تراجع مؤشر داو لأكبر هبوط في 2025 حتى الآن

شهدت الأسواق الأمريكية تراجعا كبيرا يوم الجمعة، حيث فقد مؤشر داو جونز الصناعي 724 نقطة بنسبة 1.6%، محققا بذلك أكبر انخفاض له في عام 2025 حتى الآن. وقد بلغ مجموع الخسائر خلال يومين أكثر من 1,200 نقطة، مما أثار قلق المستثمرين حول تباطؤ الاقتصاد الأمريكي واستمرار التضخم المرتفع، ودفعهم للبحث عن أصول آمنة.
تأثير البيانات الاقتصادية السلبية
أسهم الشركات تراجعت بشكل ملحوظ إثر صدور سلسلة من البيانات الاقتصادية السلبية التي أدت إلى زيادة المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي وتفاقم ظاهرة التضخم.
فقد سجل مؤشر ثقة المستهلك بجامعة ميشيغان انخفاضا حادا إلى 64.7 في يناير، بانخفاض قدره 10%، وهو أدنى مستوى منذ فترة طويلة، كما ارتفعت توقعات التضخم لمدة خمس سنوات إلى 3.5%، وهو أعلى معدل منذ عام 1995.
كما أظهرت بيانات مبيعات المنازل القائمة في الولايات المتحدة تراجعا أكبر من المتوقع، حيث انخفضت إلى 4.08 مليون وحدة في الشهر الماضي، مما يشير إلى ضعف الطلب في سوق الإسكان.
بالإضافة إلى ذلك، دخل مؤشر مديري مشتريات الخدمات في الولايات المتحدة منطقة الانكماش، وفقا لبيانات صدرت عن S&P Global.
تحول المستثمرين نحو الأصول الآمنة
استجابة لهذه البيانات السلبية، لجأ المستثمرون إلى تحوط محافظهم، مما أدى إلى بيع الأسهم والانتقال نحو السندات والأصول الآمنة.
وقد شهدت أسهم شركات عملاقة مثل وول مارت انخفاضًا لليوم الثاني على التوالي بعد أن أصدرت الشركة توقعات ضعيفة أثرت سلبا على نظرة السوق للمستهلك والاقتصاد بشكل عام.
وفي الوقت نفسه، صرح المستثمر البارز ستيف كوهين خلال مؤتمر في ميامي بأن الفترة الحالية ربما قد شهدت تحقيق أفضل مكاسب، وأنه من المحتمل أن نشهد تصحيحا كبيرا قريبا نتيجة لتأثير الرسوم الجمركية المقترحة وجهود الحكومة لخفض التكاليف.
تأثير الرسوم الجمركية والتوترات السياسية
تظل السياسات التجارية جزءا أساسيا من المخاوف التي تؤثر على معنويات المستثمرين.
فقد أعلن الرئيس ترامب عن خطط جديدة لفرض تعريفات جمركية إضافية على مجموعة من الواردات، مما أثار مخاوف من اندلاع حرب تجارية قد تؤدي إلى تفاقم الظروف الاقتصادية.
هذا التوتر التجاري ساهم في جعل المستثمرين يترددون في تحميل المزيد من الأصول ذات المخاطر، مما زاد من التوجه نحو السندات والأصول الآمنة على حساب الأسهم.
الأداء الفني للأسواق
على الصعيد الفني، تراجعت المؤشرات الرئيسية في السوق. فقد خسر مؤشر داو جونز 724 نقطة، بينما تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 1.6%، فيما سجل مؤشر ناسداك المركب انخفاضا تجاوز 2%. تُظهر هذه التحركات أن ضغوط البيع تتفوق على الإقبال الشرائي في الوقت الراهن،
مما يعزز من التوقعات بتصحيح محتمل في الأسواق المالية. ومع ذلك، أثبتت بعض الأصول الدفاعية قوتها، حيث ارتفعت أسهم شركات السلع الاستهلاكية مثل Procter & Gamble بنسبة تزيد عن 1%، فيما سجلت شركات مثل General Mills وKraft Heinz ارتفاعا بنسبة تزيد عن 2%.
تأثير الأخبار الفنية والتوقعات المستقبلية
على الرغم من الهبوط الحاد الذي شهدته أسواق الأسهم، كانت هناك إشارات على وجود اهتمام بالتحوط وإعادة تقييم المراكز الاستثمارية. فقد أدت الخسائر الكبيرة في الأسهم ذات النمو المرتفع مثل Nvidia وPalantir إلى إعادة توزيع المراكز بين المستثمرين، مما يُشير إلى أن السوق قد يشهد تحركا تصحيحيا قادما.
وأكدت تصريحات بعض المحللين، بمن فيهم ستيف كوهين، أن المخاوف من فرض تعريفات جديدة وتأثيرها على الاقتصاد قد تؤدي إلى تصحيح كبير في الأسواق، مما يُعزز من احتمالية استرداد المستثمرين لأصولهم في المراحل التالية.
ختاما إن تراجع مؤشر داو جونز الصناعي بنحو 724 نقطة، مع انخفاض مؤشر S&P 500 وناسداك، يعكس حالة من عدم اليقين الشديد في السوق الأمريكي نتيجة للبيانات الاقتصادية السلبية، ضعف ثقة المستهلك، والتوترات التجارية والسياسية.
وأدى تراجع بيانات مبيعات المنازل وثقة المستهلك، إلى جانب ارتفاع توقعات التضخم، إلى دفع المستثمرين للبحث عن الأصول الآمنة مثل السندات، مما ساهم في حدوث هذا الهبوط الكبير.
في ظل هذه الظروف، يظل من الضروري للمستثمرين مراقبة التطورات الاقتصادية والسياسية عن كثب لتحديد اتجاهات السوق، إذ قد يشهد المستقبل تصحيحات كبيرة تؤثر على الأصول المالية وتعيد تشكيل المشهد الاستثماري في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضا…