تصاعد المخاوف التجارية يدعم الدولار ويثير قلقاً حول تأثير التعريفات على الاقتصاد الأمريكي

تشهد الأسواق المالية ارتفاعا في الدولار الأمريكي نتيجة لتهديدات بتصعيد التعريفات، وأعلن الرئيس دونالد ترامب أن التعريفات بنسبة 25% على السلع القادمة من كندا والمكسيك ستدخل حيز التنفيذ في 4 مارس، كما سيواجه الواردات الصينية تعريفات إضافية بنسبة 10%.
وقد ساهمت هذه التصريحات في دفع مؤشر الدولار (DXY) للارتفاع بنسبة +0.03%، وهو أعلى مستوى خلال أسبوعين، وينظر إلى هذا الارتفاع على أنه نتيجة مباشرة للمخاوف من التصعيد التجاري، حيث يميل المستثمرون إلى اللجوء إلى الدولار كأصل آمن في ظل حالات عدم اليقين.
بيانات الاقتصاد الأمريكي وتأثيرها على التوقعات
أظهرت بيانات الاقتصاد الأمريكي الأخيرة علامات على ضعف النشاط الاقتصادي. فقد انخفض الإنفاق الشخصي في يناير بنسبة -0.2% شهريا، وهو التراجع الأكبر منذ ما يقرب من أربع سنوات، فيما ارتفع الدخل الشخصي بنسبة +0.9% شهريا، متجاوزا التوقعات التي كانت عند +0.4%، وهو أكبر زيادة في سنة.
كما ارتفع مؤشر أسعار الإنفاق الشخصي الأساسي (PCE) بنسبة +0.3% شهريا وسجل معدل سنوي بلغ 2.6%، وهو ما يعد أدنى وتيرة سنوية منذ ما يقرب من أربع سنوات، وتعكس هذه البيانات مزيجاً من الضغط التضخمي المعتدل وضعف الطلب، وهو ما جعل المتداولين يتوقعون المزيد من التسهيل في السياسة النقدية.
توقعات السياسة النقدية والحد من المخاطر
استجابة لهذه البيانات، بدأ المتداولون في تسعير توقعات بخفض أسعار الفائدة. ففي جلسة الجمعة، كان السوق يسعر حوالي 61 نقطة أساس من التخفيضات الإضافية خلال هذا العام، لكن أول تخفيض فعلي لم يسعر بالكامل حتى يوليو، وفقا لبيانات LSEG.
وقد علق بيتر كارديلو، كبير الاقتصاديين في Spartan Capital Securities، قائلا: “ما تزال أرقام التضخم مرتفعة رغم أنها جاءت ضمن التوقعات، ومع ذلك أظهرت مقارنة سنوية تخفيفا طفيفا، لكن التقرير يبين أن التضخم لا يزال عنيدا.” وأضاف كارديلو أن ذلك يعني استمرار التوقف المؤقت في رفع أسعار الفائدة، مما يضع الاحتياطي الفيدرالي أمام معضلة حيث تبدي البيانات الاقتصادية الأخيرة علامات على تباطؤ النشاط الاقتصادي.
تأثير التعريفات على المخاطر الاقتصادية
على الرغم من دعم التعريفات المتصاعدة للدولار، إلا أنها تثير مخاوف واسعة حول تأثيرها السلبي على الاقتصاد الأمريكي، فقد أدت التهديدات بتصعيد التعريفات إلى زيادة حالة التوتر في الأسواق العالمية، مما دفع المستثمرين لتخفيض المخاطر وإعادة تقييم مراكزهم الاستثمارية.
وهذا الوضع قد يؤدي إلى تباطؤ في الطلب على السلع المستوردة، ويؤثر سلبا على سلاسل التوريد والتجارة الدولية، كما أن هذه السياسات قد ترفع من تكلفة الواردات للمستهلك الأمريكي، مما يزيد من الضغوط التضخمية على المدى المتوسط والبعيد.
ردود فعل السوق والمخاوف المستقبلية
رغم أن التصريحات الأخيرة كانت داعمة للدولار، فقد تراجعت بعض المؤشرات بعد صدور بيانات الإنفاق الشخصي وتقرير التضخم الأساسي الذي جاء وفق التوقعات، مما أثر على معنويات المستثمرين بشأن مسار السياسة النقدية.
كما أن مؤشرات مثل مؤشر مديري المشتريات في شيكاغو (PMI) لشهر فبراير ارتفعت لتصل إلى 45.5، وهو أعلى مستوى خلال خمسة أشهر، مما يشير إلى بعض علامات الانتعاش في بعض قطاعات الاقتصاد.
ومع ذلك، يبقى تأثير التعريفات على الاقتصاد قيد المراقبة، حيث تُسعر الأسواق حالياً احتمال خفض أسعار الفائدة بنسبة 25 نقطة أساس في اجتماع لجنة السوق المفتوحة المقبل في 18-19 مارس.
يجمع المشهد الحالي بين تأثير التصعيد التجاري الذي يدعم الدولار وتأثيره السلبي المحتمل على الاقتصاد الأمريكي، بينما يدفع ارتفاع الدولار المستثمرين نحو الأصول الآمنة، تثير بيانات الإنفاق الشخصي والتضخم والتوقعات بتخفيض أسعار الفائدة مخاوف من تباطؤ النشاط الاقتصادي.
ويواجه الاحتياطي الفيدرالي تحديا في موازنة الضغوط التضخمية مع تباطؤ النمو، مما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق، وفي ظل هذا السياق، يبقى مراقبة التطورات التجارية والاقتصادية أمرا حيويا لتحديد مسار السياسة النقدية والاقتصادية في الأشهر المقبلة.
اقرأ أيضا…