في دعم أسعار النفط مؤقتا، إذ أن زيادة واردات النفط تعكس تحسنا في الطلب المحلي والصيني، وهو ما يشير إلى أن الصين قد تحاول التعويض عن تأثيرات النزاع التجاري من خلال دعم تدفق الإمدادات النفطية.
تصاعد النزاع التجاري وتأثيره على الطلب
على الرغم من الارتفاعات الطفيفة التي شهدها السوق، فإن المخاوف بشأن تأثير النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين لا تزال تسيطر على الأسواق. فقد أعلن الرئيس ترامب زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى 125%، في رد فعل انتقامي على تصعيد بكين السابقة. ويترتب على هذا التصعيد استمرارية عدم اليقين، مما يؤدي إلى تخفيض توقعات النمو الاقتصادي العالمي وتراجع الطلب على السلع الأساسية مثل النفط.
إضافة إلى ذلك، تؤدي السياسات التجارية إلى إعادة تقييم توقعات العرض والطلب في سوق النفط. فقد أدت التقارير إلى ارتفاع المخزونات النفطية الأمريكية، مما يثير مخاوف من فائض العرض في ظل تباطؤ النشاط التجاري. كما أعلَن بعض منتجي النفط عن خطط لزيادة الإنتاج، مما قد يضغط على الأسعار إذا ما استمر النمو في المخزونات وتحسنت نتائج الإمداد على مستوى عالمي.
توقعات أسعار النفط على المدى القصير والمتوسط
وفقا لتوقعات بنك جولدمان ساكس، من المحتمل أن يبقى سعر خام برنت عند متوسط قدره 63 دولار للبرميل وWTI عند 59 دولار خلال الفترة المتبقية من عام 2025. أما بالنسبة لعام 2026، فتتوقع الأسعار أن تنخفض لتصل إلى حوالي 58 دولار للبرميل لبرنت و55 دولار للبرميل لWTI. تأتي هذه التوقعات في ظل توقع انخفاض النمو الاقتصادي العالمي وزيادة احتمالية حدوث فائض في السوق نتيجة للسياسات التجارية والتوترات القائمة.
من جانب آخر، تشير مؤشرات السوق إلى أن الوضع الفني في سوق النفط قد تحول إلى وضعية “contango”، حيث تكون أسعار العقود الآجلة أعلى من أسعار اليوم، مما يشير إلى توقع المستثمرين لزيادة العرض والتقلبات المستقبلية في الطلب العالمي. كما تراجع عدد الآبار العاملة في الولايات المتحدة للأسبوع ثالث على التوالي، مما يضيف بُعدًا إضافيًا من الضغوط على أسعار النفط مع توقع استمرار انخفاض النشاط الصناعي.
تأثر السياسات التجارية والمفاوضات الدولية
يعتبر النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين أحد أهم العوامل التي تسهم في خلق حالة من عدم اليقين في الأسواق. فتصاعد الرسوم الجمركية من كلا الجانبين يؤدي إلى انخفاض ثقة المستثمرين وتراجع النمو الاقتصادي المحتمل، مما يقلل من الطلب العالمي على الطاقة. وفي هذا السياق، تُشير التصريحات الأخيرة إلى أن النزاع التجاري قد يتسبب في تغييرات كبيرة على مستوى سلاسل الإمداد والتوريد العالمية.
وفي ظل التوترات، تعمل بعض الدول على اتخاذ إجراءات مضادة. ففي الوقت الذي قدمت فيه إدارة ترامب استثناءات لبعض الرسوم الجمركية، أعلنت الدول الأوروبية عن تعليق مؤقت لفرض الرسوم على بعض السلع الأمريكية، فيما تبنت الصين سياسة رفع الرسوم الجمركية بشكل انتقامي. تُظهر هذه التطورات أن البيئة التجارية الدولية لا تزال تشهد تقلبات كبيرة، وهو ما سيؤثر على تدفق التجارة العالمية وعلى توقعات المستثمرين بشأن نمو الطلب على النفط.
اقرأ أيضا…