أخبار الأسواقأسهم أمريكيةأسهم

انهيار مؤشرات الأسهم الأمريكية بقيمة 1,000 نقطة

شهدت أسواق الأسهم الأمريكية تراجعا ملحوظا يوم الخميس، حيث فقد مؤشر داو جونز الصناعي أكثر من 1,000 نقطة، مما أدى إلى محو جزء كبير من المكاسب التاريخية التي حققها السوق يوم الأربعاء بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب عن تعليق مؤقت لبعض الرسوم الجمركية.

وجاءت هذه الحركة في ظل حالة من عدم اليقين المتزايد بين المستثمرين نتيجة لسياسات ترامب في مجال التجارة، خاصة فيما يتعلق بخيارات تطبيق الرسوم الجمركية على الصين.

خلفية الأزمة التجارية وتغييرات الرسوم الجمركية

في جلسة تاريخية سابقة، أعلن عن تعليق مؤقت لمدة 90 يوما لبعض الرسوم الجمركية “المتبادلة” المفروضة على واردات معظم الدول، مما أثار انتعاشا قويا في الأسواق حيث سجلت مؤشرات الأسهم ارتفاعات غير مسبوقة.

وقد قفز مؤشر S&P 500 بأكثر من 9%، وهو ثالث أكبر ارتفاع يومي منذ الحرب العالمية الثانية، كما حقق مؤشر داو جونز أعلى نسبة ارتفاع منذ مارس 2020، فيما سجل مؤشر Nasdaq أعلى قفزة يومية منذ يناير 2001.

وقد جاءت تلك المكاسب نتيجة لتغير مزاج المستثمرين بعد إعلان ترامب عن تخفيض معدلات الرسوم الجمركية لمعظم الدول إلى 10%، مع استثناء الولايات المتحدة لكندا والمكسيك، في إطار سياسات تهدف إلى تخفيف الضغوط الاقتصادية الناتجة عن النزاع التجاري.

تصعيد الرسوم الجمركية على الواردات الصينية

على الرغم من تلك الخطوة التي أدت إلى انتعاش مؤقت، استمرت التوترات التجارية مع الصين، إذ أعلن ترامب عن رفع الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الصينية إلى معدل يصل إلى 125%، مما زاد العبء على الجانب الصيني.

وبالإضافة إلى ذلك، أكدت إدارة البيت الأبيض بيانات تفيد بأن المعدل التراكمي للرسوم الجمركية المفروضة على الصين قد بلغ 145%، حيث تتألف هذه النسبة من الرسوم الجديدة البالغة 125% بالإضافة إلى 20% إضافية تم فرضها استجابةً لأزمة الفنتانيل.

هذا التصعيد في السياسات الجمركية مع الصين أثار موجة من المخاوف بين المستثمرين حول إمكانية تأثر النشاط الاقتصادي وظهور ركود محتمل نتيجة للضغوط التجارية الشديدة.

ردود فعل السوق وتذبذب مؤشرات الأسهم

لم تمر حالة الانتعاش التي شهدتها أسواق الأسهم يوم الأربعاء مرور الكرام، إذ تراجع السوق يوم الخميس بشكل حاد بعد أن بدأ المستثمرون في إعادة تقييم مراكزهم.

فقد انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 3.46% ليتداول عند 5,268.05 نقطة، بينما انخفض مؤشر ناسداك المركي بنسبة 4.31% ليغلق عند 16,387.31 نقطة. ولم يكن مؤشر داو جونز الصناعي بمنأى عن تلك العملية، حيث هبط بأكثر من 1,000 نقطة بنسبة 2.5% ليصل إلى 39,593.66 نقطة.

وتعكس هذه الانخفاضات تحول معنويات المستثمرين بعد شعورهم بتراجع الارتياح الذي أحدثه تعليق الرسوم الجمركية، مع استمرار المخاوف من تأثير الرسوم الجمركية المرتفعة على جانب الصين على النشاط الاقتصادي.

