ارتفاع أسعار النفط بعد انخفاض المخزونات الأمريكية

شهدت أسواق النفط ارتفاعا ملحوظا يوم الثلاثاء، حيث انعكس انخفاض المخزونات الأمريكية على الأسعار بعد أن سجل معهد البترول الأمريكي (API) أول انخفاض أسبوعي في المخزونات خلال أكثر من شهر.
وجاء هذا التراجع في المخزونات بمقدار يزيد عن 600,000 برميل للأسبوع المنتهي في 12 فبراير، وهو ما فاجأ المحللين الذين كانوا يتوقعون بناء كبيرا للمخزونات يتراوح بين 2.3 إلى 2.6 مليون برميل.
وفي حال ثبت هذا الانخفاض من قبل إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) عند صدور بياناتها اليوم، فمن المحتمل أن يمتد الارتفاع في الأسعار خلال بقية الأسبوع.
تأثير انخفاض المخزونات على أسعار النفط
أدى الانخفاض المفاجئ في المخزونات إلى رفع أسعار النفط بعد بداية الأسبوع بانخفاض في الأسعار. ففي أعقاب التقرير الذي أصدره API، تم تسجيل ارتفاع طفيف في أسعار النفط، حيث ارتفعت أسعار خام برنت بمقدار 37 سنتًا لتصل إلى 76.44 دولارًا للبرميل، فيما ارتفعت أسعار خام غرب تكساس الوسيط (WTI) لعقد مارس بنسبة 63 سنتًا لتصل إلى 72.48 دولارًا للبرميل.
وتظهر هذه الارتفاعات أن السوق تحاول إيجاد توازن جديد في ظل حالة عدم اليقين حول مستويات الإمدادات العالمية.
المخاوف بشأن مفاوضات السلام والاضطرابات الجيوسياسية
على الرغم من تأثير انخفاض المخزونات في دعم الأسعار، فإن هناك عوامل أخرى تؤثر في السوق، منها المخاوف من مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا.
إذ تستمر التوترات في المنطقة، وتبقى مفاوضات السلام غير واضحة، مما يخلق حالة من عدم اليقين حول إمكانية تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على النفط الروسي.
ووفقا لمحللين مثل وارن باترسون وإيفا مانثي من ING، يمكن أن يؤدي توقُّع تخفيف العقوبات – في حال تم التوصل إلى اتفاق سلام – إلى زيادة مفاجئة في تدفقات النفط الروسي، وهو ما سيؤدي إلى إزالة عنصر عدم اليقين عن العرض العالمي، وبالتالي قد يضغط على الأسعار للانخفاض.
التحديات الاقتصادية والبيانات المتناقضة
في ظل هذه التطورات، تبرز بعض التحديات الاقتصادية التي تؤثر على سوق النفط أيضا، فقد شهدت الولايات المتحدة تراجعًا في معنويات المستهلكين، حيث أظهرت بيانات ثقة المستهلك انخفاضًا كبيرًا، فيما ارتفعت توقعات التضخم مما أثار المخاوف حول تباطؤ النمو الاقتصادي.
كما سجلت ألمانيا – أكبر اقتصاد في منطقة اليورو – انخفاضا في الأداء الاقتصادي خلال الربع الأخير من عام 2024، مما يشير إلى ضغوط إضافية على الطلب العالمي على النفط، وتشكل هذه العوامل الاقتصادية المتضاربة خلفية سلبية محتملة، قد تؤدي إلى تراجع الطلب على النفط على المدى القريب.
دعم السياسات الأميركية وإجراءات إيران
على الجانب الإيجابي، تواصل السياسات الأمريكية تجاه إيران تقديم دعم لسوق النفط، إذ من المتوقع أن تظل العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية على إيران عنصرا داعما لأسعار النفط عن طريق تقليل الإمدادات.
ومع ذلك، فإن التأثير المحتمل للرسوم الجمركية المفروضة على شركاء تجاريين مثل الصين قد يعاكس بعض هذا الدعم، حيث يتوقع أن ترفع تكاليف المنتجات المستوردة وتضعف الطلب العالمي على النفط.
آفاق السوق وتوقعات الأسعار
يشير المحللون إلى أن السوق النفطية لا تزال في حالة من التقلب والتردد، إذ تتأرجح الأسعار بين قوى العرض والطلب المتضاربة. فمن جهة، يدعم انخفاض المخزونات الأمريكية الأسعار، ومن جهة أخرى، تساهم المخاوف المتعلقة بمفاوضات السلام وتأثير العقوبات والجوانب الاقتصادية السلبية في خلق حالة من عدم اليقين.
وفي ضوء هذه المعطيات، ينتظر المستثمرون البيانات الرسمية من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية لتحديد مدى استمرار انخفاض المخزونات، وهو ما سيكون له تأثير مباشر على الأسعار خلال الأيام المقبلة.
كما أن التوقعات بعودة تدفقات النفط من مناطق مثل حقل تنجيز في كازاخستان وإمكانية استئناف تدفقات النفط من كردستان العراق قد تشكل عوامل داعمة محتملة إذا تحقق ذلك. ومع ذلك، يبقى السوق متحفظا في ظل عدم اليقين حول كيفية تأثير هذه التطورات على توازن العرض والطلب العالمي.
اقرأ أيضا…