أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

ارتفاع أسعار الذهب فوق 3,200 دولار وسط تجدد المخاوف الاقتصادية

شهدت أسواق الذهب ارتفاعا ملحوظا يوم الجمعة، حيث تجاوز سعر الذهب الفوري حاجز الـ 3,200 دولار للأوقية لأول مرة، مدفوعا بضعف الدولار وتزايد المخاوف بشأن الركود الاقتصادي نتيجة لتصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين.

وقد سجل الذهب ارتفاعا بنسبة طفيفة تجاوزت 1% ليصل إلى 3,214.92 دولار وقت نشر هذا المقال، بعد أن بلغ ذروته السابقة 3,219.84 دولار خلال الجلسة. وتشير التقديرات إلى أن الذهب قد سجل ارتفاعا إجماليا يفوق 5% خلال الأسبوع، مما يعكس ولاء المستثمرين للذهب كملاذ آمن في ظل حالة من حالة عدم اليقين والتقلبات الاقتصادية العالمية.

المخاوف من الركود وتزايد عدم اليقين الاقتصادي

يواجه الاقتصاد الأمريكي ومختلف الاقتصادات العالمية حالة من عدم اليقين المتزايد، إذ تتصاعد المخاوف من حدوث ركود اقتصادي نتيجة للتوترات التجارية ونزاعات السياسات التجارية بين الولايات المتحدة ودول كبرى، وخاصة الصين.

ومع تصاعد هذه المخاوف، يزداد اهتمام المستثمرين بالذهب كأصل آمن يمكن أن يحمي رؤوس أموالهم من تأثيرات التضخم والتقلبات المالية. فقد صرح محلل المعادن الثمينة ألكساندر زومبفي من شركة Heraeus Metals بألمانيا:”المخاوف من الركود تزداد، والعوائد على السندات في ارتفاع، والدولار الأمريكي يواصل الضعف – جميع هذه العوامل تدعم دور الذهب كملاذ آمن ودرع ضد التضخم.”

يعكس هذا التصريح مدى ثقة المستثمرين في الذهب في ظل الظروف الراهنة، إذ يعتبر الذهب أداة حماية ضد المخاطر النظامية والتقلبات الاقتصادية.

قرار ترامب بتعليق الرسوم الجمركية وتعديل معدلاتها

وفي نفس السياق، أعلن الرئيس دونالد ترامب عن تعليق مؤقت لمدة 90 يوما لبعض الرسوم الجمركية التي فرضها على واردات بعض الدول، في محاولة لتخفيف الضغوط التجارية وإعطاء فرصة لإجراء مفاوضات جديدة.

ورغم أن هذا التعليق كان موجها لمعظم الدول، إلا أن سياسة ترامب تجاه الصين ظلت صارمة؛ فقد أعلن عن رفع الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الصينية إلى 125%، الأمر الذي أثار حالة من التوتر وعدم اليقين بين أكبر اقتصادين في العالم.

هذا التباين في السياسات التجارية أدى إلى تقلبات في الأسواق المالية، حيث أثرت الإجراءات المتباينة على كل من الأسهم والعملات، مما زاد من جاذبية الذهب كملاذ آمن للمستثمرين الباحثين عن حماية من هذه المخاطر الإضافية.

ضعف الدولار ودعم الذهب للمستثمرين الدوليين

كان من العوامل الداعمة لارتفاع أسعار الذهب ضعف الدولار الأمريكي، الذي أصبح يُباع بسعر أقل للمشترين الأجانب. فمع تراجع مؤشر الدولار، أصبح الذهب المسعر بالدولار أرخص على الصعيد الدولي، مما دفع الطلب العالمي إلى الارتفاع.

ويسهم هذا التأثير في توازن القوة الشرائية للأسواق المالية، إذ يفضل المستثمرون شراء الذهب كملاذ آمن بعيدا عن التقلبات المرتبطة بالدولار.

تأثير الرسوم الجمركية على الأسهم والعوائد

على صعيد آخر، شهدت أسواق الأسهم انخفاضات ملحوظة مع تزايد الضغوط التجارية، إذ تعكست المخاوف الاقتصادية في تراجع المؤشرات الرئيسية مثل S&P 500، التي انخفضت بنسبة ملحوظة، مما أشعل موجات من البيع الجماعي ودفع المستثمرين إلى الاتجاه نحو أصول أكثر أمانا كالذهب والسندات.

وفي هذا السياق، ساهم انخفاض عائد سندات الخزانة الأمريكية في تعزيز جاذبية الذهب، خاصةً أنه يشير إلى تراجع الطلب على الأصول ذات الفائدة الثابتة في ظل ارتفاع قلق المستثمرين بشأن الركود.

