أخبار الأسواقأسهم أمريكيةأسهم

تراجع سوق الأسهم الأمريكية في ظل إرهاق السياسات التجارية

شهدت أسواق الأسهم الأمريكية تراجعا حادا يوم الخميس بعد سلسلة من الخسائر التي استمرت يومين، حيث لم تفلح آخر التنازلات التي قدمها البيت الأبيض بشأن سياسات التعريفات الجمركية المثيرة للجدل في تهدئة المستثمرين المرتابين.

وأدت هذه التطورات إلى تراجع كبير في المؤشرات الرئيسية، مما دفع المستثمرين إلى حالة من القلق والترقب وسط بيئة تسودها حالة من الارتباك حول مستقبل السياسات التجارية والاقتصادية.

تراجع المؤشرات الرئيسية

سجل مؤشر داو جونز الصناعي انخفاضا بمقدار 427.51 نقطة، أي بنسبة 0.99%، ليغلق عند 42,579.08 نقطة، بعد أن شهد مستويات هبوط تجاوزت 600 نقطة خلال الجلسة.

كما تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 1.78% ليصل إلى 5,738.52 نقطة، بينما هبط مؤشر ناسداك المركب بنسبة 2.61% ليغلق عند 18,069.26 نقطة، مما وضعه رسميا في منطقة التصحيح (أي انخفاض بنسبة 10% من أعلى مستوى حديث).

وتشير هذه الانخفاضات إلى أن الأسواق تواجه أكبر أسبوع لها منذ سبتمبر 2024، إذ تراجع مؤشر ناسداك بأكثر من 4% خلال الأسبوع، فيما انخفض كل من داو جونز وS&P 500 بنسبة تقارب 2.9% و3.6% على التوالي.

تأثير التعريفات وردود الفعل الدولية

جاء تراجع الأسهم في ظل تطبيق تعريفات جديدة على الواردات من كندا والمكسيك والصين، حيث أدت تلك الإجراءات إلى تأجيج المخاوف التجارية. استجابت كندا والصين بسرعة بفرض رسوم انتقامية، فيما أعلنت المكسيك أنها ستكشف عن تدابير إضافية خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وحاول البيت الأبيض تهدئة الأسواق من خلال إعلان تأجيل لمدة شهر للتعريفات على السيارات التي تتوافق مع اتفاقية الولايات المتحدة-المكسيك-كندا (USMCA)، مما أعطى آمالا بتراجع الضغوط على قطاع السيارات، لكن تلك الخطوة لم تدم تأثيراتها الإيجابية بسبب استمرار حالة الارتباك حول السياسات الجمركية.

الارتباك وتردد السياسات

تصاعدت المخاوف بين المستثمرين بعد تصريحات وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، الذي أكد في فعالية لنادي نيويورك الاقتصادي أن “الولايات المتحدة سترد على أي ممارسات تضر بالاقتصاد والشعب الأمريكي” في إطار سياسة “أمريكا أولا”.

وفي تصريحات مثيرة للجدل، وصف بيسنت رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بـ”الغبي” وأكد أن الأولوية تركز على الشارع الرئيسي (Main Street) أكثر من الشارع المالي (Wall Street). أثار ذلك حالة من الارتباك في الأسواق، حيث قال كيث ليرنر، كبير الاستراتيجيين في شركة Truist، “هذا الارتباك يتغلغل في التقلبات اليومية للسوق”.

وأدى تكرار التعديلات والبيانات المتضاربة إلى إرهاق المستثمرين الذين باتوا يشكون في استقرار السياسات التجارية على المدى الطويل.

تأثير قطاع الذكاء الاصطناعي والأسهم التقنية

ساهمت أيضا التقارير المتعلقة بقطاع الذكاء الاصطناعي في تفاقم الانخفاضات، فقد شهدت أسهم شركات التكنولوجيا المرتبطة بهذا القطاع تراجعا ملحوظا، حيث انخفض سهم شركة Marvell Technology بنسبة تقارب 20% بعد صدور توقعات مختلطة للربع الأول، فيما هبطت أسهم شركات مثل ON Semiconductor وTaiwan Semiconductor وNvidia.

ويظهر ذلك أن انفصال المستثمرين عن توجهات الذكاء الاصطناعي، التي كانت قد دعمت السوق لسنوات، لم يعد كافيا لتغطية المخاوف الناجمة عن السياسات التجارية المتقلبة.

بيانات اقتصادية وتحذيرات مستقبلية

أثارت سلسلة من التقارير الاقتصادية المخاوف بشأن تأثير سياسات ترامب على الاقتصاد الأمريكي. فقد أظهرت بيانات من Challenger, Gray & Christmas ارتفاعا حادا في إعلانات التسريح، حيث وصلت إلى مستويات قياسية لعام 2020، وهو ما اعتبر نتيجة لمحاولات تقليص حجم الجهاز الفيدرالي، سواء من خلال سياسات ترامب أو جهود الملياردير إيلون ماسك.

كما أدت بعض القراءات الاقتصادية الأخيرة إلى ظهور مخاوف بأن السياسات التجارية قد تؤثر سلبا على نمو الاقتصاد، خاصة مع اقتراب صدور تقرير الوظائف الأمريكي الذي سيكون مؤشرا حاسما على مدى تأثير تلك السياسات على سوق العمل.

ختاما يبرز تراجع سوق الأسهم الأمريكية، الذي شهد انخفاض مؤشر داو جونز بأكثر من 400 نقطة وتراجع مؤشر ناسداك إلى منطقة التصحيح، مدى تأثير السياسات التجارية المثيرة للجدل على معنويات المستثمرين.

في ظل حالة الارتباك الناتجة عن تطبيق التعريفات والردود الانتقامية من الدول المتأثرة، لا يزال المستثمرون في حالة ترقب لتطورات إضافية من الإدارة الأمريكية، التي قد تضطر إلى إعادة النظر في سياساتها إذا استمر تراجع الثقة.

كما أن تزايد التقارير الاقتصادية السلبية يشير إلى أن المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي ستظل حاضرة في الأفق.

وفي هذا السياق، يبقى السؤال قائما حول مدى قدرة سوق الأسهم الأمريكية على تحمل هذه التقلبات المتزايدة في ظل بيئة سياسية واقتصادية متغيرة، حيث يتطلب الأمر يقظة مستمرة من قبل صناع القرار لتقديم حلول قد تعيد التوازن إلى الأسواق.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى