أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

ارتفاع أسعار الذهب مدفوعا بالطلب للملاذ الآمن في أعقاب تعريفات ترامب

شهدت أسعار الذهب استمرارا في تحقيق مكاسب جديدة يوم الثلاثاء، مدفوعة بالطلب على الملاذات الآمنة في ظل تصاعد التوترات التجارية بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض تعريفات جديدة على أهم ثلاثة شركاء تجاريين للولايات المتحدة. جاء هذا التحرك في وقت يترقب فيه المستثمرون تأثيرات هذه السياسات على الاقتصاد العالمي، مما دفعهم إلى اللجوء إلى الذهب كخيار آمن.

ارتفاع أسعار الذهب والطلب الآمن

في ظل هذه الظروف، سجل سعر الذهب الفوري ارتفاعا بنسبة 0.9% ليصل إلى 2,919.44 دولار للأوقية وقت نشر هذا التقرير، حيث جاء هذا الارتفاع ليلمس جلسة تداول متتالية من المكاسب.

وعلى الرغم من تقلبات السوق، فقد حقق الذهب مكاسب بلغت 10% حتى الآن هذا العام، حيث وصل إلى أعلى مستوى له عند 2,956.15 دولار للأوقية في 24 فبراير.

وفي الوقت نفسه، ارتفعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنحو 1% لتصل إلى 2,930 دولار للأوقية، مما يعكس التفاؤل المتزايد بشأن الطلب على الذهب كأصل ملاذ آمن في أوقات التوتر.

تأثير تعريفات ترامب ورد الصين

دخلت التعريفات الجديدة حيز التنفيذ، حيث فرض ترامب تعريفات بنسبة 25% على الواردات من المكسيك وكندا، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل قام ترامب بمضاعفة الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الصينية لتصل إلى 20%.

ولم تقف الصين مكتوفة الأيدي، إذ ردت بفرض تعريفات إضافية تتراوح بين 10% إلى 15% على بعض الواردات الأمريكية بدءا من 10 مارس، إلى جانب سلسلة من القيود الجديدة على الصادرات الموجهة لبعض الكيانات الأمريكية، وقد أدت هذه الخطوات إلى تفاقم حالة عدم اليقين في الأسواق، مما دفع المستثمرين إلى تعزيز مراكزهم في الذهب كخيار دفاعي.

وأكد أدرين آيش، رئيس قسم البحوث في منصة BullionVault الإلكترونية، أن “ترامب 2.0 يحدث الفوضى التي وعد بها خلال الانتخابات الأمريكية، وهو ما يدفع المستثمرين الغربيين إلى الانضمام إلى بنوك الأسواق الناشئة لشراء الذهب كملاذ آمن ضد تقلبات الأسواق.” تعكس هذه التصريحات تحول الثقة نحو الذهب، خاصة مع ازدياد المخاوف من التصعيد التجاري وعدم الاستقرار الاقتصادي.

تحديد القيمة العادلة للذهب

وفقا لتحليل نشره بنك IG، لم تعد أسعار الذهب مدفوعة بردود فعل المستثمرين على الأسس الاقتصادية الكلية، بل أصبحت تُحركها تدفقات  الذهب المادي وطلبات البنوك المركزية. وفي تقرير صدر يوم الاثنين، أوضح محللو IG أن الذهب يمثل معاني متعددة لأشخاص مختلفين؛ فالبعض يعتبره وسيلة للتحوط ضد التضخم، بينما يراه آخرون كملاذ آمن.

وأضافوا: “بالنسبة للكثيرين، يشكل الذهب بديلاً عن الدولار أو السندات الحكومية التي تدر فوائد. وتدمج نماذجنا الذكية للتسعير جميع هذه الآراء، مع الأخذ بعين الاعتبار توقعات التضخم، وشهية المخاطرة (كما يظهر مؤشر VIX)، والدولار الأمريكي والعوائد الحقيقية.”

ويشير التحليل إلى أن العوامل الحالية تشير إلى قيمة عادلة للذهب تبلغ حوالي 2,906 دولار للأوقية، وهي القيمة التي يجب أن يتداول عندها الذهب وفق الظروف الاقتصادية الكلية الراهنة.

وذكر التقرير: “لقد كان خط القيمة العادلة يتجه صعودا لعدة أشهر، مما يظهر دعما اقتصاديا كليا قويا لارتفاع أسعار الذهب.” ومع ذلك، وبعد الهبوط الأخير، يتداول الذهب الآن بخصم طفيف بنسبة 1.9% عن هذه القيمة العادلة.

