انخفاض الذهب واستعداده لأول خسارة أسبوعية في تسعة أسابيع

شهد سوق الذهب تراجعا ملحوظا يوم الجمعة، مما يجعله في طريقه لتحقيق أول خسارة أسبوعية في تسعة أسابيع.
وجاء هذا التراجع في وقت تقوى فيه قيمة الدولار الأمريكي، فيما ينتظر المستثمرون بيانات التضخم التي قد توضح توجهات سياسة الاحتياطي الفيدرالي في الفترة القادمة.
وتعكس هذه التحركات حالة من التقلب في الأسواق والضغط على الأصول التي لا تدر عائدا، مثل الذهب.
أداء أسعار الذهب
انخفض سعر الذهب في السوق الفورية بنسبة 0.5% ليصل إلى 2,862.19 دولار للأوقية وقت نشر هذا المقال، كما تراجعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 0.8% لتصل إلى 2,873.90 دولار للأوقية.
ونتيجة لهذا الهبوط، خسر الذهب بنسبة 2.5% خلال الأسبوع، وهو أكبر انخفاض أسبوعي منذ نوفمبر الماضي. ويعود جزء من هذا التراجع إلى تصحيح متأخر كان متوقعا، إذ دفع ارتفاع الأسعار نحو 3,000 دولار للأوقية السوق إلى منطقة شراء مفرطة، مما زاد من مخاطر الضغوط البيعية قصيرة الأجل.
تأثير الدولار الأمريكي والسياسات الاقتصادية
ساهم تقوية الدولار الأمريكي في زيادة تكلفة الذهب للمشترين الأجانب، حيث يجعل ارتفاع الدولار السعر بالدولار أكثر ارتفاعًا بالنسبة للمتعاملين بعملات أخرى.
فقد سجل مؤشر الدولار (.DXY) مكاسب أسبوعية، مما أثر سلبًا على الطلب على الذهب الذي يسعر بالدولار. كما أن ارتفاع أسعار الفائدة المتوقع، والذي قد يؤثر على جاذبية الأصول التي لا تدر عائدًا، مثل الذهب، يعد من العوامل المؤثرة في تراجع أسعار المعدن الثمين.
من ناحية أخرى، يستعد المستثمرون لبيان مؤشر إنفاق المستهلك الشخصي، المؤشر المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي لتقييم التضخم، والذي قد يرفع من توقعات خفض أسعار الفائدة إذا أظهرت البيانات ضعفًا في النمو التضخمي.
آراء الخبراء وتحليل السوق
أوضح أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في بنك ساكسو، أن التصحيح الذي يشهده الذهب كان متأخرا، وأن تقلبات الأسواق الأخيرة أدت إلى خفض الصناديق المرفوعة بالرافعة المالية لمراكزها، مما دفع الذهب إلى الانخفاض.
وأضاف هانسن أن تقلبات السوق والدوران الواسع للمضاربين جعل من الذهب أصلًا يتأثر بشكل كبير بالتحركات المفاجئة. وفي مقابلة حديثة، ذكر نيتش شاه، رئيس أبحاث السلع والاقتصاد الكلي في شركة WisdomTree، أن النماذج التي تظهر أن الذهب مبالغ في تقييمه بنسبة حوالي 15% قد لا تكون دقيقة بالكامل، نظراً لظهور عوامل جديدة مثل الطلب من البنوك المركزية ودور الصين في السوق، والتي لم تتواجد لفترة كافية لتشملها النماذج التقليدية.
شدد شاه أيضًا على أن عدم اليقين الجيوسياسي، إلى جانب المخاوف من حروب تجارية محتملة، قد يدعم الذهب على المدى الطويل. وأوضح أن تصاعد التوترات في السياسات التجارية قد يؤدي إلى حدوث أخطاء في سياسات الحكومات والبنوك المركزية، مما يزيد من فرص ارتفاع أسعار الذهب إذا تحولت المخاوف الاقتصادية إلى أزمة. وفي الوقت نفسه، يبقى الطلب من الصين وعمليات شراء البنوك المركزية عوامل إيجابية تدعم الاتجاه الصعودي طويل الأجل لسوق الذهب.
التطورات السياسية والتجارية
أثرت التطورات السياسية أيضًا على سوق الذهب، إذ أعلن الرئيس دونالد ترامب يوم الخميس عن فرض تعريفات بنسبة 25% على السلع القادمة من كندا والمكسيك، مع إضافة 10% على الواردات الصينية.
وهذه التصريحات أدت إلى زيادة حالة عدم اليقين في الأسواق، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة مثل الذهب، رغم تراجع السعر خلال الجلسة الأخيرة. كما أن التعريفات المتوقعة قد تؤدي إلى نشوب حرب تجارية محتملة، مما يزيد من الضغوط التضخمية ويضعف النشاط الاقتصادي العالمي، الأمر الذي قد يدعم أسعار الذهب على المدى المتوسط والطويل.
تحركات المعادن الثمينة الأخرى
لم يكن الذهب هو المعدن الوحيد الذي تأثر بهذه التقلبات، فقد شهدت أسعار الفضة انخفاضًا بسيطًا بنسبة 0.3% لتصل إلى 31.16 دولار للأوقية، فيما تراجعت أسعار البلاتين بنسبة 0.4% لتصل إلى 945.25 دولار للأوقية، وتراجعت أسعار البلاديوم بنسبة 0.4% لتصل إلى 916.13 دولار للأوقية. تشير هذه التحركات إلى أن جميع المعادن الثمينة تتأثر بتقوية الدولار وتغيرات التوقعات الاقتصادية، مع تسجيل انخفاضات شهرية في أسعارها.
ختاما يبدو أن الذهب يواجه تحديات متعددة من تراجع الأسعار خلال الأسبوع بسبب تقوية الدولار وحالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي. مع اقتراب صدور بيانات التضخم المهمة، يظل المستثمرون في حالة ترقب لمعرفة كيف سيؤثر ذلك على قرارات الاحتياطي الفيدرالي بشأن خفض أسعار الفائدة. ورغم انخفاض الأسعار الحالية تحت مستوى 2,900 دولار للأوقية وانخفاضها بنسبة تقارب 2.5% عن أعلى مستوياتها المسجلة يوم الاثنين، يبقى الذهب مدعومًا بعوامل أساسية مثل المخاوف من حروب تجارية محتملة والتوترات الجيوسياسية.
وفي ظل الظروف الراهنة، قد يشهد الذهب ارتفاعات مستقبلية إذا تحولت المخاوف الاقتصادية إلى أزمة حقيقية. ومع ذلك، يبقى المستثمرون حذرين في ظل التقلبات الحالية، حيث يشير بعض المحللين إلى أن العوامل الجديدة التي تؤثر على سوق الذهب قد تتسبب في تقلبات إضافية قصيرة الأجل، في حين تدعم العوامل الأساسية الاتجاه الصعودي على المدى البعيد.
اقرأ أيضا…