أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

سعر الذهب يتراجع عن مستوياته القياسية وصناديق الذهب تشهد إقبال من المستثمرين

شهد سعر الذهب ارتفاعا ملحوظا في الأيام الأخيرة، حيث حافظ الذهب على مستوياته القريبة من الرقم القياسي، في ظل مخاوف مستمرة من احتمال اندلاع حرب تجارية جديدة نتيجة لسياسات الرسوم الجمركية التي أعلن عنها الرئيس ترامب.

فقد شهد سعر الذهب الفوري بعض التراجع، إذ انخفض بنسبة 0.4% لتصل إلى 2,940.03 دولار للأوقية وقت نشر هذا التقرير، بعد أن وصلت إلى 2,956.15 دولار للأوقية في جلسة سابقة، وهو ما يمثل أعلى مستوى قياسي عاشر لهذا العام.

كما انخفضت العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.3% لتصل إلى 2,953.50 دولار للأوقية، مما يعكس حالة من التماسك النسبي في ظل بيئة استثمارية متقلبة.

تأثير المخاوف التجارية على الطلب على الذهب

تعتبر المخاوف من احتمال اندلاع حرب تجارية نتيجة للرسوم الجمركية واحدة من العوامل الرئيسية التي تدفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الذهب كأصل آمن.

فقد أعلن الرئيس ترامب عن فرض تعريفات جديدة على واردات من كندا والمكسيك، مؤكدا أن هذه الإجراءات “في موعدها وعلى جدولها الزمني”، على الرغم من محاولات تلك الدول لتعزيز أمن الحدود ووقف تدفق المخدرات إلى الولايات المتحدة قبل الموعد النهائي المحدد في 4 مارس.

وأوضح محلل شركة UBS، جيوفاني ستانونو، أن هذه المخاوف تزيد من تباين الأسعار بين الأسواق الأمريكية ولندن، خاصة وأن كلا من المكسيك وكندا من أكبر منتجي الذهب والفضة، وهذه المخاوف أدت إلى تدفق الأموال الآمنة إلى الذهب، مما دفع سعره إلى تجاوز حاجز 2,950 دولار للأوقية، وهو مستوى تاريخي هام.

الدعم من تدفقات صناديق الاستثمار والبيانات الاقتصادية

يستمد الذهب جزءا كبيرا من قوته من تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب، حيث أظهرت بيانات مجلس الذهب العالمي أن 48 طنا من الذهب بقيمة 4.6 مليار دولار تدفقت إلى صناديق الاستثمار في أمريكا الشمالية خلال الأسبوع الماضي، وهو أعلى معدل منذ أوائل أبريل.

وتعد هذه التدفقات مؤشرا قويا على تجدد الطلب الاستثماري على المعدن الثمين، خاصة في ظل استمرار مكاسب الذهب الأسبوعية الثابتة والتي سجلت الأسبوع الثامن على التوالي.

يترقب المستثمرون أيضا بيانات اقتصادية هامة، لاسيما مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي (PCE) الذي يعد المقياس المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم.

ويتوقع أن تظهر البيانات القادمة انخفاضا طفيفا في التضخم السنوي ليصل إلى 2.5% مقابل 2.6% في ديسمبر، وهو ما قد يؤثر على توقعات رفع أسعار الفائدة. ومع استمرار حالة عدم اليقين في السياسات الاقتصادية، يتوقع أن يستمر المستثمرون في التوجه نحو الذهب كأصل آمن، مما يدعم استمرارية ارتفاعه.

التحليل الفني والتوقعات المستقبلية

أشار محللون إلى أن البيئة الفنية للذهب تظهر أن السوق تتداول ضمن نطاق ضيق وقد تشهد تحركات كبيرة في المستقبل القريب. فقد وصف بعض المحللين السوق بأنه في حالة “تداول عرضي” نتيجة لعدم وضوح تأثير الرسوم الجمركية، مما يثير تساؤلات حول موعد وخطوة حاسمة نحو كسر مستويات المقاومة التالية.

وفي هذا السياق، يعتبر مستوى 3,000 دولار للأوقية هدفا جذابا، إذ ينظر إليه كخط دفاع نهائي قبل الدخول في مرحلة صعودية قوية.

وأضاف محلل من Bloomberg Intelligence، مايك ماكغلون، أن إجمالي حيازات صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب قد تعافت لتصل إلى 84.2 مليون أوقية اعتبارا من 20 فبراير، وهو أعلى مستوى منذ بداية عام 2024.

ويتوقع أن تزداد تدفقات صناديق الاستثمار في الذهب خلال عام 2025 إذا حدث تحول في السوق نتيجة لتراجع الأسهم الأمريكية وارتفاع أسعار الفائدة، مما يزيد من جاذبية الذهب كأصل احتياطي.

تأثير السياسات التجارية والتوترات الجيوسياسية

على الرغم من المخاوف المتعلقة بالرسوم الجمركية، فإن تأثيرها الفعلي على الاقتصاد لم يظهر بشكل حاسم حتى الآن.

فقد تبين أن الإجراءات التي أعلن عنها ترامب، مثل فرض 10% رسوم على الواردات الصينية و25% على واردات الصلب والألمنيوم، جاءت بنبرة تحذيرية دون تنفيذ شامل.

ورغم ذلك، تظل المخاوف من احتمال تصعيد التوتر التجاري عاملا دافعا للمستثمرين للجوء إلى الذهب، كما أن التوترات السياسية والجيوسياسية، خاصة تلك المتعلقة بمحاولات التوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا، تساهم في تعزيز الطلب على الذهب كملاذ آمن.

ختاما يبقى الذهب في صدارة الأصول الآمنة في ظل بيئة اقتصادية وجيوسياسية متقلبة، حيث يستفيد من ضعف الدولار، وتدفقات صناديق الاستثمار المتزايدة، والمخاوف من التصعيد التجاري.

ومع تسجيل الذهب أعلى مستوى قياسي عاشر هذا العام، وينظر إلى الذهب كأداة فعالة للتحوط ضد المخاطر الاقتصادية والاضطرابات التجارية.

وفي ظل استمرار التوقعات بارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قد تتجاوز 3,000 دولار للأوقية، يستمر المستثمرون في متابعة التطورات الاقتصادية والسياسية عن كثب لتحديد تأثيرها على الأسواق، مما يجعل الذهب خيارا استثماريا جذابا وضروريا في ظل عدم اليقين الحالي.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى