ارتفاع سعر الذهب وسط عدم اليقين بشأن التعريفات ودعم الطلب الآمن

شهد سعر الذهب ارتفاعا ملحوظا يوم الثلاثاء، حيث واصل الارتفاع وسط حالة من عدم اليقين بشأن خطط الرسوم الجمركية التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويعتبر الذهب ملاذا آمنا للمستثمرين في ظل المخاوف من اندلاع حرب تجارية عالمية محتملة، مما زاد الطلب على الذهب كأصل احتياطي ضد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية.
,سجل سعر الذهب الفوري ارتفاعا بنسبة 0.6% ليصل إلى 2,913.79 دولار للأوقية، فيما ارتفعت العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.9% لتصل إلى 2,925.50 دولار للأوقية.
تأثير عدم اليقين التجاري على سعر الذهب
يعد عدم اليقين بشأن سياسات الرسوم الجمركية أحد أبرز العوامل التي تدعم سعر الذهب حاليا. فمنذ تنصيبه الشهر الماضي، فرض ترامب رسوما جمركية على الواردات الصينية بنسبة 10%، كما أعلن عن نواياه فرض تعريفات بنسبة 25% على بضائع من المكسيك وعلى واردات غير الطاقة من كندا، وحدد موعدًا لاحقًا لفرض تعريفات على واردات الصلب والألمنيوم.
,بالإضافة إلى ذلك، يستعد لإقرار تعريفات متبادلة على جميع الدول التي تفرض ضرائب على الواردات الأمريكية. وتلك الإجراءات أدت إلى رفع مخاوف المستثمرين بشأن احتمال اندلاع حرب تجارية، مما دفعهم إلى التحول نحو الذهب كملاذ آمن، وبالتالي دعم سعر الذهب.
دعم الطلب الآمن من قبل البنوك المركزية والمستثمرين
أشار محلل السوق في Capital.com، كايل رودا، إلى أن هناك عمليات شراء كبيرة من قبل البنوك المركزية بالإضافة إلى توقعات بنقص محتمل في الإمدادات الأوروبية للذهب، حيث يبدو أن المستثمرين يسعون لشراء الذهب في الولايات المتحدة لتجنب أي تعريفات محتملة.
وصرح رودا: “أعتقد أن الاتجاه الصعودي للذهب ما زال قائما – الأسس قوية.” هذا الدعم المستمر من قبل البنوك المركزية يعزز من ثقة المستثمرين بأن الذهب سيظل عنصرا محوريا في محافظهم الاستثمارية، خصوصًا في ظل بيئة اقتصادية تتسم بعدم الاستقرار وتزايد المخاطر التجارية.
توقعات مستقبلية لسعر الذهب
رفع بنك جولدمان ساكس توقعاتها لسعر الذهب ليصل إلى 3,100 دولار للأوقية بنهاية عام 2025، مقارنة بتوقع سابق بلغ 2,890 دولار للأوقية، وذلك بفضل الطلب المتزايد من البنوك المركزية.
وأضاف البنك أنه إذا استمر عدم اليقين السياسي والتجاري، بما في ذلك المخاوف من الرسوم الجمركية، فإن المراكز المضاربة قد تبقي الضغط الشرائي مرتفعا، مما قد يدفع سعر الذهب إلى 3,300 دولار للأوقية بنهاية العام. وفي ظل هذه التوقعات، ينظر إلى الذهب كأصل تقليدي للتحوط ضد التضخم وعدم اليقين الاقتصادي.
وتكرر جولدمان ساكس توصيتها “اذهب للذهب” في تداولاتها، مؤكدة على أن المراكز الشرائية في الذهب تظل وسيلة قوية للتحوط ضد المخاطر، رغم أن انخفاض عدم اليقين قد يؤدي إلى تراجع تكتيكي مؤقت في الأسعار. ومع ذلك، فإن المراكز الشرائية على المدى البعيد في الذهب تعتبر خيارا استثماريا ذا جدوى خاصة في ظل المخاوف المتعلقة بتوترات التجارة، والمخاطر التي تفرضها سياسات الاحتياطي الفيدرالي، بالإضافة إلى التهديدات المالية أو احتمالات الركود الاقتصادي.
