أداء الأسهم الأمريكية: إغلاق متقارب لأسبوع قوي وسط تقلبات السوق

شهدت أسواق الأسهم الأمريكية نهاية أسبوع تداول متقاربة، حيث أغلقت الأسواق يوم الجمعة بتغيرات طفيفة على الرغم من الأداء القوي خلال الأسبوع. فقد انتهى مؤشر S&P 500 عند مستويات شبه ثابتة، بينما شهد مؤشر داو جونز انخفاضا طفيفا بمقدار 166 نقطة (0.4%)، فيما أضاف مؤشر ناسداك المركب ارتفاعًا بسيطًا بنسبة 0.4%.
ومع ذلك، ينتهي الأسبوع بارتفاعات إجمالية على وول ستريت، مما يعكس تحسن معنويات المستثمرين على خلفية تراجع المخاوف بشأن الرسوم الجمركية العالمية وتطورات بيانات التضخم.
تأثير السياسات التجارية والتضخم على معنويات المستثمرين
ساهمت بعض التطورات في تخفيف المخاوف التجارية التي كانت تؤثر سلبا على الأسواق خلال الأيام السابقة. ففي وقت سابق من الأسبوع، أعلن الرئيس دونالد ترامب توقيع مذكرة تنفيذية تضمنت خطة لوضع تعريفات على البضائع القادمة من الدول التي تفرض رسوما جمركية على الواردات الأمريكية، بدلا من فرض رسوم فورية. وقد أسهم هذا الإعلان في تعزيز التفاؤل بين المستثمرين بأن المخاطر التجارية لن تكون بالحدة التي كان يتوقعها السوق، مما رفع من ثقة المستثمرين في تحسن المناخ التجاري العالمي.
وبالإضافة إلى ذلك، جاءت بيانات أسعار الإنتاج (PPI) ومؤشر أسعار المستهلك (CPI) لشهر يناير بمستويات تبعث على الارتياح، حيث أشارت إلى احتمالية تسجيل قراءة أقل لمؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي (PCE)، وهو المؤشر الذي يتابعه الاحتياطي الفيدرالي عن كثب.
وقد تم تفسير هذه البيانات على أنها دليل على أن الاقتصاد الأمريكي لا يشهد تضخما مفرطا، مما جعل المتداولين يعتقدون أن الضغوط على أسعار الفائدة لن تستمر في الارتفاع، وهذا بدوره دعم معنويات الأسواق المالية.
بيانات مبيعات التجزئة وتأثيرها على السوق
على الرغم من أن بيانات مبيعات التجزئة لشهر يناير أظهرت انخفاضا بنسبة 0.9%، وهو ما كان أسوأ بكثير من التوقعات التي أشارت إلى تراجع بنسبة 0.2%، لم تؤثر هذه البيانات بشكل كبير على اتجاه السوق العام.
فالمستثمرون اعتبروا أن هذه البيانات تمثل عاملا ثانويا ضمن سياق بيئة اقتصادية شاملة تتسم بتراجع المخاطر التجارية وتحسن توقعات التضخم. وفي هذا الإطار، تمكنت الأسواق من تحقيق مكاسب أسبوعية، إذ من المتوقع أن ينتهي مؤشر S&P 500 بارتفاع قدره 1.6%، بينما سجل مؤشر داو جونز زيادة بنسبة 0.7%، وارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 2.5% خلال الأسبوع.
تأثير أسعار السندات على الأصول المالية
ساهم انخفاض عوائد سندات الخزانة الأمريكية، وخاصة سندات العشر سنوات، في دعم أسعار الأسهم. فقد سجلت عوائد سندات العشر سنوات انخفاضا تجاوز 5 نقاط أساس لتصل إلى 4.472%.
وقد أشار مات ستاكي، مدير المحافظ الاستثمارية في شركة Northwestern Mutual Wealth Management، إلى أن الانخفاض في العوائد يسهم في تحسين ثقة المستثمرين ورفع أسعار الأصول، حيث يرتبط تراجع العوائد ارتباطا وثيقا بارتفاع أسعار الأسهم.
وقد أدت هذه الديناميكية إلى توازن إيجابي بين الأسواق المالية، مما جعل المستثمرين يرون أن الضغوط التضخمية لا تتسبب في تأثير مضر على الاقتصاد الأمريكي.
دور شركات التكنولوجيا وتأثيرها على نمو الأرباح
على صعيد آخر، أظهرت بيانات بنك JPMorgan أن مساهمة مجموعة “المجموعة الرائعة” (Magnificent 7) في نمو أرباح الشركات الأمريكية تتضاءل تدريجيا. فقد انخفض الفارق بين نمو أرباح أسهم هذه المجموعة وباقي مؤشر S&P 500 إلى 20% في الربع الرابع، وهو أدنى فارق منذ الربع الأول من عام 2023 الذي سجل فيه الفارق 10%.
وأشار المحلل ميسلاف ماتيجكا إلى أن هذا التراجع يعكس تراجع تأثير هذه الشركات الضخمة على النمو العام للأرباح، مما يعني أن المساهمات تأتي من مصادر أخرى في الاقتصاد الأمريكي. وقد يكون هذا مؤشرا إيجابيا لتنوع مصادر النمو الاقتصادي، مما يعزز من قدرة السوق على الصمود في وجه التقلبات.
في الختام، تظهر الأسواق الأمريكية توازنا بين تقلبات البيانات الاقتصادية والتصريحات السياسية، مما أدى إلى إغلاق يوم الجمعة بتغيرات طفيفة رغم الأداء الإيجابي خلال الأسبوع.
وتساهم التطورات التجارية، مثل تأجيل التعريفات الجمركية، والبيانات التضخمية المحسنة في رفع معنويات المستثمرين، مما يدعم الأداء العام للأسهم الأمريكية. إلى جانب ذلك، يؤثر انخفاض عوائد سندات الخزانة وتراجع تأثير مجموعة شركات التكنولوجيا على تنوع مصادر النمو الاقتصادي، مما يشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي قادر على التكيف مع التحديات الحالية.
تبقى هذه المؤشرات الحيوية دليلا هاما على صحة السوق والاقتصاد، وسيستمر المستثمرون في متابعة هذه البيانات لتحديد الاتجاه المستقبلي للأصول المالية في ظل بيئة اقتصادية متقلبة.
اقرأ أيضا…