استمرار ارتفاع الذهب رغم تراجع الأسعار عن مستوياتها القياسية

في ظل حالة من التذبذب في الأسواق المالية العالمية وتصاعد المخاوف بشأن النزاعات التجارية، شهدت أسعار الذهب انخفاضاً طفيفا عن أعلى مستوى تاريخي لها، لكنها ظلت فوق حاجز الـ 3,200 دولار للأوقية. جاء ذلك بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب عن استثناء بعض المنتجات الإلكترونية – مثل الهواتف الذكية والحواسيب – من الرسوم الجمركية المتبادلة المفروضة على واردات دولية، مما أثار حالة من التفاؤل المؤقت لدى المستثمرين وأدى إلى تراجع الأسعار قليلا لجني الأرباح.
الأداء الحالي للذهب وتفاصيل الأسعار
وفقا للبيانات الأخيرة، انخفض سعر الذهب الفوري بنسبة 0.4% ليصل إلى 3,222.49 دولار للأوقية وقت نشر هذا التقرير، بعد أن بلغ أعلى مستوى خلال الجلسة 3,245.42 دولار للأوقية.
كما انخفضت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 0.2% لتتداول عند 3,238.50 دولار للأوقية. وعلى الرغم من هذه الانخفاضات الطفيفة، ظل الذهب ثابتا فوق مستوى 3,200 دولار للأوقية؛ مما يعكس دعما قويا من قِبل المستثمرين في ظل الشكوك المتعلقة بسياسات الرسوم الجمركية.
في سياق مماثل، صرح محلل الذهب زين فاويدا من MarketPulse بواسطة OANDA: “إن معنويات السوق قد تحسنت قليلا هذا الصباح بعد أن أعلن الرئيس ترامب عن استثناء الهواتف الذكية والحواسيب من الرسوم الجمركية. هذا الأمر أدى جزئيا إلى انخفاض أسعار الذهب، ربما بسبب بعض عمليات جني الأرباح.”
ويرى فاويدا أن هذا الانخفاض ربما يكون مؤقتا، إذ أن المخاوف المستمرة بشأن النزاع التجاري، خاصة مع الصين، والضعف المستمر في الدولار يدعمان الذهب كملاذ آمن وحماية ضد التضخم في ظل هذه البيئة الغامضة.
السياسات الجمركية وتأثيرها على أسعار الذهب
في خطوة مفاجئة، أعلن البيت الأبيض يوم الجمعة عن استثناء منتجات إلكترونية معينة – مثل الهواتف الذكية والحواسيب – من الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضت على واردات دولية بشكل واسع، مما خلق فرصة لتخفيف الضغط على الأسواق وتعزيز ثقة المستثمرين. وقد جاء هذا الإعلان في إطار محاولات إدارة ترامب للتخفيف من الضغط التجاري الذي أحدثته رسومه الجمركية الشديدة ضد بعض الدول.
على الرغم من استثناء بعض المنتجات، استمر التصعيد التجاري مع الصين، حيث رفع ترامب الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 125%، في رد انتقامي على إجراءات بكين التي رفعت الرسوم الجمركية على بعض الواردات الأمريكية إلى مستويات مرتفعة سابقا.
وتظهر هذه السياسة أن النزاع التجاري لا يزال قائمًا، مما يعزز الشعور بعدم اليقين في الأسواق العالمية. ويرى المستثمرون أن مثل هذا التصعيد، إلى جانب استمرار المخاوف من الركود الاقتصادي، سيستمر في دعم الطلب على الذهب كملاذ آمن.
التداعيات على أسعار الذهب والدولار
يعتبر الدولار الأمريكي عاملا مؤثرا في دعم أسعار الذهب، فمع انخفاض قيمة الدولار تلقى الذهب دعما إضافيا لأنه يصبح أرخص للمستثمرين الدوليين. وقد سجل مؤشر الدولار انخفاضا ملحوظا مؤخرا، وهو ما ساهم في استمرار ارتفاع الذهب، إذ أصبحت أسعار المعدن الثمين مستقرة فوق حاجز الـ 3,200 دولار للأوقية.
ويأتي ذلك في ظل توقعات بأن يؤدي ضعف الدولار إلى زيادة الطلب على الأصول الآمنة مثل الذهب، خاصة في بيئة تسيطر فيها المخاوف من التضخم والركود الاقتصادي.
الأداء السنوي للذهب وتوقعات المحللين
على مدار العام الحالي، سجل الذهب انتعاشا ملحوظا، إذ ارتفع بأكثر من 23% حتى الآن، مما جعله يتجاوز حاجز الـ 3,200 دولار للأوقية لأول مرة.
وتعزى هذه المكاسب إلى عدة عوامل أهمها عدم اليقين الجيوسياسي، والمخاوف الاقتصادية الناتجة عن النزاعات التجارية، فضلا عن الدعم القوي من البنوك المركزية وتدفقات الأموال إلى صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب.
ووفقا لتوقعات بعض المحللين، من بينها محلل من بنك جولدمان ساكس الذي رفع توقعاته لسعر الذهب بنهاية العام إلى حوالي 3,700 دولار للأوقية، يتوقع أن يستمر الذهب في الارتفاع إذا ما استمرت الضغوط الخارجية وعدم اليقين الاقتصادي.
ويشير بعض الخبراء إلى أن هناك فرصا لتحقيق مستويات جديدة، حيث يتوقع البعض أن يرتفع السعر إلى ما يقارب 3,600 دولار أو حتى 4,000 دولار، في حال استمرت الضغوط في دعم المعدن كأصل آمن في ظل تراجع قيمة الدولار وتزايد مخاوف الركود.
وتشير البيانات إلى أن صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب قد شهدت تدفقات قوية، وهو ما يعكس اهتمام المستثمرين بالملاذات الآمنة وسط تقلبات الأسواق. وفي ظل استمرار التدفقات الكبيرة إلى هذه الصناديق، يتوقع أن يستمر الدعم للذهب، مما يعزز التوقعات بأن يرتفع المعدن الثمين على المدى المتوسط والبعيد.
انعكاسات النزاعات التجارية على الاقتصاد العالمي
يعد النزاع التجاري المستمر بين الولايات المتحدة والصين أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على السوق العالمية في الوقت الراهن. فقد أسهمت سياسات ترامب الخاصة بالرسوم الجمركية، مع رفع المعدلات على السلع الصينية إلى 125%، في خلق حالة من عدم اليقين تؤدي إلى هبوط الطلب على سلع معينة، وزيادة التذبذب في الأسواق المالية.
هذا التصعيد التجاري يؤثر على توقعات النمو الاقتصادي العالمي، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على الأصول الآمنة مثل الذهب.
ويترقب المستثمرون الصادرة عن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكية بيانات CPI المقبلة وتوقعاتهم بشأن أسعار الفائدة، حيث أن أي مؤشرات على خفض أسعار الفائدة ستدعم الذهب بشكل إضافي.
وبينما يستمر الدولار في الضعف، يبقى الذهب خياراً مفضلاً بين المستثمرين الباحثين عن حماية ضد التضخم. وتظل هذه العوامل من الدوافع الأساسية وراء استمرار الاتجاه الصاعد في أسعار الذهب.
اقرأ أيضا…