وأثرت تلك التحركات السلبية على أسواق الأسهم بأكملها، حيث تراجع المستثمرون بعد ارتفاعات قياسية سجلتها السوق خلال جلسة الأربعاء.

ووفقا لبعض الخبراء مثل ميليسا براون، المدير التنفيذي للبحوث التطبيقية في SimCorp، فإن “المستثمرين بدأوا يشعرون بالزعر من حالة عدم اليقين، خاصة مع احتمالية تغير معدل الرسوم الجمركية إلى رقم مختلف غدا، مما يجعل تحديد القاع أو القمة أمرا صعبا للغاية”.

هذه الحالة من التقلب تعكس أن الحالة السوقية تتغير بسرعة، وأن التوترات المستمرة تجعل من الصعب التنبؤ بمسار السوق في المستقبل القريب.

العوامل المؤثرة في السوق وآفاق مستقبلية

يعد النزاع التجاري مع الصين أحد أهم العوامل التي أثرت في تراجع مؤشرات الأسهم، فقد أدت الزيادة في الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى تباطؤ النشاط التجاري، مما زاد من المخاوف بشأن نمو الطلب على السلع والمواد الاستهلاكية.

ويشير محللون مثل مايكل جابن، كبير الاقتصاديين في Morgan Stanley، إلى أن “التأخيرات في تطبيق التعليق المؤقت للرسوم الجمركية قد تساعد في تخفيف الضغوط قصيرة الأمد، لكنها لا تقضي على عدم اليقين الكامن في سوق التجارة الدولية”.

وهكذا، بالرغم من الفائدة المؤقتة التي حققها تعليق الرسوم الجمركية على معظم الدول، فإن العلاقة التجارية مع الصين لا تزال تشكل عبئًا كبيرًا يمكن أن يؤدي إلى تقلبات إضافية في المستقبل.

إعادة تقييم مراكز المستثمرين والتحوط

نظرا لتعقيدات النزاعات التجارية والسياسات الجمركية المختلفة، يلجأ المستثمرون إلى إعادة تقييم مراكزهم المالية بتأن وعناية.

فقد أدت حالة عدم اليقين إلى موجة من البيع الجماعي، كما كانت هناك حالات من تصفية مراكز الهامش في بعض الأسهم التي شهدت ارتفاعات مفرطة خلال جلسة الأربعاء.

وأكد بعض المحللين أن هذه الحالة من البيع قد تعيد المستثمرين إلى اتخاذ مراكز أكثر تحفظًا وبحثهم عن أصول آمنة تلجأ إليها محافظهم، مثل السندات والأسهم التي تحقق عوائد ثابتة، مما قد يؤثر على مسار السوق بشكل عام.

التوقعات الاقتصادية والآفاق المستقبلية

على الرغم من الجهود المبذولة لتهدئة التوترات مع تعليق الرسوم الجمركية لبعض الدول، يبقى مستقبل النمو الاقتصادي موضوعا مثيرا للقلق.

إذ إن رفع الرسوم الجمركية على سلع الصين إلى معدلات تاريخية تبلغ 145% يشكل تهديدا حقيقيا على نشاط القطاع التجاري والاقتصادي، ويجعل من الصعب على الشركات إعادة تنظيم سلاسل الإمداد دون مواجهة ضغوط كبيرة في التكاليف.

وفي ظل هذا السياق، يتوقع أن تستمر حالة عدم اليقين في الأسواق مع صعوبة التنبؤ بتأثير النزاعات التجارية على النمو الاقتصادي في الأشهر القادمة.

بالإضافة إلى ذلك، تظهر البيانات الاقتصادية الصادرة عن جهات مثل مكتب إحصاءات العمل ومكتب تحليلات الطاقة مؤشرات سلبية قد تؤثر بشكل مباشر على توقعات النمو الاقتصادي، مما يزيد من احتمالية حدوث ركود اقتصادي على المدى القصير أو المتوسط. من هنا، فإن المستثمرين ينصحون بتبني استراتيجيات تحوطية وتنويع المحافظ لاستيعاب التقلبات المحتملة في الأسواق.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى