انخفاض مؤشر داو جونز والأسواق الأميركية وسط موجة بيع نتيجة الرسوم الجمركية

شهدت أسواق الأسهم الأمريكية تراجعا ملحوظا يوم الثلاثاء، حيث استأنفت موجة البيع التي أحدثتها الرسوم الجمركية، مما أدى إلى انخفاض مؤشر داو جونز بأكثر من 300 نقطة خلال الجلسة.
وقد هبطت الأسهم، خاصة في قطاع التكنولوجيا، بعد تلاشي الارتفاعات الأولية التي جاءت ضمن انتعاش عام في السوق.
تراجع أسواق التكنولوجيا والارتفاع السابق للعوائد
بدأت أسواق التكنولوجيا بالتراجع بعد أن توقفت المكاسب التي حققتها في وقت سابق من الجلسة، حيث انخفض مؤشر ناسداك، الذي يحتضن أسهم الشركات التقنية، بأكثر من 2% مما قضى على المكاسب الأولية التي تجاوزت 4.6% في أعلى مستوياتها. وقد شهدت عمالقة التكنولوجيا مثل أبل وتسلا انخفاضا يقارب 5%، بينما أنهت شركات مثل ميتا وألفابيت وأمازون ومايكروسوفت ونفيديا التداول بأسعار أدنى.
يعتبر هذا التراجع جزءا من موجة بيع عامة قامت بها الأسواق على خلفية استمرار المخاوف حول تطبيق الرسوم الجمركية، إذ تراجع التفاؤل الذي كان قد عم السوق عندما انتشرت آمال إمكانية التفاوض على تخفيض الرسوم مع قادة العالم، قبل أن تتبدد تلك الآمال مع استمرار التوتر بشأن عدم التوصل إلى اتفاق قبل بدء تطبيق الرسوم المتبادلة.
استئناف تطبيق الرسوم الجمركية والارتفاع القياسي في حجم التداول
تأتي هذه التطورات بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب عن خطط شاملة للرسوم الجمركية أدت إلى اضطرابات عنيفة خلال الثلاثة أيام الماضية.
وقد سجلت جلسة التداول يوم الاثنين أعلى مستويات حجم تداول خلال ما يقرب من عقدين، حيث بلغ إجمالي الأسهم المتداولة حوالي 29 مليار سهم، متجاوزاً مستوى 26.77 مليار سهم الذي تم تسجيله يوم الجمعة، وكذلك متجاوزا متوسط حجم التداول لعشرة أيام الذي بلغ 16.94 مليار سهم.
ومن اللافت أن مؤشر داو جونز سجل أكبر تقلب نقطة خلال جلسة تداول واحدة، حيث تذبذب بين انخفاض تجاوز 1,700 نقطة وهبوط متعاظم مع ارتفاع داخلي قدره 2,595 نقطة، ما يعد سجلا غير مسبوق لمثل هذه التحركات داخلية.
تأثير المخاوف من تطبيق المزيد من الرسوم والتهديدات القادمة من ترامب
تزايدت المخاوف من أن تؤدي تطبيقات الرسوم الجمركية إلى تفاقم الاضطرابات في الأسواق، خصوصا مع توقع زيادة الرسوم على الواردات الصينية.
فقد هدد ترامب بإضافة رسوم جمركية تصل إلى 50% على السلع الصينية إذا لم تقم الصين برفع رسومها الانتقامية التي تبلغ 34%. هذا التوتر زاد من حالة القلق بين المستثمرين، مما أثار توقعات بتصاعد المزيد من التحركات السلبية في الأسواق المالية.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل بعض الدول المتأثرة على اتخاذ إجراءات انتقامية. على سبيل المثال، أكدت كندا مساء الثلاثاء خططها لفرض رسوم انتقامية بنسبة 25% على السيارات الأمريكية، خاصة تلك التي لا تتوافق مع معايير اتفاقية الولايات المتحدة-المكسيك-كندا. ويشير المحلل أنتلي لابيريير من Piper Sandler إلى أن الرسوم الجمركية، رغم احتمال انزلاقها على المدى الطويل إلى مستويات أقل من الحالية، من المرجح أن ترتفع على المدى القصير مع احتمال حدوث صفقات تفاوضية محدودة.
