انخفاض أسعار النفط وسط اتفاق بوتين على وقف هجمات منشآت الطاقة

شهدت أسعار النفط تراجعا طفيفا يوم الأربعاء بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن موافقته على وقف هجمات المنشآت الطاقية في أوكرانيا لفترة مؤقتة.
وجاءت هذه الخطوة ردا على مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي دعا إلى وقف متبادل للهجمات بين موسكو وكييف، وهو ما أثار آمالا في تقليل الاضطرابات التي أثرت على إمدادات النفط العالمية.
ومع ذلك، لم يتم التوصل بعد إلى وقف إطلاق النار الكامل لمدة 30 يوما كما كان يأمل ترامب، مما يترك مجالا للتقلبات في السوق واستمرار تأثيرات المخاوف السياسية والاقتصادية.
تأثير الاتفاق على العرض والطلب
أدى التراجع الطفيف في أسعار النفط إلى هبوط عقود خام برنت المستقبلية بمقدار 11 سنتا (0.16%) لتتداول عند 69.97 دولار للبرميل وقت نشر هذا التقرير، بينما انخفض خام غرب تكساس الأمريكي(WTI) بنسبة 0.18% ليصل إلى 66.78 دولار للبرميل.
ويعزى هذا التراجع إلى أن الاتفاق الذي أعلنه بوتين لم يتضمن تأييدا كاملا لفترة وقف إطلاق النار المطلوبة، مما يترك المخاوف قائمة بشأن قدرة روسيا على إعادة تدفق المزيد من نفطها إلى الأسواق العالمية في المدى القريب.
فقد تراجعت ثقة المتداولين في زيادة إمدادات النفط الروسي بسبب استمرار العقوبات والغرامات المفروضة نتيجة للصراع المستمر في أوكرانيا.
تأثير السياسات الجمركية وتوترات التجارة
في الوقت نفسه، تلعب السياسات التجارية الأمريكية دورا مهما في خلق حالة من عدم اليقين في الأسواق، فقد أدت التعريفات الجمركية المفروضة على واردات السلع من كندا والمكسيك والصين إلى زيادة المخاوف بشأن تأثيرها السلبي على النمو الاقتصادي العالمي، وهو ما أثر بشكل مباشر على الطلب على النفط.
ويشير محلل شركة Panmure Liberum إلى أن هذه السياسات، إلى جانب المخاوف من تصاعد حروب التجارة، قد تؤدي إلى تراجع مؤقت في أسعار النفط إذا ما انخفض الطلب العالمي نتيجة تباطؤ النشاط الاقتصادي.
دور الأحداث الجيوسياسية والمخاوف الإقليمية
ساهمت الأحداث الجيوسياسية في دعم ارتفاع أسعار النفط، رغم التراجع الذي شهده السوق مؤخرا، فقد جاء قرار بوتين بوقف هجمات المنشآت الطاقية في أوكرانيا بمثابة خطوة إيجابية للتقليل من المخاوف بشأن تعرض إمدادات النفط للاضطرابات، إلا أنه لم يحقق التأثير الكامل الذي كان يتوقعه المستثمرون، خاصةً مع استمرار التوترات في مناطق أخرى من الشرق الأوسط.
إذ تصاعدت المخاوف مرة أخرى مع استمرار التصعيد في الهجمات الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث أفادت السلطات الفلسطينية بأن الضربات الجوية أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 200 شخص. يُضاف إلى ذلك المخاوف الناجمة عن السياسات الأمريكية، حيث أعلن ترامب عن مواصلة الهجمات على الحوثيين في اليمن وتحميل إيران المسؤولية عن أي هجمات مستقبلية تُرتكب من قبل الحوثيين.
البيانات الاقتصادية وموقف الاحتياطي الفيدرالي
على الصعيد الاقتصادي، تظهر بيانات المخزونات الأمريكية تباينا في العرض والطلب؛ إذ ارتفعت مخزونات النفط الخام بمقدار 4.59 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 14 مارس، بينما انخفضت مخزونات البنزين بنسبة 1.71 مليون برميل ومخزونات المقطرات بنسبة 2.15 مليون برميل، وفقا لبيانات معهد البترول الأمريكي.
كما يترقب المستثمرون صدور بيانات الحكومة الرسمية التي قد تقدم مزيدا من التفاصيل حول التوازن بين العرض والطلب في السوق، وهو ما يؤثر بشكل كبير على توقعات الأسعار.
التحديات المستقبلية وتأثير السياسة الأمريكية
يظل مستقبل أسعار النفط متأثرا بعدة عوامل رئيسية، منها التوترات الجيوسياسية المستمرة، والسياسات الحمائية التي تتبعها الإدارة الأمريكية، بالإضافة إلى توقعات زيادة الإنتاج من قبل مجموعة أوبك+ في أبريل.
ورغم أن الاتفاق الذي أعلن عنه بوتين يقلل من مخاطر اضطراب الإمدادات مؤقتا، فإن عدم وضوح موقف روسيا بشأن وقف إطلاق النار الكامل في أوكرانيا يبقي السوق في حالة من التذبذب.
كذلك، تستمر التصريحات المتقلبة من قبل الرئيس ترامب بشأن السياسات التجارية، والتي قد تؤدي إلى مزيد من التقلبات في الأسعار إذا ما أثرت على الطلب العالمي بشكل كبير.
ختاما في ظل هذه البيئة المتقلبة، شهد سوق النفط ارتفاعا طفيفا يوم الأربعاء مدعوما بانخفاض المخاوف بشأن اضطرابات الإمدادات الناجمة عن الصراع في أوكرانيا، إلى جانب بعض الأمل في تقليل تأثير العقوبات على النفط الروسي.
ومع ذلك، تبقى المخاوف المتعلقة بالتوترات التجارية والضغوط الناتجة عن السياسات الحمائية الأمريكية مصدر قلق رئيسي للمستثمرين، مما يجعل مستقبل الأسعار معتمدا على عدة عوامل متداخلة، تشمل التطورات السياسية والجيوسياسية، بالإضافة إلى التوازن بين العرض والطلب في الأسواق العالمية.
وبينما يترقب المستثمرون المزيد من البيانات الرسمية التي قد توضح الصورة بشكل أفضل، يبقى السوق في حالة ترقب لتطورات جديدة قد تعيد تشكيل مسار أسعار النفط في الفترة المقبلة.
اقرأ أيضا…