استقرار أسعار النفط وسط مخاوف التعريفات وعدم اليقين حول أوكرانيا

شهدت أسعار النفط استقرارا ملحوظا يوم الاثنين، بعد أن سجلت انخفاضا شهريا للمرة الأولى منذ نوفمبر، يأتي هذا الاستقرار في ظل ترقب المستثمرين لنتائج الجهود المبذولة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى الآثار المحتملة لتعريفات الولايات المتحدة الجديدة.
وبينما تتأرجح الأسواق العالمية بين آمال التهدئة والمخاوف من تدهور النمو الاقتصادي، يظل النفط أحد المؤشرات الحساسة للتوترات الجيوسياسية والتجارية.
تأثير التعريفات الأمريكية على سوق النفط
أعلن وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك يوم الأحد أن الرسوم الجمركية على السلع القادمة من كندا والمكسيك ستدخل حيز التنفيذ يوم الثلاثاء، فيما سيحدد الرئيس ترامب ما إذا كان سيتم الالتزام بنسبة التعريفات المخططة البالغة 25%.
وقد حذر محلل شركة PVM، تاماس فارجا، من أن هذه التعريفات قد تؤدي إلى تباطؤ نمو الطلب على النفط، كما يمكن أن تحد من العرض إذا ما استهدفت الدول المنتجة مثل كندا والمكسيك.
وفي الوقت الذي بدأ فيه قطاع الحفر والخدمات النفطية في كندا يظهر علامات تباطؤ، تثير هذه السياسات مخاوف من أن يتأخر الانتعاش المتوقع في القطاع.
التطورات السياسية والمحادثات الدولية
على الصعيد الدولي، أثرت التطورات السياسية على معنويات الأسواق النفطية، فقد صرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم الأحد بأنه يعتقد بإمكانية إصلاح العلاقة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكنه أكد ضرورة استمرار المحادثات خلف الأبواب المغلقة بعد المواجهة الحامية التي شهدها المكتب البيضاوي والتي أدت إلى اختصار زيارته لواشنطن العاصمة.
وأشار محلل RBC Capital، هيليما كروفت، إلى أن هذه المواجهة قد تؤدي إلى انقسام دائم بين الزعيمين، وهو ما قد يسهم في رفع العقوبات الأمريكية عن روسيا بشكل أسرع مما هو متوقع. وفي نفس السياق، هدأت الأجواء قليلا يوم الأحد مع إعلان القادة الأوروبيين دعمهم القوي لزيلينسكي وتعهدهم بتقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا، رغم أن الكرملين أعلن يوم الاثنين أن التعهد الصادر خلال قمة لندن بزيادة التمويل لكييف لن يحقق السلام المرجو.
الأداء الاقتصادي والبيانات الفنية
ارتفعت أسعار النفط في التداولات الأولية بعد صدور بيانات رسمية يوم السبت أظهرت أن نشاط التصنيع في الصين خلال فبراير نما بأسرع وتيرة خلال ثلاثة أشهر.
وتأتي هذه البيانات في وقت شهد فيه خام برنت وخام غرب تكساس انخفاضهما الشهري الأول خلال ثلاثة أشهر، نتيجة للتهديدات المتزايدة بالتعريفات التي أثرت على ثقة المستثمرين بالنمو الاقتصادي العالمي وخفضت من شهية المخاطرة في الأصول ذات المخاطر العالية.
وتعكس هذه التطورات حالة عدم اليقين التي تعصف بالأسواق، حيث يتأثر الطلب على النفط بتقلبات النشاط الاقتصادي العالمي وتحولات السياسات التجارية.
توقعات أسعار النفط للمستقبل
على الرغم من هذه التحديات، يبقى توقع أسعار النفط لعام 2025 مستقرا إلى حد كبير، وفقا لاستطلاع أجرته رويترز، يتوقع المحللون أن يبلغ متوسط سعر خام برنت حوالي 74.63 دولار للبرميل، حيث يعتقد أن أي تأثير سلبي من فرض عقوبات أمريكية إضافية سيتوازن مع العرض الوفير وإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا.
ومن المتوقع أيضا أن تؤدي التطورات الإيجابية في بعض القطاعات الصناعية إلى تعزيز ثقة المستثمرين، مما قد يدعم استقرار الأسعار على المدى المتوسط.
المخاطر والتحديات المستقبلية
يظل تأثير التعريفات الأمريكية واحدا من أبرز المخاطر التي قد تعرقل النمو الاقتصادي العالمي، إذ يحتمل أن تؤدي هذه السياسات إلى تقليل الطلب على النفط في ظل تباطؤ النشاط الاقتصادي.
كما أن التوترات السياسية المستمرة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، إضافة إلى المخاوف بشأن العلاقات التجارية مع الدول الأخرى، تزيد من حالة عدم اليقين في السوق.
وتواجه الأسواق النفطية تحديات متعددة تشمل انخفاض ثقة المستثمرين، وتقلبات في أسعار العملات، بالإضافة إلى تأثيرات محتملة من عقوبات جديدة قد تفرضها الولايات المتحدة على بعض الدول المنتجة.
ختاما في ظل حالة عدم اليقين التي يشهدها الاقتصاد العالمي، يبقى النفط محور اهتمام المستثمرين الذين يترقبون نتائج محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا وتأثير سياسات التعريفات الأمريكية على الطلب العالمي.
ومع تسجيل أسعار النفط استقرارا بعد انخفاض شهري للمرة الأولى منذ نوفمبر، تتجه الأنظار إلى التطورات السياسية والاقتصادية القادمة، التي من شأنها أن تحدد مسار الأسعار في الأشهر المقبلة.
وبينما تظل المخاوف من تباطؤ النمو ونزاعات التجارة قائمة، يأمل المستثمرون في أن توازن العوامل الاقتصادية بين العرض والطلب سيسهم في استقرار السوق وتحقيق نمو معتدل في أسعار النفط على المدى المتوسط.
اقرأ أيضا…