أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

انخفاض أسعار النفط وسط توقعات بتأثير التعريفات الجمركية الصارمة على الطلب

شهدت أسواق النفط انخفاضا ملحوظا يوم الخميس، حيث تراجعت أسعار النفط بنسبة تصل إلى 3%، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تطبيق تعريفات جمركية جديدة كانت أعلى مما توقعه المستثمرون.

وتثير هذه السياسات مخاوف واسعة من اندلاع حرب تجارية عالمية قد تؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي العالمي وتقليل الطلب على الوقود.

وتأتي هذه التطورات في ظل حالة من عدم اليقين حيث ينتظر المستثمرون بترقب تأثير هذه الإجراءات على موازين العرض والطلب في السوق النفطية.

تفاصيل التعريفات الجمركية وتأثيرها

في خطوة مفاجئة، أعلن الرئيس ترامب يوم الأربعاء عن فرض تعريفات جمركية شاملة، حيث حدد سقفا أدنى بنسبة 10% لمعظم السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة، مع فرض رسوم أعلى بكثير على منتجات من عشرات الدول.

ووفقا للتقارير، جاءت هذه الخطوة لتأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى إعادة ضبط موازين التجارة الدولية، وقد أثارت هذه الإجراءات حالة من الذعر في الأسواق المالية.

حيث وصف محلل السوق Yeap Jun Rong من شركة IG بأن “الإعلان عن التعريفات الجمركية جاء بمعدل أكثر تشددا مما كان متوقعا، مما أثار مفاجأة في السوق”.

وأضاف أن “التوقعات السابقة كانت تشير إلى رسوم تتراوح بين 15 إلى 20%، لكن القرار النهائي جاء بشكل أكثر تشددا، مما زاد من المخاوف بشأن تأثيرها السلبي على النمو الاقتصادي العالمي.”

تأثير التعريفات على الاقتصاد العالمي

يتوقع المحللون أن تؤدي هذه التعريفات الجمركية الجديدة إلى ارتفاع مستويات التضخم، حيث يحتمل أن ترفع تكاليف الإنتاج وتؤدي إلى زيادة أسعار السلع والخدمات.

كما أن هذه الإجراءات قد تعيق النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، وهي أكبر مستهلك للنفط في العالم، مما ينعكس سلبا على الطلب على النفط.

وقد حذرت بعض التقارير من أن تطبيق رسوم جمركية شاملة بنسبة 20%-25% على واردات معظم الدول قد يؤدي إلى تفاقم التوترات التجارية عالميا، مما يزيد من احتمالية اندلاع حرب تجارية تؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي.

تأثير التعريفات على أسواق النفط

على صعيد أسعار النفط، شهدت عقود خام برنت انخفاضا بمقدار 1.97 دولار (2.63%) لتصل إلى 72.98 دولار للبرميل وقت نشر هذا التقرير، بعد أن انخفضت بنسبة تصل إلى 3.2% في وقت سابق من الجلسة، وهو أكبر انخفاض يومي منذ 5 مارس.

وعلى الجانب الآخر، تراجع خام غرب تكساس الأمريكي(WTI) بمقدار 2.01 دولار (2.80%) ليصل إلى 69.70 دولار للبرميل بعد أن هبط بنسبة تصل إلى 3.4% خلال فترة مبكرة من الجلسة.

ويعزى هذا التراجع إلى المخاوف من تأثير التعريفات الجمركية على الطلب العالمي، إذ يتوقع أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي مما ينعكس سلبا على استهلاك النفط.

تأثير البيانات الاقتصادية ومخزونات النفط

أسهمت بيانات معهد معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) في تعزيز حالة عدم اليقين في سوق النفط، حيث أظهرت بيانات المخزونات الأمريكية أن مخزونات النفط الخام ارتفعت بمقدار 6.2 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 28 مارس، وهو رقم يفوق توقعات المحللين الذين كانوا يتوقعون انخفاضًا بمقدار 2.1 مليون برميل فقط.

