انخفاض أسعار النفط وسط توترات التجارة مع الصين

ظلت أسعار النفط مستقرة يوم الثلاثاء، لكنها ما زالت قريبا من أدنى مستوياتها خلال الأربع سنوات الماضية، وقد تعود ذلك إلى استمرار المخاوف من الركود الاقتصادي، والتي تفاقمت بفعل النزاع التجاري المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين في العالم.
وفي ظل استمرار حالة عدم اليقين، لم يستطع التعافي الطفيف الذي شهدته أسواق الأسهم أن يعوض عن مخاوف تراجع الطلب العالمي على النفط.
تحركات الأسعار في الأسواق العالمية
ارتفعت عقود النفط الآجلة على مستوى برنت بنسبة بسيطة قدرها 13 سنتا، مسجلة 64.34 دولار للبرميل وقت نشر هذا التقرير.
كما ارتفعت عقود النفط الأمريكي (WTI) بمقدار 18 سنتا لتصل إلى 60.88 دولار للبرميل، وتجدر الإشارة إلى أن كلا المؤشرين قد هبطا بنسبة 14% إلى 15% في يوم الاثنين، وذلك بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 2 أبريل عن “رسوم متبادلة” على الواردات.
التصعيد التجاري ورد الصين
في رد فعل صارم على التهديدات الأمريكية، أعلنت بكين عزمها على عدم الخضوع لما وصفته بـ”الابتزاز” الأمريكي، حيث هدد ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 50% على البضائع الصينية إذا لم ترفع الصين عن تطبيق رسومها الانتقامية بنسبة 34%.
وقد أكد وزير التجارة الصيني في بيان أن الصين ستقاتل حتى النهاية. هذا التصعيد يزيد من المخاوف بشأن احتمال تفاقم الركود العالمي، مما يؤثر سلباً على توقعات الطلب على النفط.
ويشير محلل SEB، أول هفالفاي، إلى أن النبرة العدائية المتصاعدة تعزز من مخاطر الركود، وهذا بدوره يضعف توقعات نمو الطلب العالمي على النفط. ففي ظل نزاعات تجارية شديدة، يؤدي تباطؤ النمو الاقتصادي إلى تقليص الاستثمارات والاستهلاك، مما ينعكس سلبا على سوق النفط العالمي.
تحركات متوازنة وسط أسواق الأسهم ومستويات المخزونات
على الرغم من حالة التوتر في الأسواق، شهدت أسعار النفط ارتفاعا طفيفًا بنسبة 1% في بداية جلسة التداول، وهو ما وصفه وارن باترسون من بنك ING بأنه “انتعاش مخفف” بدعم من انتعاش طفيف في أسواق الأسهم.
إلا أن هذا الانتعاش لم يعكس تحسنا جوهريا، إذ أن الأسواق تبدو متشككة بشأن مدى تأثير الركود المحتمل على الطلب على النفط.
تشير التوقعات إلى أن بيانات المخزونات النفطية الأمريكية، التي ينتظر إصدارها من مجموعة American Petroleum Institute والمعلومات الرسمية من إدارة معلومات الطاقة (EIA) خلال الأيام المقبلة، ستكشف عن زيادة محتملة في المخزونات بحوالي 1.6 مليون برميل. ما يدل على توقعات ضعيفة للطلب على النفط في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
تداعيات الرسوم الجمركية على أسواق البضائع والاستثمارات
على صعيد آخر، استمرت التوترات التجارية في التأثير على الاقتصاد العالمي؛ إذ اقترحت المفوضية الأوروبية فرض رسوم مضادة بنسبة 25% على مجموعة من السلع الأمريكية ردًا على الرسوم الجمركية المفروضة على الصلب والألمنيوم. تُظهر هذه الإجراءات أن النزاع التجاري ليس مقتصرًا على الولايات المتحدة والصين فقط، بل يمتد إلى عدة جهات تجارية دولية، مما يزيد من حالة عدم اليقين والتقلب في الأسواق المالية.
وفي مفاجأة غير متوقعة، أعلن الرئيس ترامب عن بدء محادثات مباشرة مع إيران حول برنامجها النووي. إلا أن وزير الخارجية الإيراني أشار إلى أن المناقشات ستكون غير مباشرة. وقد حذر محلل في RBC Capital Markets، هيليما كرافت، من أن نجاح هذه المحادثات قد يؤدي إلى زيادة المعروض النفطي في الأسواق، بينما يمكن أن يؤدي الفشل إلى تصعيد حاد وصراع عسكري، وهو ما يزيد من مخاطر تقلب أسعار النفط.
الآفاق الاقتصادية والمخاطر المستقبلية
يبقى الوضع الاقتصادي العالمي متقلبا، حيث يتآكل الطلب على النفط وسط تصاعد المخاوف من الركود وعدم اليقين التجاري. فالاستقرار الحالي في أسعار النفط قد يكون مؤقتا، إذ يعتمد على العديد من العوامل المتداخلة مثل تطورات المخزونات النفطية، ومستوى التصعيد التجاري، بالإضافة إلى السياسات الاقتصادية المتبعة من قبل الدول الكبرى.
يتابع المستثمرون عن كثب البيانات الاقتصادية القادمة، لا سيما فيما يتعلق بمخزونات النفط الأمريكية، حيث تعد هذه البيانات مؤشرًا هامًا على توقعات الطلب العالمي. وفي نفس السياق، تشير الانتقادات والتصريحات السياسية إلى أن النزاع التجاري المستمر قد يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي العالمي، مما يزيد من فرص استمرار الركود وتراجع الطلب على الطاقة.
اقرأ أيضا…