تراجع الأسهم الأمريكية وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي

شهدت أسواق الأسهم الأمريكية تراجعا ملحوظا يوم الثلاثاء نتيجة لتصاعد حالة عدم اليقين حول السياسات التجارية التي يتبعها الرئيس دونالد ترامب، حيث تسببت التحركات غير المنتظمة في فرض التعريفات الجمركية في تأثير سلبي على معنويات المستثمرين.
وقد أدت هذه الحالة إلى تراجع مؤشر S&P 500 وداو جونز الصناعي والناسداك، مما يعكس حالة من الارتباك والقلق حول مستقبل السياسات التجارية والاقتصادية في الولايات المتحدة.
أداء المؤشرات الرئيسية
أنهت جلسة التداول مؤشر S&P 500 بانخفاض قدره 0.76% ليصل إلى 5,572.07 نقطة، فيما خسر مؤشر داو جونز الصناعي 478.23 نقطة، أي بنسبة 1.14%، ليغلق عند 41,433.48 نقطة. كما انخفض مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.18% ليغلق عند 17,436.10 نقطة.
خلال الجلسة، كان مؤشر S&P 500 قد شهد ارتفاعًا ملحوظًا في البداية، لكن مع إعلان الرئيس ترامب عبر منصة Truth Social بأن الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم الكندي ستتضاعف من 25% إلى 50% اعتبارًا من يوم الأربعاء، تدهورت الأجواء بسرعة.
وفي وقت لاحق، أعلن مستشار ترامب التجاري بيتر نافارو عبر قناة CNBC أن الرئيس لن يزيد التعريفات على الصلب والألمنيوم الكندي إلى 50%، وأن التعريفات بنسبة 25% ستظل سارية.
تأثير التعريفات على سوق الأسهم الأمريكية
تعد سياسة ترامب في مجال التعريفات التجارية من أبرز العوامل التي أثرت سلبًا على ثقة المستثمرين، إذ تسببت سلسلة من الإجراءات المتقلبة في اضطرابات كبيرة في الأسواق المالية.
وقد أدت هذه السياسات إلى هبوط حاد في مؤشرات الأسهم، حيث لم تعد التوقعات الإيجابية تعكس أداء السوق كما كان في السابق.
فقد كان مؤشر S&P 500 يشهد ارتفاعًا في فترة ولاية ترامب الأولى حيث كان في بعض الأحيان يرتفع بنسبة +5%، لكنه الآن يسجل انخفاضًا يصل إلى 7% منذ 20 يناير، مما يبرز الانعكاسات السلبية لهذه السياسات على الثقة في الاقتصاد الأمريكي.
ردود فعل المستثمرين والشركات
تأثرت العديد من القطاعات بشدة من هذه السياسات؛ فقد تراجعت أسهم شركات مثل ديلتا إير لاينز التي خفضت توقعاتها للأرباح بنسبة 7.3% بسبب ضعف الطلب الأمريكي، كما شهدت أسهم شركات السفر مثل ديزني وآير بي إن بي انخفاضات بنحو 5%.
وتأتي هذه الانخفاضات في ظل ردود فعل سريعة من المستثمرين الذين بدأوا يبيعون مراكزهم في ظل حالة من الارتباك الاقتصادي والتجاري.
وأوضح محلل استراتيجية الاستثمار في Baird، روس مايفيلد، قائلا: “هناك تحمل للألم من جانب الإدارة في سبيل تحقيق أهداف تجارية ليست بالضرورة اقتصادية بحتة. وفي الوقت الراهن، نحن لسنا على أبواب الركود، ولكن ربما نواجه تباطؤا أو خوفا من تراجع النمو.”
توقعات وتطلعات مستقبلية
على الرغم من التوترات الحالية، يتوقع بعض المحللين أن تكون الانخفاضات غير الركودية قصيرة الأجل، إذ أن تصحيحات الأسواق غير الركودية غالبا ما تكون أقصر مدة من تلك التي تحدث في حالات الركود الاقتصادي.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه المستثمرون صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلك (CPI) لشهر فبراير يوم الأربعاء، يشير العديد من الخبراء إلى أن ظهور أي مفاجآت إيجابية أو سلبية قد يكون له تأثير محدود على الأسواق طالما كانت توقعات التضخم متماسكة.
من المتوقع أيضا أن تؤثر السياسات التجارية القادمة وتطورات التعريفات في المدى القصير على قرارات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة.
تأثير التصريحات والمناخ السياسي
لم تقتصر التحديات على السياسات الاقتصادية فقط، بل امتدت أيضا إلى الجانب السياسي؛ فقد أعاد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت التأكيد على موقف الإدارة بأن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات صارمة ضد أي ممارسات تؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني.
وأثارت تصريحات بيسنت، التي شملت اتهامات لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، حالة من الارتباك والقلق بين المستثمرين، حيث قال بيسنت: “إذا أضرّت ممارسات أي دولة باقتصادنا وشعبنا، فسنرد.” وقد زاد هذا التصريح من حدة التقلبات في السوق وأسهم الشركات المتأثرة بالتعريفات.
ختاما يظهر تراجع سوق الأسهم الأمريكية، مع انخفاض مؤشر داو جونز بنسبة 478 نقطة ومؤشر S&P 500 بنسبة 0.76%، مدى تأثير السياسات التجارية المتقلبة التي يتبعها الرئيس ترامب على الأسواق.
إن سلسلة من التحركات المتذبذبة في التعريفات الجمركية والبيانات الاقتصادية المتناقضة أدت إلى زيادة حالة الارتباك بين المستثمرين، مما أدى إلى موجة من البيع في الأسهم.
وبينما يتوقع المستثمرون صدور بيانات CPI الحاسمة لتحديد مدى تأثير هذه السياسات على التضخم والنمو الاقتصادي، يبقى السؤال قائما حول مدى قدرة السوق على استعادة الثقة وتحقيق استقرار في ظل هذه البيئة السياسية والاقتصادية المتقلبة.
في النهاية، ستظل متابعة التطورات الاقتصادية والسياسية ضرورية لتحديد الاتجاه المستقبلي لسوق الأسهم الأمريكية وإعادة تقييم فرص الاستثمار في ظل التحديات الراهنة.
اقرأ أيضا…