حالة ضغوط السوق ومخاوف المستثمرين
تأثرت الأسهم بشكل كبير بهذه التوترات التجارية، إذ أدت حالة عدم اليقين إلى موجة بيع عنيفة. فقد شهدت مؤشرات الأسهم الكبرى تداولات متقلبة خلال الجلسة؛ ففي مرحلة ما ارتفع مؤشر S&P 500 بأكثر من 4%، لكنه أنهى اليوم بخسارة قدرها 1.6%. كما ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 3.9% خلال ذروته، ليغلق بانخفاض 0.8% مع استمرار انخفاض السوق بنسبة تقارب 19% عن أعلى مستوياته التي سجلها في ديسمبر، مما يقربه من الدخول في منطقة سوق هابطة تقنياً. وعلى مدار أربعة أيام، فقد مؤشر داو جونس أكثر من 4,500 نقطة، فيما تعرض مؤشر S&P 500 لهبوط إجمالي بنسبة 12%، وانخفض مؤشر ناسداك المركب بنسبة تفوق 13%.
ويواجه قطاع التكنولوجيا ضغطاً إضافياً؛ فقد شهدت أسهم شركات أشباه الموصلات تراجعاً ملحوظاً. إذ انخفض صناديق الاستثمار المتداولة في هذا القطاع مثل VanEck Semiconductor ETF بنسبة 2.7%، بعد أن تنازلت بعض الشركات عن مكاسبها الأولى، فيما سجّلت شركات مثل Advanced Micro Devices تراجعاً بنحو 6%، وأسهم مورد شركة Qorvo لـ أبل هبوطا يقدر بـ 10%. ويستثنى من ذلك بعض الشركات التي أعلنت عن مبادرات تعزز من ثقة المستثمرين مثل Broadcom التي أعلنت عن خطة إعادة شراء أسهم بقيمة 10 مليار دولار خلال نهاية العام، مما رفع أسهمها بنسبة 1%.
وعلى الرغم من أن صانعو الرقائق لم يشملهم الإعلان عن الرسوم الجمركية الأخيرة، فإن المخاوف من أن تؤدي الرسوم الإضافية إلى انخفاض الطلب على المنتجات التي تستخدم فيها هذه الرقائق قد أدت إلى مزيد من الضغوط على القطاع.
مستقبل الأسواق وتوقعات المخاطر القادمة
يتجه المستثمرون الآن للتحوط وإعادة تقييم مراكزهم مع اقتراب بدء تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة بعد منتصف الليل. ومن المتوقع أن تخلق هذه الرسوم جولة جديدة من التذبذب في الأسواق، خاصة مع احتمال ارتفاع المزيد من الرسوم الجمركية بنسبة 104% على الواردات من الصين، بالإضافة إلى الرسوم المتبادلة التي ستبدأ تطبيقها على واردات من 86 دولة. وتواجه الأسواق مخاطر إضافية نتيجة احتمال ردود الفعل الانتقامية من الدول المتأثرة، مما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق المالية.
وأشار محللون إلى أن توقعات تخفيض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي قد تُخمد جزءاً من هذا القلق إذا ما نالت التقارير الاقتصادية القادمة الثقة الاقتصادية. في هذا السياق، تبقى الجلسات القادمة مهمة لتحديد مسار السوق، حيث سيتطلع المستثمرون إلى بيانات الأداء الاقتصادي التي قد تكشف عن مدى تأثير النزاعات التجارية على النمو العالمي.
كما من المتوقع أن يلعب الآتي دوراً حاسماً:
-
تقارير بيانات الوظائف ومؤشرات الأعمال: ستساعد هذه البيانات في تكوين صورة أوضح عن صحة الاقتصاد الأمريكي.
-
ردود فعل الدول الأخرى والمفاوضات التجارية: قد تعيد بعض الدول الثقة إلى الأسواق إذا ما استطعنا التوصل إلى اتفاقيات تخفف من وطأة الرسوم الجمركية.
-
سياسة الاحتياطي الفيدرالي: سيبقي البنك الاحتياطي الفيدرالي عن اتخاذ أي خطوات جذرية حتى يتضح الوضع الاقتصادي، مما قد يساعد على تهدئة الأسواق إذا ما استمرت مؤشرات النمو في الظهور بإيجابية.
اقرأ أيضا…