ارتفاع أسعار النفط مع توقعات بتراجع تعطل الإمدادات

شهدت أسعار النفط ارتفاعا طفيفا يوم الاثنين، حيث ارتفعت على خلفية تقييم المستثمرين لتأثير العقوبات الأمريكية الجديدة على صادرات النفط الإيراني مقابل الآمال المتعلقة بمحادثات وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا.
وعلى الرغم من أن الأسعار قد انخفضت في بداية الجلسة، إلا أن المؤشرات تشير إلى انتعاش طفيف قد يُحدث تغيرًا في ديناميكيات السوق العالمية، خاصةً مع تزايد المخاوف بشأن استمرار التدابير الأمريكية وتأثيرها على العرض العالمي.
تأثير العقوبات الأمريكية على إيران
أعلنت الولايات المتحدة عن مجموعة جديدة من العقوبات التي تستهدف صادرات النفط الإيراني، ما يتوقع أن يؤدي إلى انخفاض في شحنات النفط الإيراني، خصوصا إلى الصين.
فقد صرح بأن بعض الناقلات والمصفاة المملوكة للقطاع الخاص ستتعرض لزيادة في الرسوم والتكاليف، مما سيؤدي إلى رفع تكلفة الشحن وتشجيع المشترين على البحث عن بدائل أو إيجاد طرق للتغلب على العقوبات.
ورغم ذلك، يتوقع بعض المتداولين أن يجد المشترون حلولا مبتكرة لضمان استمرار تدفق كميات معينة من النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية، مما يشكل تحديا للجهات التي تسعى لتقييد العرض.
تأثير محادثات وقف إطلاق النار في أوكرانيا
على الجانب الآخر، تأتي محادثات وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا كعامل محتمل قد يؤدي إلى زيادة الإمدادات النفطية العالمية، إذ يتوقع أن يؤدي التوصل إلى اتفاق سلمي إلى رفع القيود المفروضة على صادرات النفط الروسي.
وقد بدأت آمال جديدة تتبلور مع بدء محادثات بين وفود أمريكية وروسية حول التوصل إلى وقف إطلاق نار في البحر الأسود ونهاية أوسع لعمليات القتال في أوكرانيا.
ومع ذلك، يؤكد بعض المحللين أن أي اتفاق سلام قد لا يؤدي على الفور إلى زيادة كبيرة في صادرات النفط الروسي، بل قد يكون تأثيره متأخرا بعض الشيء، إذ يتطلب الأمر وقتا لتعديل خطوط الإنتاج وشحن النفط.
الوضع الفني والبيانات المؤثرة
أظهر سوق النفط دعما فنيا في الأيام الأخيرة، إذ سجلت عقود خام برنت ارتفاعا طفيفا بمقدار 4 سنتات لتتداول عند 72.2 دولار للبرميل، فيما ارتفعت عقود خام غرب تكساس (WTI) بنسبة مماثلة لتصل إلى 68.36 دولار للبرميل.
وقد ساعد انخفاض المخزونات الأمريكية للمنتجات النفطية، خاصة المقطرات، في دعم الأسعار، على الرغم من أن هناك بعض المخاوف بشأن زيادة الإنتاج من قبل مجموعة أوبك+ التي أعلنت عن خطة جديدة لخفض الإنتاج لتعويض الإنتاج الزائد عن الحصص المتفق عليها.
وكان السوق استمد دعمه مؤخرا من حالة عدم اليقين التي خلقتها العقوبات الأمريكية والتوترات الجيوسياسية، مع تراجع الطلب بسبب المخاوف المتعلقة بالتوتر التجاري.
ورغم ذلك، يتوقع أن يظل الاتجاه الصاعد على المدى القصير مع احتمال حدوث تقلبات فنية إذا ما حدث تعديل في توقعات الإنتاج أو تغير في السياسات التجارية.
تأثير السياسات الأمريكية والتوترات العالمية
لا يقتصر تأثير التطورات على جانب العقوبات الأمريكية فحسب، بل تمتد لتشمل الضغوط الناتجة عن التوترات العالمية، وخاصة تلك المتعلقة بالمحادثات بين روسيا وأوكرانيا.
فبينما تعد العقوبات الأمريكية على إيران عاملا مؤثرا في تقليص العرض، تضيف محادثات وقف إطلاق النار بعدا آخر قد يؤثر على تدفق النفط الروسي.
وقد أكدت التقارير أن مجموعة أوبك+ تتخذ إجراءات لتعديل مستويات الإنتاج، إذ أعلنت عن زيادة إنتاج لبعض أعضائها بمقدار 138,000 برميل يوميا اعتبارا من أبريل، في محاولة لتعويض الإنتاج الزائد عن الحصص التي تم الاتفاق عليها منذ عام 2022.
لكن هذا القرار لم يلغ المخاوف من أن يؤدي الاتفاق مع روسيا وأوكرانيا إلى زيادة تدفق النفط الروسي بمرور الوقت.
توقعات مستقبلية وتحديات قادمة
يبقى المستقبل في سوق النفط محفوفًا بالتحديات، إذ تواجه الأسعار ضغطا من عدة عوامل متداخلة، فمن جهة، قد تؤدي العقوبات الأمريكية الجديدة إلى تقليل الإمدادات النفطية على المدى القصير، مما يدعم الأسعار.
ومن جهة أخرى، قد يحدث التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا زيادة في العرض إذا ما تم تخفيف العقوبات على النفط الروسي، ما قد يؤدي إلى ضغوط هبوطية على الأسعار.
كما أن توقعات الإنتاج الإضافي من قبل مجموعة أوبك+ تشكل تحديا آخر، إذ قد تؤدي زيادة الإنتاج إلى خلق فائض في العرض إذا لم يترافق مع نمو ملموس في الطلب العالمي.
وفي الوقت نفسه، يتعين على المستثمرين متابعة البيانات الاقتصادية الرئيسية وتطورات السياسات التجارية والدبلوماسية التي ستحدد معالم السوق في الأشهر المقبلة.
وبينما يترقب المستثمرون المزيد من التقارير الرسمية بشأن المخزونات والإنتاج العالمي، يبقى السؤال قائمًا حول مدى تأثير هذه التطورات على أسعار النفط في المستقبل القريب.
ختاما يظل سوق النفط اليوم في حالة من التوازن الحساس بين عوامل دعم العرض مثل العقوبات الأمريكية والتوترات الجيوسياسية، وبين التحديات المحتملة الناجمة عن اتفاقات وقف إطلاق النار والتغييرات في سياسات الإنتاج العالمية.
ومع استمرار التطورات في السياسة التجارية وتحولات العرض والطلب، سيستمر المستثمرون في مراقبة كل من العقوبات الأمريكية والمحادثات الدبلوماسية التي قد تعيد تشكيل معادلة السوق.
وبينما يبقى الدعم الفني موجودا بفضل انخفاض المخزونات الأمريكية والإشارات الإيجابية من مجموعة أوبك+، فإن المخاوف المتعلقة بزيادة العرض العالمي تظل تشكل تحديا رئيسيا يجب متابعته عن كثب لتحديد مستقبل أسعار النفط على المدى القصير والبعيد.
اقرأ أيضا…