تدفقات صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب

وفقا لبيانات مجلس الذهب العالمي، شهدت صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب تدفقات ضخمة خلال الربع الأول من العام، إذ بلغ إجمالي التدفقات حوالي 226 طنا من الذهب بقيمة 21 مليار دولار، وهو ثاني أعلى مستوى ربعي مسجل بالدولار حتى الآن بعد الربع الثاني من عام 2020.

وتأتي هذه التدفقات في ظل تزايد الطلب على الذهب من قبل المستثمرين في مناطق مختلفة حول العالم، حيث مثلت القارة الأمريكية نسبة 61% من تلك التدفقات، بينما كانت أوروبا تساهم بنسبة 22%، وآسيا بنسبة 16%.

وقد شهدت أسواق أوروبا، التي كانت تعاني من ضعف الطلب على الذهب في الأشهر الأخيرة، انتعاشا ملحوظا حيث سجلت التدفقات في الربع الأول مستوى 4.6 مليار دولار، وهو أعلى مستوى منذ الربع الأول من عام 2020.

وتوضح هذه الأرقام أن الطلب على الذهب لا يزال قويًا، مدعوماً بعوامل مثل عدم اليقين السياسي والاقتصادي وتزايد المخاوف من ارتفاع التضخم.

توقعات ازدياد الأسعار على المدى المتوسط

يشير المحللون إلى أن الذهب سيستمر في تحقيق مكاسب على المدى المتوسط، حيث يتوقع أن يرتفع سعر الذهب إلى مستويات تتراوح بين 3,400 و3,500 دولار للأوقية خلال الأشهر القادمة.

وقد تبنى بعض المحللين مثل من بنك UBS توقعات تفاؤلية تشير إلى إمكانية وصول أسعار الذهب إلى 3,600 دولار للأوقية خلال عام، مع احتمالية ارتفاعها إلى 4,000 دولار إذا ما استمرت الضغوط الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية.

التحليل الفني والمستويات الداعمة

من الناحية الفنية، يتماشى اتجاه الذهب الصاعد مع الظروف الاقتصادية الراهنة، حيث استمر الذهب في تسجيل ارتفاعات قياسية منذ العام الماضي، حيث ارتفع بنسبة تقارب 21% حتى الآن.

وتعد مستويات 3,200 و3,400 دولار مناطق حاسمة على الرسم البياني للذهب، إذ إن اختراق هذه المستويات قد يؤدي إلى دفع الأسعار نحو مستويات جديدة من الارتفاع، خاصة إذا ما تماشى ذلك مع استمرار ضعف الدولار وتحسن توقعات التضخم وخفض أسعار الفائدة.

العوامل الإيجابية المؤثرة على الذهب

يدعم الذهب في الوقت الراهن عدد من العوامل الأساسية:

  • تزايد مخاوف الركود: مع استمرار النزاعات التجارية وتزايد الضغوط الاقتصادية، يعتبر الذهب ملاذًا آمنًا يحمي المستثمرين من تقلبات السوق.

  • ضعف الدولار: يُعد انخفاض الدولار مؤيدًا رئيسيًا للذهب، حيث يجعل المعدن الثمين أكثر جاذبية للمستثمرين الدوليين.

  • توقعات خفض أسعار الفائدة: يشير توقع قيام الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة إلى بيئة أسعار فائدة منخفضة، مما يزيد من جاذبية الذهب كأصل لا يدر عوائد.

  • زيادة تدفقات صناديق الاستثمار: تدفقات الأموال الكبيرة إلى صناديق الذهب تعكس زيادة الطلب على هذا المعدن من قبل المستثمرين الذين يسعون إلى حماية استثماراتهم في ظل الظروف الاقتصادية غير المستقرة.

المخاطر والتحديات التي قد تواجه الذهب

على الرغم من الدعم القوي الذي يتمتع به الذهب، إلا أنه يواجه بعض المخاطر المحتملة:

  • احتمال ارتفاع الفائدة مرة أخرى: في حال عادت بيانات التضخم إلى الارتفاع أو ظهرت مؤشرات قوية على النمو، قد يسعى الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة، مما قد يقلل من جاذبية الذهب.

  • تحسن المزاج في أسواق الأسهم: إذا شهدت أسواق الأسهم انتعاشا قويا واستقرارا في المزاج الاستثماري، فقد يتحول المستثمرون من الذهب إلى المزيد من الأصول ذات العوائد الأعلى.

  • تطورات التوتر التجاري: تستمر النزاعات التجارية، خاصة بين الولايات المتحدة والصين، في خلق حالة من عدم اليقين؛ وفي حال تحسنت الأوضاع التجارية أو تم التوصل إلى تفاهمات جديدة، قد يؤدي ذلك إلى تراجع الطلب على الذهب.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى