انخفاض أسعار الذهب وسط المخاوف من الرسوم الجمركية وتركيز على بيانات الوظائف

انخفضت أسعار الذهب بنسبة 1% يوم الجمعة، حيث تراجع المستثمرون بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رسوم جمركية جديدة.
وتحرك المستثمرون نحو بيع الذهب بعد صدور هذه الأخبار، فيما انتقل التركيز إلى تقرير الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة للحصول على رؤية أوضح حول سياسة الاحتياطي الفيدرالي النقدية.
وسجل الذهب الفوري انخفاضا بنسبة 0.9% ليصل إلى 3,086.32 دولار للأوقية وقت نشر هذا التقرير، ولكنه ما زال في طريقه لتحقيق مكاسب أسبوعية خامسة متتالية.
تحركات العقود الآجلة والتقلبات السوقية
وتراجعت العقود الآجلة للذهب في السوق الأمريكية بنسبة 0.4% لتصل إلى 3,107.70 دولار. في الجلسة السابقة، وصل الذهب إلى أعلى مستوى تاريخي عند 3,167.57 دولار قبل أن ينخفض بأكثر من 2% في وقت لاحق، وذلك نتيجة بيع واسع النطاق تخلل الأسواق بسبب تطبيق الرسوم الجمركية على الواردات.
ويعكس هذا التراجع حالة من التقلبات العالية في الأسواق المالية وتفاعل المستثمرين مع السياسات التجارية الجديدة التي أعلنها الرئيس ترامب.
وأكد المحلل زين فاويدا من MarketPulse من OANDA أن الانخفاض في أسعار الذهب يرجع إلى مزيج من جني الأرباح وتوقعات السوق بشأن الرسوم الجمركية.
ويعتقد المحلل أن السوق بدأ يأخذ بعين الاعتبار احتمال أن تتفاوض بعض الدول على خفض الرسوم الجمركية، مما قد يحد من الزخم الصعودي للذهب في الوقت الراهن.
وأعلن ترامب عن فرض رسوم جمركية أساسية بنسبة 10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة مع فرض رسوم أعلى على بعض الشركاء التجاريين الرئيسيين، مما أضاف مزيداً من المخاوف إلى السوق وأدى إلى ضغوط بيعية على المعادن الثمينة.
تأثير الرسوم الجمركية على بيئة الاستثمار العالمية
يؤثر تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة على بيئة الاستثمار العالمية بشكل ملحوظ، حيث تحولت المخاوف من نزاعات تجارية محتملة إلى دافع للبيع في أسواق السلع الأساسية.
وتحركت الأسواق في إطار بحث المستثمرين عن الأمان، مما أدى إلى تراجع أسعار الأسهم وارتفاع الطلب على السندات الحكومية.
ويشير هذا التحول إلى أن تأثير السياسات التجارية لا يقتصر فقط على السوق الأمريكية، بل يمتد إلى الاقتصاد العالمي بأكمله.
وتواجه الأسواق تحديات كبيرة مع استمرار الاضطرابات السياسية والاقتصادية، مما يدفع المستثمرين إلى إعادة تقييم مراكزهم وتنويع محافظهم الاستثمارية.
بيانات الوظائف وتأثيرها على التوقعات النقدية
يتجه المستثمرون الآن نحو انتظار تقرير الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة، ويعتبر هذا التقرير مؤشرا مهما لتوجيه قرارات سياسة البنك الاحتياطي الفيدرالي، إذ يمكن أن يعكس مدى قوة سوق العمل في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
كما من المقرر أن يتحدث رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في وقت لاحق من اليوم، مما قد يوضح توجهات السياسات النقدية في المستقبل، ويتوقع بعض المحللين أن يتبنى باول نبرة أكثر تساهلاً، مما قد يدعم الأسواق ويحفز طلب الذهب كملاذ آمن.
تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي
وصرحت بعض المسؤولات في الاحتياطي الفيدرالي بأن البنك يمكنه التمهل لتقييم البيئة الاقتصادية غير المستقرة قبل اتخاذ قرارات بشأن أسعار الفائدة.
