أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

استقرار أسعار النفط مع اقتراب محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا

تشهد أسواق النفط حالة من الاستقرار في بداية يوم الاثنين، حيث ظلت الأسعار شبه ثابتة بينما يترقب المستثمرون تطورات محادثات السلام المحتملة بين روسيا وأوكرانيا. يأتي هذا الاستقرار في ظل آمال متزايدة بأن تُخفف الإجراءات والعقوبات التي تعطل تدفقات العرض العالمية من تداعيات الصراع القائم، مما قد يؤدي إلى زيادة الإمدادات وتراجع الأسعار على المدى القريب.

محادثات السلام وتأثيرها على الأسعار

بدأت الأنباء بالتداول بعد إعلان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن بدء مناقشات مع المسؤولين الروس لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وقد أكدت التصريحات الأخيرة أن المحادثات الأولية ستُعقد في المملكة العربية السعودية خلال الأيام المقبلة. يرى بعض المحللين أن أي تخفيف للعقوبات في حال التوصل إلى اتفاق سلام قد يؤدي إلى انخفاض أسعار خام برنت بما يتراوح بين 5 إلى 10 دولارات للبرميل، وذلك إذا أصبحت البراميل الروسية قريبة من الأسواق الرئيسية مثل الهند والصين، مما يسهم في زيادة العرض العالمي بشكل مفاجئ.

تشير هذه التطورات إلى أن أي تقدم في محادثات السلام قد يخفف من حدة الضغوط على سوق النفط، حيث ستنعكس تلك التطورات إيجابيًا على هوامش التكرير العالمية، خاصةً مع احتمال انخفاض أسعار المشتقات مثل الديزل في حال تخفيف العقوبات.

تأثير التوتر التجاري والتعريفات الجمركية

على صعيد آخر، لم تتجاهل الأسواق المخاوف المتعلقة بارتفاع خطر نشوب حرب تجارية عالمية. فقد أمر الرئيس ترامب فريقه الاقتصادي بدراسة إمكانية فرض تعريفات متبادلة على الدول التي تفرض رسومًا جمركية على الواردات الأمريكية، مع تقديم توصيات بحلول الأول من أبريل.

ويأتي هذا الإجراء في إطار محاولات إدارة ترامب لتهدئة المخاوف بشأن تأثيرات التعريفات الجمركية التي قد تعوق نمو الطلب العالمي على النفط. وصرح محلل من Panmure Liberum، آشلي كيلتي، بأن الأسس الأساسية تشير إلى فائض في العرض خلال هذا العام، مع صعوبة تقدير حجم هذا الفائض بسبب الآثار السلبية للتعريفات على نمو الطلب والتخفيف المحتمل للعقوبات على روسيا.

الدعم الناجم عن ضعف الدولار وتذبذب الإمدادات

تلقت أسعار النفط دعمًا إضافيًا من انخفاض الدولار الأمريكي، حيث تأثر مؤشر الدولار بتراجع الناتج عن بيانات مبيعات التجزئة الضعيفة لشهر يناير. وقد ساهم ضعف الدولار في جعل النفط أرخص نسبيًا للمستثمرين الدوليين، مما دعم الطلب على السلع النفطية. كما لوحظ تراجع في تدفقات النفط عبر اتحاد خطوط أنابيب البحر القزويني (CPC)، الذي ينقل النفط من حقل تنجيز في كازاخستان إلى ميناء نوفوروسييسك الروسي.

أوضحت تقارير أن انخفاض تدفقات النفط عبر الاتحاد جاء بعد تعرض محطة الضخ “كروبوتكينسكاي” في منطقة كراسنودار الجنوبية لهجوم بطائرة بدون طيار. ورغم أن هذه الهجمات لم تؤثر بشكل كبير على صادرات النفط الروسية حتى الآن، إلا أن تكرارها يشكل مصدر قلق من احتمال حدوث اضطرابات تؤدي إلى مخاطر في الإمدادات العالمية.

تأثير الأوضاع الجيوسياسية والتغيرات في السياسات الاقتصادية

تأتي هذه التطورات في ظل تنافس متزايد بين التوترات الجيوسياسية والتحديات الاقتصادية العالمية. ففي الوقت الذي يشهد فيه صراع روسيا وأوكرانيا محاولات للتوصل إلى حل سلمي، يتعامل السوق مع تأثيرات العقوبات والغرامات التجارية. كما يواصل الرئيس ترامب دعوته لإعادة النظر في السياسات التجارية الأمريكية عبر دراسة تأثير التلاعب بأسعار الصرف على الاقتصاد، مما قد يضيف بُعدًا جديدًا لتوقعات السوق بشأن النمو الاقتصادي العالمي.

على الجانب الآخر، أشارت بعض التقارير إلى أن منظمة أوبك+ قد تفكر في تأجيل زيادة الإمدادات الشهرية المقررة بدءًا من أبريل، رغم دعوات ترامب لخفض الأسعار. إلا أن نائب رئيس الوزراء الروسي نفت مثل هذه الخطط، مما يترك السوق في حالة من عدم اليقين حول مستقبل العرض العالمي.

النشاط في قطاع الطاقة الأمريكية

في الولايات المتحدة، سجلت شركات الطاقة إضافة جديدة في عدد آبار النفط والغاز الطبيعي لثلاثة أسابيع متتالية، للمرة الأولى منذ ديسمبر 2023، وفقًا لتقرير شركة “بيكر هيوز”. يُعد هذا النشاط مؤشرًا على ثقة القطاع في تعافي الطلب وتحسن ظروف الإنتاج على المدى الطويل، وهو ما يدعم التوقعات بتحقيق توازن بين العرض والطلب على مستوى العالم.

ختاما يبقى الاستقرار الحالي لأسعار النفط علامة على أن الأسواق تتأثر بتوازن دقيق بين عوامل العرض والطلب في ظل تحديات جيوسياسية وتجارية مستمرة. ففي حين أن محادثات السلام المحتملة بين روسيا وأوكرانيا قد تخفف من تأثير العقوبات وتزيد من الإمدادات، فإن المخاوف بشأن التعريفات الجمركية وحالة عدم اليقين التجاري تبقى عوامل ضغط محتملة على الأسعار.

ويدعم ضعف الدولار الأمريكي وتحسن نشاط الإنتاج في قطاع الطاقة الأمريكية هذا الاستقرار، مما يوفر للمستثمرين فرصة لرصد التحولات المستقبلية في السوق. تتابع الأسواق هذه التطورات عن كثب لتحديد مسار الأسعار وتوقع تأثير السياسات التجارية والجيوسياسية على الإمدادات العالمية، مما يجعل الفترة المقبلة حاسمة في تحديد مستقبل قطاع الطاقة العالمي.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى