استقرار أسعار الذهب وسط تصحيح فني وترقب قرار الاحتياطي الفيدرالي

شهدت أسعار الذهب تراجعا طفيفا يوم الأربعاء بعد وصول الأسعار إلى أعلى مستوياتها التاريخية، حيث بدأ المستثمرون في جني الأرباح عقب الارتفاع الحاد الذي حققه المعدن الثمين.
وجاء هذا التراجع في وقت يتوقع فيه صدور قرار هام من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في وقت لاحق من اليوم، وهو ما قد يؤثر على توجهات السياسات النقدية في الفترة القادمة، وتعتبر هذه الحالة مؤشرا على أن السوق دخلت مرحلة من التصحيح الفني بعد فترة من الارتفاع الكبير.
حركة أسعار الذهب وتفاصيل الأداء
سجل الذهب الفوري انخفاضا بنسبة 0.2% ليصل إلى 3,027.89 دولار للأوقية وقت نشر هذا التقرير، بعد أن سجل أعلى مستوى له خلال الجلسة عند 3,045.24 دولار للأوقية.
وفي نفس الوقت، تراجعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 0.1% لتتداول عند 3,036.60 دولار للأوقية.
ويعزى هذا التراجع إلى عمليات جني الأرباح التي نفذها المستثمرون بعد الصعود السريع الذي شهدته أسعار الذهب، إذ كانت المكاسب التي حققها الذهب سريعة جدا مما دفع بعض المستثمرين إلى بيع مراكزهم لتحقيق أرباح قصيرة الأجل.
وأشار سوني كوماري، كبير استراتيجيي السلع في بنك ANZ، إلى أن السوق قد يشهد المزيد من الارتفاع إذا ما استمرت المخاوف الجيوسياسية في دفع الطلب على الذهب، حيث من الممكن أن تتجاوز الأسعار مستوى 3,050 دولار للأوقية.
وأضاف: “سيكون من المدهش ألا نرى مستوى 3,150 دولار في الأشهر القادمة، رغم أن هذا الارتفاع قد يحدث بسرعة أكبر مما توقعنا سابقا.” ويظهر هذا التصريح أن بعض المحللين يحتفظون بنظرة تفاؤلية تجاه الذهب، على الرغم من وجود ضغوط فنية وأخبار اقتصادية سلبية قد تؤدي إلى تذبذب الأسعار على المدى القصير.
تأثير السياسات التجارية والاقتصادية
تأتي هذه التحركات في ظل مخاوف متزايدة بشأن تأثير السياسات التجارية التي يتبعها الرئيس دونالد ترامب، إذ أكد وزير الخزانة سكوت بيسنت في تصريحات سابقة عدم وجود ضمانات لعدم حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة.
وقد أثارت هذه التصريحات قلق المستثمرين بشأن تأثير السياسات الحمائية على النمو الاقتصادي، مما دفعهم إلى اللجوء إلى الذهب كأصل آمن.
وفي الوقت نفسه، تراجعت أسواق الأسهم الأمريكية بشكل حاد الأسبوع الماضي نتيجة لتهديدات التعريفات الجمركية على أكبر شركاء التجارة الأمريكية، مما ساهم في تعزيز جاذبية الذهب كملاذ يحمي الاستثمارات من المخاطر الاقتصادية.
تأثير قرار الاحتياطي الفيدرالي وتوقعات أسعار الفائدة
يتجه أنظار المستثمرين الآن إلى اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي سيعقد اليوم، حيث يتوقع أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة ضمن النطاق الحالي (4.25%-4.50%).
ويعتبر هذا القرار ذا أهمية قصوى، إذ إن سياسة الاحتياطي الفيدرالي في عدم تغيير أسعار الفائدة قد تساهم في استمرار جاذبية الذهب في ظل بيئة أسعار الفائدة المنخفضة.
وتظهر بيانات سوق المال توقعات بنسبة 98% لتخفيض أسعار الفائدة في يونيو، ما يزيد من احتمالية استمرار دعم أسعار الذهب، إذ يعتبر الذهب أداة تحوط مثالية ضد التضخم والتقلبات الاقتصادية.
تأثير الأحداث الجيوسياسية على المعنويات
تواجه الأسواق أيضا ضغوطا من الجانب الجيوسياسي، إذ أشارت تصريحات بعض المسؤولين إلى إمكانية اندلاع مزيد من التوترات في الشرق الأوسط، خاصة مع التصعيد المحتمل للهجمات الجوية الإسرائيلية، مما قد يدفع المستثمرين إلى زيادة عمليات الشراء على الذهب كأصل يحميهم من المخاطر.
وفي هذا السياق، أشار محلل هان تان من مجموعة Exinity إلى أن هذه المخاوف قد تُدفع الأسعار إلى مستويات أعلى، حيث أن حالات الخوف من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي تعزز من الطلب على الذهب.
التحليل الفني والعوامل الداعمة
يشير التحليل الفني إلى أن الذهب قد يكون قد بلغ مرحلة من “الإفراط في الشراء” على المدى القصير، ما قد يؤدي إلى حدوث بعض عمليات جني الأرباح، إلا أن الدعم القوي من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية قد يمنع هذا التصحيح من أن يتحول إلى اتجاه هبوطي طويل الأجل.
ويذكر أن الذهب قد حقق 15 رقما قياسيا خلال هذا العام، مما يدل على قوة الطلب الذي يدفع المستثمرين إلى شراء الذهب بغض النظر عن التقلبات الفنية.
كما تشير بعض المؤشرات إلى أن استمرار سعر الذهب فوق مستوى 3,000 دولار للأوقية قد يحفز المزيد من عمليات الشراء، مما قد يساهم في دفع الأسعار إلى مستويات أعلى في المستقبل القريب.
ختاما في ظل هذه البيئة المتقلبة، يظل الذهب يحتفظ بمكانته كأصل استراتيجي وملاذ آمن للمستثمرين، فبينما يتوقع أن يشهد الذهب بعض التصحيحات الفنية على المدى القصير نتيجة عمليات جني الأرباح، إلا أن الدعم القوي من عوامل عدم اليقين الجيوسياسية والتوقعات بتخفيض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي يجعل من الذهب خيارا جذابا في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
ومع استمرار تقلبات الأسواق المالية، يظل تركيز المستثمرين منصبا على البيانات الاقتصادية القادمة، وخاصة قرار الاحتياطي الفيدرالي، الذي سيحدد بالتالي مدى استمرار دعم أسعار الذهب واستقرارها في الفترة المقبلة.
اقرأ أيضا…
2 تعليقات