استقرار أسعار الذهب وترقب لبيانات التضخم

شهدت أسعار الذهب ارتفاعا طفيفا يوم الأربعاء، بدعم من انخفاض قيمة الدولار وتدفقات الملاذ الآمن، وسط حالة من عدم اليقين التي أثارتها السياسات الجمركية المتقلبة التي يتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
يأتي ذلك في ظل ترقب المستثمرين لبيانات مؤشر أسعار المستهلك (CPI) الأمريكية المرتقبة والتي ستكشف عن توقعات التضخم والمسار المستقبلي لأسعار الفائدة.
وفي الوقت نفسه، تسعى الأسواق إلى تقييم تأثير هذه السياسات على النمو الاقتصادي الأمريكي وتداعياتها على المعطيات المالية العالمية.
تحركات الذهب وتأثير ضعف الدولار
ارتفعت أسعار الذهب بشكل طفيف يوم الأربعاء، حيث حافظ الذهب الفوري على استقراره عند حوالي 2,919 دولار للأوقية، بينما ارتفعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة إلى ما يقارب 2,920 دولارًا للأوقية.
ويعزى هذا الارتفاع إلى ضعف الدولار الذي تراجع إلى أدنى مستوياته خلال فترة أربعة أشهر، مما جعل الذهب المسعر بالدولار أكثر جاذبية للمستثمرين الدوليين.
ويعد انخفاض الدولار عاملاً أساسيًا في دعم أسعار الذهب كملاذ آمن في ظل حالة عدم الاستقرار الاقتصادي والجيوسياسي.
تأثير السياسات التجارية وتعريفات ترامب
في ظل تصاعد المخاوف من حرب تجارية جديدة، تلعب سياسات الرئيس ترامب دورا كبيرا في تشويش معنويات المستثمرين.
فقد فرض ترامب تعريفات جديدة على واردات السلع من كندا والمكسيك، بالإضافة إلى رفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية، مما أدخل حالة من التقلب في الأسواق المالية.
وعلى الرغم من أن إدارة ترامب حاولت تخفيف بعض الضغوط من خلال إعفاء مؤقت لبعض الواردات، فإن الحالة العامة لعدم اليقين لا تزال تؤثر سلبا على النمو الاقتصادي وتدفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة مثل الذهب.
بيانات التضخم وتوقعات الاحتياطي الفيدرالي
يُنتظر اليوم صدور تقرير مؤشر أسعار المستهلك (CPI) الأمريكي، والذي يعد مؤشرا رئيسيا لتوقعات التضخم، وكان للاحتياطي الفيدرالي دور مهم في خفض أسعار الفائدة العام الماضي بمقدار 100 نقطة أساس، لكنه ظل متحفظًا منذ ذلك الحين.
ويتوقع المتداولون أن يجري الاحتياطي الفيدرالي تخفيضا آخر في يونيو إذا استمرت الضغوط التضخمية في التراجع، ويرى المحللون أن انخفاض أسعار الذهب يحتاج إلى تباطؤ أكبر في النشاط الاقتصادي الأمريكي وانخفاض ضغط الأسعار لتستمر عملية الانتعاش، وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على قيمة الأصول الآمنة.
أداء الذهب مقابل الأسهم وتدفقات صناديق الاستثمار
على الرغم من تذبذب أسعار الذهب، فإن المستثمرين لا يزالون يتجهون إليه كملاذ آمن في ظل حالة التقلب التي يشهدها سوق الأسهم الأمريكية، والذي تراجع بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية.
فقد شهدت أسواق الأسهم انخفاضات كبيرة، حيث تأثر مؤشر S&P 500 بشدة، مما دفع المستثمرين إلى زيادة تداولاتهم في صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب، فقد سجلت صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) المرتبطة بالذهب تدفقات إيجابية ملحوظة، مما يشير إلى تحول بعض المستثمرين من الأسهم إلى الأصول الآمنة.
وقد أشار محلل مستقل، جيوفاني ستاونوفو، إلى أن السياسات التجارية المتقلبة التي تتبعها إدارة ترامب تخلق بيئة من عدم اليقين، ما يعزز من الطلب على الذهب، حيث أن المخاطر السياسية والاقتصادية تُزيد من جاذبيته كأصل يحمي المحافظ الاستثمارية من تقلبات السوق. كما أن ردود الفعل الانتقامية من الدول المتأثرة، مثل التعريفات التي فرضتها كندا والصين، تُضيف طبقة أخرى من الضغط على الاقتصاد العالمي.
التحليل الفني والآفاق المستقبلية
بحسب البيانات التاريخية، يميل الذهب إلى تسجيل مكاسب طفيفة خلال فترات التصحيح في أسواق الأسهم، حيث تظهر بيانات تحليلية أن الذهب يحقق عادة مكاسب تتراوح بين 3% و5% عندما يشهد مؤشر S&P 500 انخفاضات تتراوح بين 10% و15%.
وقد أكدت الحسابات الإحصائية أن هناك علاقة عكسية بين أسعار الذهب ومؤشرات الأسهم، ما يجعل الذهب أداة فعالة للتحوط ضد تقلبات السوق، وفي ظل استمرار حالة عدم اليقين والتقلبات في السياسات التجارية، يتوقع أن تستمر أسعار الذهب في الارتفاع إذا استمر ضعف الدولار وتراجعت توقعات النمو الاقتصادي.
ختاما في ظل تراجع الدولار الأمريكي وتذبذب سياسات التعريفات التجارية، يظل الذهب خيارا جذابا للمستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن في مواجهة المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية.
ومع اقتراب صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأمريكية التي ستحدد مدى استمرار الضغوط التضخمية، يتوقع المتداولون أن يكون للذهب دور رئيسي في حماية المحافظ الاستثمارية من التقلبات المستمرة في الأسواق.
وتبقى التحديات قائمة في ظل حالة عدم اليقين المتزايدة، لكن الطلب الآمن على الذهب مدعوما بضعف الدولار وتراجع معنويات أسواق الأسهم، مما يشير إلى أن الذهب سيستمر في دعم استقرار الأسواق المالية في المدى المتوسط، مع إمكانية تحقيق مكاسب مستقبلية مع استقرار السياسات الاقتصادية.
اقرأ أيضا…
2 تعليقات