وعلى الرغم من أن الذهب يعتبر ملاذاً آمناً ضد التضخم وعدم اليقين الجيوسياسي، إلا أن ارتفاع أسعار الفائدة قد يقلل من جاذبيته، حيث لا يدر عوائد ثابتة للمستثمرين.
وتبرز هذه التصريحات حالة التردد بين المستثمرين الذين ينتظرون بيانات الوظائف والكلام الرسمي من الاحتياطي الفيدرالي لتحديد مسار السوق.
توقعات بنك HSBC وأسعار الذهب المستقبلية
رفع بنك HSBC توقعاته لمتوسط سعر الذهب لعامي 2025 و2026، حيث أصبح السعر المتوقع لعام 2025 عند 3,015 دولاراً ولعام 2026 عند 2,915 دولار للأوقية.
وجاء هذا الرفع في التوقعات نتيجة للمخاطر الجيوسياسية المتزايدة، مثل الصراع في أوكرانيا والتوترات في الشرق الأوسط، إلى جانب تغييرات في السياسة الخارجية الأمريكية وحالة عدم اليقين الاقتصادي العام.
ويرى البنك أن هذه العوامل ستدعم أسعار الذهب على المدى المتوسط، رغم أن عمليات الشراء المركزية قد تنخفض إذا تجاوز السعر مستوى 3,000 دولار للأوقية.
تأثير التوترات الجيوسياسية على الطلب على الذهب
تزداد المخاوف من أن التوترات الجيوسياسية المستمرة قد تؤدي إلى زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن. تعتبر الأزمات في أوكرانيا والنزاعات في الشرق الأوسط من بين العوامل التي تدفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الذهب.
وتستمر البنوك المركزية في شراء الذهب لتعزيز احتياطاتها، لكن HSBC تحذر من أن مستوى الشراء قد ينخفض عن ذروته التي سجلها في الفترة بين 2022 و2024 إذا استمرت الأسعار في الارتفاع فوق 3,000 دولار للأوقية.
وفي المقابل، قد يتصاعد الطلب الفيزيائي على الذهب وتزداد عمليات الشراء المؤسسية إذا انخفض السعر إلى مستويات تتراوح حول 2,700 إلى 2,800 دولار.
توقعات مستقبلية وتحليل المخاطر
يعتقد بعض المحللين أن تعافي أسعار الذهب قد يعتمد بشكل كبير على بيانات الوظائف الأمريكية وخطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي.
وإذا تبين أن سوق العمل لا يزال قويا وأن الاحتياطي الفيدرالي يتبنى موقفا متساهلا، فقد يشهد الذهب انتعاشا سريعا يعود بالأسعار إلى مستويات أعلى.
وعلى الجانب الآخر، قد تستمر المخاطر المرتبطة بالرسوم الجمركية والتوترات الجيوسياسية في الضغط على الأسواق، مما يجعل من الصعب التنبؤ باتجاه الذهب في المستقبل القريب.
ويتوقع المحللون أيضاً أن يؤدي احتمال تقوية الدولار في أواخر عام 2025 إلى كبح مكاسب الذهب، خاصة مع أن ارتفاع أسعار الذهب في عام 2024 كان مبنياً على توقعات بتخفيض أسعار الفائدة قد لا تتحقق.
تحركات أسعار المعادن الأخرى
لم يقتصر التراجع على الذهب فقط، بل شمل أيضاً معادن ثمينة أخرى. انخفض سعر الفضة الفورية بنسبة 1.6% ليصل إلى 31.38 دولار للأوقية، كما تراجعت أسعار البلاتين والبلاديوم، حيث سجل البلاتين انخفاضا بنسبة 1.4% عند 942.90 دولار والبلاديوم تراجعاً بسيطاً بنسبة 0.2% عند 926.69 دولار.
وتتزامن هذه الانخفاضات مع حالة بيع شاملة في أسواق المعادن، نتيجة للقلق العام بشأن تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد العالمي.
اقرأ أيضا…