كما أشار البنك إلى أنه في حال تفاقمت المخاوف بشأن استدامة المالية الأمريكية، قد يرتفع سعر الذهب بنسبة إضافية تصل إلى 5%، مما يؤدي إلى وصول السعر إلى 3,250 دولار للأوقية بنهاية ديسمبر 2025.
كما يترقب المتداولون الآن بيانات دقيقة من الاحتياطي الفيدرالي، حيث ستصدر بيانات اجتماع يناير يوم الأربعاء، وهي مؤشر مهم لمعرفة كيف يرى صناع السياسات المخاطر التجارية المتزايدة وتأثيرها على الاقتصاد.
وفي هذا السياق، صرحت عضوة الاحتياطي الفيدرالي، ميشيل بومون، يوم الاثنين بأنها ترغب في المزيد من اليقين حول انخفاض التضخم قبل اتخاذ أي قرار بخفض أسعار الفائدة مرة أخرى، خاصة في ظل عدم الوضوح حول السياسات التجارية الجديدة.
تأثير التطورات الجيوسياسية ومعدلات الفائدة
تساهم المخاوف من حدة السياسات التجارية في تعزيز الطلب على الذهب، إلى جانب تأثير الاضطرابات الجيوسياسية المستمرة. ففي الوقت الذي تترقب فيه الأسواق احتمالات حدوث هدنة في الصراع بين روسيا وأوكرانيا، يستمر المستثمرون في اللجوء إلى الذهب كملاذ آمن ضد المخاطر.
ويأتي ذلك في وقت يشهد فيه الدولار الأمريكي تراجعا مدعوما بانخفاض مبيعات التجزئة والبيانات الاقتصادية الضعيفة، مما يعزز من تفاؤل المستثمرين بمستقبل أسعار الذهب. وفي ظل توقعات بأن يتخذ الاحتياطي الفيدرالي مسارا حذرا فيما يخص أسعار الفائدة، يظل الذهب في مقدمة الخيارات الآمنة للتحوط ضد التضخم والاضطرابات الاقتصادية.
أداء المعادن الثمينة الأخرى
على الرغم من أن الذهب قد شهد ارتفاعا ملحوظا، إلا أن المعادن الثمينة الأخرى لم تخلو من التحركات. فقد انخفض سعر الفضة قليلا، بينما سجلت أسعار البلاتين والبلاديوم تحسنا طفيفا.
وتظهر هذه التحركات أن السوق العام للأصول الآمنة لا يزال يتأثر بشكل إيجابي بالبيئة الاقتصادية الجيوسياسية المتقلبة، مما يدعم تفضيل المستثمرين للذهب كأصل ملاذ آمن.
ختاما يتضح أن سعر الذهب يشهد ارتفاعا مدعوما بانخفاض الدولار وتزايد المخاوف من تنفيذ تعريفات جمركية جديدة، إلى جانب الدعم المستمر من البنوك المركزية وتوقعات مستقبلية إيجابية بشأن أسعار الذهب. مع استمرار المخاوف من التصعيد التجاري والاضطرابات الجيوسياسية،
ويظل الذهب الخيار المفضل للمستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن. من المتوقع أن يستمر سعر الذهب في الارتفاع، وقد يصل إلى مستويات تصل إلى 3,300 دولار للأوقية إذا بقي عدم اليقين السياسي والتجاري قائما.
وفي ظل هذه الظروف، يواصل الذهب دوره كأداة رئيسية للتحوط ضد التضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي، مما يجعل المستثمرين يراقبون عن كثب التطورات الاقتصادية والسياسية التي قد تؤثر على هذا المعدن الثمين في المستقبل.
اقرأ أيضا…