ورغم أن هذا الخصم ليس استثنائيا، فقد يجد المستثمرون الباحثون عن الذهب قيمة أفضل في أسهم شركات تعدين الذهب مثل شركة Newmont، التي تتداول حاليا بخصم يصل إلى 13% عن القيمة العادلة المستندة إلى الظروف الاقتصادية الكلية.

العوامل المحركة بين الاقتصاد الكلي والتدفقات المادية للذهب

يقدم المحللون طريقة بسيطة لتحديد ما إذا كان سوق الذهب يحركه العوامل الاقتصادية الكلية أم التدفقات المادية، وقد أفادوا: “تحقق من درجة الأهمية الاقتصادية الكلية في الرسم البياني التالي:-

إذا كانت النتيجة مرتفعة، فهذا يعني أن العوامل الاقتصادية الكلية تهيمن، وتكون الإشارات أقوى. أما إذا كانت منخفضة، فهذا يدل على أن التدفقات الفيزيائية مثل شراء البنوك المركزية هي التي تلعب الدور الأكبر.”

وأوضحوا أن نقطة التحول حسب هذا النموذج هي 65%؛ “فوق هذا المستوى، تسود العوامل الكلية، وتحت هذا المستوى، يجب تحليل المؤشرات الأخرى مثل تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة وتجميع البنوك المركزية للمخزون. وفي الوقت الحالي، يبدو أن القصة تحركها هذه التدفقات الحقيقية للذهب المادي.”

على الجانب الأخر تشير التقارير إلى أن واردات الذهب من الهند في فبراير تسير على طريق الوصول إلى أدنى مستوى لها خلال عشرين عامًا، بينما انخفضت واردات الصين في يناير عبر هونغ كونغ بنسبة 44% شهريا، وهو أدنى مستوى منذ أبريل 2022. وبعد أن حقق الذهب 40 رقما قياسيا جديدا خلال عام 2024 وارتفع بنسبة 10% على أساس العام حتى الآن، ويبدو أن الارتفاع المستمر قد بدأ يتأثر بانخفاض الطلب الاستهلاكي في أكبر سوقين له.

على مدى الأسبوعين الماضيين، يتداول الذهب في الصين بخصم، وفي الهند منذ أوائل يناير، وأشارت التقارير إلى أن الطلب على المجوهرات شهد انخفاضا سنويا خلال عام 2024، حيث تراجع بنسبة 24% في الصين وبنسبة 2% في الهند.

ومع بقاء الأسعار عند مستويات تاريخية، قد ينخفض حجم الذهب المشتراة حتى وإن حافظ إجمالي الإنفاق على استقراره، مما يعني أن الطلب على الذهب في الربع الأول من عام 2025 في الهند من المرجح أن يكون أقل من 139 طنا المسجلة في الربع الأول من عام 2024.

توقعات أسعار الذهب ومستقبلها

ينتظر المتداولون الآن تقارير اقتصادية مهمة؛ إذ ينظر إلى تقرير توظيف ADP الذي سيصدر يوم الأربعاء وتقرير الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة المقرر صدوره يوم الجمعة كمؤشرات حاسمة لتوجهات أسعار الفائدة في المستقبل.

وأشار محلل UBS، جيوفاني ستاونوفو، إلى أن “أي مؤشر على تباطؤ الاقتصاد الأمريكي سيدعم الدعوات لمزيد من تخفيضات أسعار الفائدة مما يدعم سعر الذهب. ونحن نتوقع أن يعاود الذهب اختبار أعلى مستوياته في الأسابيع المقبلة.” كما توقعت مؤسسة J.P. Morgan أن يصل سعر الذهب إلى حوالي 3,000 دولار للأوقية بحلول الربع الرابع من عام 2025، مما يعكس تفاؤلا متزايدا في ظل سياسات التيسير النقدي المحتملة.

تأثير التعريفات على المعادن الأخرى

لم يقتصر تأثير التوترات التجارية على الذهب فقط، بل امتد إلى معادن ثمينة أخرى؛ فقد سجلت الفضة ارتفاعًا بنسبة 0.6% لتصل إلى 31.88 دولار للأوقية، فيما ارتفعت أسعار البلاتين بنسبة 0.6% لتصل إلى 959 دولار للأوقية، وحقق البلاديوم مكاسب بنسبة 1.2% ليتداول عند 949.18 دولار للأوقية. تعكس هذه التحركات تنامي الطلب على المعادن الثمينة كبديل آمن في ظل عدم اليقين الاقتصادي.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى