أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

الذهب يقترب من مستويات قياسية وسط توقعات تخفيض أسعار الفائدة

يشهد سوق الذهب ارتفاعا ملحوظا، حيث يتداول الذهب بالقرب من أعلى مستوياته التاريخية في ظل توقعات بتخفيض أسعار الفائدة الأمريكية وتذبذب السياسات التجارية.

وجاءت المكاسب الأخيرة مدعومة بطلب المستثمرين على الأصول الآمنة، في ظل حالة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي نتجت عن تصاعد المخاوف من تأثير التعريفات الجمركية على النمو الاقتصادي.

وقد سجل الذهب الفوري ارتفاعا طفيفا بنسبة 0.3% ليصل إلى 2,940.99 دولار للأوقية وقت كتابة هذا التقرير، وهو يقارب 16 دولار عن الرقم القياسي الذي تحقق في 24 فبراير عند 2,956.15 دولار للأوقية.

دعم الذهب من توقعات تخفيض أسعار الفائدة

يعزى استمرار ارتفاع أسعار الذهب إلى آمال المستثمرين في تخفيض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، خاصةً مع تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي.

فقد خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس العام الماضي، لكنه ظل متحفظًا منذ ذلك الحين، وفي ظل هذا البيئة التي تفضل الأصول التي لا تدر عائدا، يظل الذهب خيارا جذابا، إذ يُنظر إليه كملاذ آمن ضد التضخم ومخاطر الركود.

وقد أوضح أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في بنك ساكسو، أن “الذهب يستمر في الحصول على دعم قوي من توقعات تخفيض أسعار الفائدة، إذ أن المخاوف من تباطؤ الاقتصاد وظهور حالات ركود تضخمي قد تسرع من اتخاذ إجراءات تخفيضية من قبل البنك المركزي.” وقد دفعت هذه التوقعات المستثمرين إلى دعم سعر الذهب، مما أثر إيجابا على معنويات السوق.

تأثير السياسات التجارية والتعريفات الجمركية

تعاني الأسواق من تأثيرات سلبية بسبب السياسات التجارية المتقلبة التي يتبعها الرئيس دونالد ترامب، الذي فرض تعريفات جديدة على واردات السلع من كندا والمكسيك، بالإضافة إلى رفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية.

وقد أدت هذه الإجراءات إلى حالة من التقلب في الأسواق العالمية وزادت من مخاوف المستثمرين بشأن تداعياتها على النمو الاقتصادي.

وفي ظل هذا السياق، أثرت هذه السياسات سلبًا على الثقة في الاقتصاد، مما جعل الطلب على الأصول الآمنة مثل الذهب يرتفع. وأوضحت التحليلات أن المخاوف من تأثير التعريفات على التضخم والنمو الاقتصادي تساهم في تعزيز التوجه نحو شراء الذهب كوسيلة للتحوط ضد المخاطر.

ردود فعل الأسواق والمؤشرات الفنية

في ظل انخفاض مؤشر الدولار الأمريكي (.DXY) إلى أدنى مستويات خلال أربعة أشهر، أصبح الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين الدوليين، إذ يساهم ضعف الدولار في خفض تكلفة الذهب للمشترين بعملات أخرى.

وعلى الرغم من ذلك، تبقى الأسواق متقلبة بسبب التداعيات المتعددة للسياسات التجارية، وأشارت تقارير من المحللين إلى أن الدعم الفني للذهب قوي، وأن استمرار الاتجاه الصعودي يعتمد على استمرار ضعف الدولار وتراجع المخاوف الاقتصادية.

وفي هذا السياق، يتوقع بعض المحللين أن يكون الذهب قادرًا على تحقيق مستويات أعلى إذا استمرت البيانات الاقتصادية في دعم توقعات تخفيض أسعار الفائدة.

توقعات أسعار الذهب وآفاق النمو

رفعت مؤسسة Macquarie توقعاتها لسعر الذهب إلى 3,150 دولارًا للأوقية للربع الثالث من العام، مع إمكانية وصول السعر إلى 3,500 دولار في ظروف إيجابية.

وقد عبر محللون عن تفاؤلهم بأن استمرار التوترات التجارية وسياسات التعريفات سيبقي الطلب على الذهب مرتفعا، خاصة إذا ما أدت هذه العوامل إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم.

في ظل هذه الظروف، ينظر إلى الذهب كأصل استراتيجي قادر على حماية المحافظ الاستثمارية من تقلبات الأسواق.

نظريات محتملة وراء الارتفاع غير التقليدي

هناك ثلاث نظريات تفسر الأداء الحالي للذهب.

الأولى تفترض أن الذهب لم يعد مرتبطا بالأصول الأخرى كما كان متوقعا بعد قرون من السلوك المستقر والموثوق. لكن هناك شك في هذا الاحتمال إذ ترى العلاقات التقليدية منطقية على الرغم من أن الظروف الحالية قد تعطلها مؤقتا.

النظرية الثانية تشير إلى حدوث تحول جذري أو “تغير في النموذج” في سوق الذهب، بحيث يتأثر بشكل أقل بالعوامل الاقتصادية الغربية، وقد يكون السوق أصبح يتأثر بصورة أكبر بالآسيويين، خاصة مع صعود الصين كلاعب رئيسي في إنتاج واستهلاك الذهب. في هذا السياق، قد يكون تأثير المستثمرين في الشرق أكبر مما كان يُعتقد سابقًا، مما يغير آلية تحديد الأسعار.

أما النظرية الثالثة، والأكثر إثارة للاهتمام، فتفترض أن هناك لاعبًا كبيرًا وغامضًا يقود الطلب على الذهب عبر مشتريات ضخمة وبعزيمة عالية. وتظهر هذه النظرية من خلال البيانات غير الشفافة التي تُظهر زيادة في الطلب على الذهب دون وجود دلائل واضحة من البيانات التقليدية مثل إحصائيات الشحن أو مخزون الخزائن.

وقد يكون هذا اللاعب هو أحد المشترين ذوي المواقف القوية، مثل البنوك المركزية أو المستثمرين الكبار، الذين يؤثرون على السوق بما يتجاوز التحليل التقليدي.

تأثير التقلبات على المعادن الثمينة الأخرى

على صعيد المعادن الأخرى، شهدت أسعار الفضة انخفاضًا طفيفًا، فيما حافظت أسعار البلاتين والبلاديوم على استقرار نسبي. تعكس هذه التحركات تباين الاستجابة بين المعادن المختلفة، حيث يُعتبر الذهب الأكثر جاذبية في ظل الأوضاع الراهنة، بفضل موقعه كملاذ آمن ومخزن للقيمة.

 

ختاما يظل الذهب في مقدمة الأصول الآمنة وسط تقلبات السوق المتزايدة نتيجة لتقلبات السياسات التجارية وتوقعات تخفيض أسعار الفائدة الأمريكية. يدعم ضعف الدولار واستمرار المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي ارتفاع سعر الذهب، في وقت يترقب فيه صدور بيانات اقتصادية هامة مثل مؤشر أسعار المستهلك ومؤشرات سوق العمل.

وبينما يعزز الدعم الفني وتوقعات التخفيضات من احتمال تحقيق مكاسب مستقبلية للذهب، يبقى المستثمرون في حالة ترقب لتطورات السياسة النقدية والتجارية التي قد تُعيد تشكيل معالم الأسواق العالمية في الأشهر القادمة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى