ارتفاع مؤشرات الأسهم الأمريكية وسط انتعاش مؤقت في ظل سياسات التعريفات المتقلبة

شهدت أسواق الأسهم الأمريكية انتعاشا ملحوظا يوم الاثنين، حيث تمكنت المؤشرات الرئيسية من تحقيق مكاسب بعد فترة طويلة من الهبوطات التي استمرت لأربعة أسابيع على وول ستريت.
وجاء هذا الانتعاش في ظل استمرار المخاوف الناتجة عن السياسات الجمركية المتقلبة التي يتبعها الرئيس دونالد ترامب، والتي أدت إلى تراجع ثقة المستهلكين والشركات. ومع ذلك، تمكنت بعض القطاعات من التعافي بفضل بيانات مبيعات التجزئة لشهر فبراير وتوقعات بأن يكون التصحيح الفني على المؤشرات جزءًا طبيعيًا من دورة السوق.
أداء المؤشرات الرئيسية
أنهت مؤشرات الأسهم الأمريكية الجلسة بارتفاعات إيجابية ملحوظة. فقد زاد مؤشر S&P 500 بنسبة 0.64% ليغلق عند 5,675.12 نقطة، بينما سجل مؤشر ناسداك المركب ارتفاعًا بنسبة 0.31% ليتداول عند 17,808.66 نقطة.
كما حقق مؤشر داو جونز الصناعي مكاسب قدرها 353.44 نقطة (0.85%) ليصل إلى 41,841.63 نقطة. وساهمت المكاسب التي سجلتها شركات مثل وول مارت وآي بي إم في دعم مؤشر داو جونز، حيث لعبت تلك الشركات دورًا مهمًا في تحقيق الانتعاش الذي سجله السوق يوم الاثنين.
تأثير السياسات الجمركية والتعريفات المتقلبة
يواجه المستثمرون تحديات كبيرة بسبب السياسات التجارية غير المستقرة التي أعلن عنها الرئيس ترامب منذ توليه السلطة. فقد أدت سلسلة من الإفادات المتضاربة بشأن فرض التعريفات أو تأجيلها إلى خلق حالة من الارتباك، مما أثر على معنويات المستثمرين.
فقد أشارت تصريحات ترامب المتكررة إلى أن التعريفات على واردات السلع من كندا والمكسيك ستظل قيد التنفيذ، مما أثار مخاوف من تأثيرها السلبي على النمو الاقتصادي.
وفي هذا السياق، عبر بعض المحللين عن قلقهم من أن هذه السياسات قد تدفع السوق إلى تصحيح فني أعمق، حيث يتوقع البعض أن ينخفض مؤشر S&P 500 إلى حوالي 5,400 نقطة، وهو ما يعكس إمكانية تراجع يصل إلى أكثر من 4% من مستويات إغلاق يوم الاثنين.
آراء الخبراء والتوقعات المستقبلية
يرى محللو الاستثمار أن التصحيحات في السوق، على الرغم من كونها سلبية على المدى القصير، تُعد جزءًا من دورة طبيعية تساعد على “تفريغ اليدين الضعيفتين” وتحقيق توازن في السوق. فقد قال سام ستوفال، كبير الاستراتيجيين في CFRA Research:”نحن في مرحلة من الانتعاش المضاد للمؤشرات قصيرة الأجل، وهذا التصحيح قد يساعد على إزالة بعض المراكز الضعيفة لتمهيد الطريق للعثور على قاع للسوق.”
من ناحية أخرى، أظهرت بيانات مبيعات التجزئة لشهر فبراير أن المستهلكين لم يتراجعوا بشكل حاد عن الإنفاق، إذ ارتفعت المبيعات بنسبة 0.2%، على الرغم من توقعات زيادة بنسبة 0.6%، فيما سجلت المبيعات دون السيارات زيادة بنسبة 0.3%، وهو ما يتماشى مع توقعات الاقتصاديين. وقد لعبت هذه البيانات دورًا مهمًا في تخفيف حدة المخاوف بشأن تباطؤ النشاط الاقتصادي، مما ساهم في رفع معنويات السوق في الأيام الأخيرة.
وأضاف محلل من Baird أن الاستجابة لمثل هذه التصحيحات تُعتبر “طبيعية وصحية”، حيث أن الأسواق الأمريكية شهدت فترات من الارتفاع المفرط خلال العامين الماضيين، ومن الطبيعي أن تتبع هذه الفترات تصحيحات تُعيد توازن الأسعار. كما أشارت تصريحات وزير الخزانة سكوت بيسنت إلى أن بعض الألم الاقتصادي قد يكون ضروريًا لإعادة ضبط النظام الاقتصادي قبل أن تنعكس التحسينات في النمو الاقتصادي على مستوى واسع.
ختاما في ظل التقلبات الحالية والتحديات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي، تمكنت مؤشرات الأسهم من تسجيل انتعاش مؤقت بعد فترة من الهبوطات المستمرة التي أثارت مخاوف من الركود.
وعلى الرغم من أن سياسات ترامب المتقلبة بشأن التعريفات الجمركية لا تزال تُشكل مصدر قلق كبير للمستثمرين، فإن التصحيحات الفنية في السوق تعتبر جزءا من الدورة الطبيعية للأسواق.
كما أن بيانات مبيعات التجزئة التي أشارت إلى استمرار الإنفاق بمعدل ثابت، إلى جانب تصريحات الخبراء التي تدعو إلى النظر إلى التصحيح كفرصة لإزالة المراكز الضعيفة، توفر بعض الثقة في أن السوق قد يجد قاعه قريبا.
وفي هذا السياق، يبقى التركيز منصبا على التطورات القادمة، بما في ذلك اجتماع الاحتياطي الفيدرالي والبيانات الاقتصادية الأخرى التي من شأنها أن تحدد مسار النمو الاقتصادي والأسواق المالية في المستقبل القريب.
اقرأ أيضا…