وتشير هذه الزيادة إلى تغير في تدفق العرض والطلب، حيث زادت واردات النفط من كندا، على الرغم من التوقعات بأن تتأثر تلك الواردات بالرسوم الجمركية.

كما أظهرت البيانات انخفاضا في الطلب على البنزين وتشغيل المصافي، وهو ما يشير إلى تراجع الطلب على المنتجات المكررة في وقتٍ يجب فيه زيادة الإنتاج استعدادا لموسم القيادة الصيفي.

ردود فعل الأسواق المالية والأسعار العالمية

أثارت هذه التطورات ردود فعل قوية في الأسواق المالية العالمية. ففي آسيا، شهد مؤشر نيكاي الياباني انخفاضا حادا حيث سجل أدنى مستوى له خلال ثمانية أشهر، فيما تراجعت قيمة اليوان الصيني إلى أدنى مستوياتها خلال سبعة أسابيع، مما يعكس حالة من الذعر في الأسواق نتيجة للتوترات التجارية.

وعلى مستوى الأسهم العالمية، شهدت أسواق الأسهم تذبذبا شديدا نتيجة لتداعيات هذه السياسات التجارية، حيث انتشرت مخاوف من احتمال تباطؤ النمو الاقتصادي عالميا، مما دفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الأصول الآمنة مثل الذهب.

تأثير التوترات الجيوسياسية

يأتي تراجع أسعار النفط وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية أيضا ضمن العوامل المؤثرة. فقد شهدت الولايات المتحدة تصاعدا في الضغوط على إيران وروسيا، حيث قام ترامب بتهديد إيران بإجراءات عسكرية إضافية، كما هدد بفرض تعريفات ثانوية على المشترين للنفط الروسي إذا ما حاولت موسكو عرقلة جهوده لإنهاء الصراع في أوكرانيا.

وتعد هذه التهديدات جزءا من حملة “الضغط الأقصى” التي تتبعها إدارة ترامب، والتي قد تحد من تدفق النفط من الدول المستهدفة، مما يدعم الأسعار مؤقتا، رغم تأثيرها السلبي على النمو الاقتصادي العالمي.

تحركات منظمة أوبك+ وآفاق الإنتاج

يظل تأثير السياسات التجارية على إنتاج النفط جزءا حاسما من معادلة الأسعار، ففي ظل حالة عدم اليقين التي خلقها ترامب، تشير التقارير إلى أن مجموعة أوبك+ ستلتزم بخططها لزيادة الإنتاج، إذ من المتوقع أن تعلن المجموعة عن زيادة إنتاج بمقدار 135,000 برميل يوميا في مايو، مع سعيها لإقناع كازاخستان بالتوقف عن تجاوز حصتها الإنتاجية.

وتعد هذه التحركات محاولة لضبط فائض الإنتاج في الأسواق العالمية، ولكنها قد لا تكون كافية لتعويض تأثير التعريفات الجمركية التي تُؤثر على الطلب العالمي.

توقعات المحللين وتأثيرها على الأسعار

أعرب محللو سوق النفط عن توقعاتهم بأن تأثير التعريفات الجمركية الأمريكية سيستمر في فرض ضغوط على النمو الاقتصادي العالمي، مما قد يؤدي إلى انخفاض الطلب على النفط على المدى البعيد.

وقد قامت بعض المؤسسات مثل UBS بتخفيض توقعاتها لأسعار النفط لعام 2025 بمقدار 3 دولارات للبرميل، لتصل إلى 72 دولار للبرميل، في ظل ضعف الأسس الاقتصادية العالمية.

كما يتوقع أن تظل أسعار النفط متقلبة على المدى القريب، مع إمكانية حدوث تقلبات كبيرة إذا ما تغيرت السياسات التجارية أو ظهرت مفاوضات جديدة تُعيد توازن العرض والطلب.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى