توقف ارتفاع سعر الدولار الأمريكي قبيل شهادة باول وبيانات التضخم

توقف الدولار الأمريكي عن سلسلة الارتفاع التي استمرت لثلاثة أيام يوم الثلاثاء، في وقت أصبحت فيه الأسواق غير متأثرة بتهديدات التعريفات الجمركية الأمريكية.
وينتظر المستثمرون شهادة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، التي ستقدم أمام لجنة البنوك والسكن والشؤون الحضرية في مجلس الشيوخ، بالإضافة إلى صدور بيانات التضخم الأمريكية يوم الأربعاء.
تفاصيل تحركات سعر الدولار الأمريكي
شهد سعر الدولار الأمريكي ارتفاعا ملحوظا خلال الأيام الثلاثة الماضية، حيث بلغ مؤشر الدولار – الذي يقيس قيمة الدولار مقابل سلة من ست عملات رئيسية – مستوى 108.28 بعد انخفاض طفيف بنسبة 0.1%.
وعلى الرغم من ذلك، ارتفع المؤشر بنسبة 0.37% الأسبوع الماضي، وهو أكبر ارتفاع يومي خلال ما يقارب الشهر، وذلك بعد صدور بيانات الوظائف الأمريكية التي دعمت عوائد سندات الخزانة والدولار.
من جهة أخرى، يبقى خطر فرض تعريفات جمركية إضافية قائمًا، حيث قام الرئيس دونالد ترامب برفع التعريفات على واردات الفولاذ والألمنيوم بشكل كبير. كما أعلن ترامب عن نيته فرض تعريفات متبادلة على دول أخرى خلال الأيام القادمة، مما يزيد من حدة المخاوف بشأن احتمال نشوب حرب تجارية عالمية.
شهادة باول والبيانات الاقتصادية
من المقرر أن يقدم جيروم باول شهادته نصف السنوية أمام لجنة البنوك والسكن والشؤون الحضرية في مجلس الشيوخ اليوم.
ويأتي ذلك في ظل انتظار المستثمرين لبيانات التضخم الأمريكية التي ستصدر يوم الأربعاء، بعد ظهور أرقام قوية في سوق العمل الأسبوع الماضي.
هذه البيانات تعتبر مهمة لدعم توقعات السوق بشأن مستقبل السياسة النقدية، إذ تسعر العقود الآجلة حوالي 37 نقطة أساس من تخفيضات أسعار الفائدة بحلول نهاية العام، مما يشير إلى احتمال تخفيض واحد بمقدار 25 نقطة أساس وفرصة بنسبة 48% لتخفيض إضافي.
وأن مخاطر فرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الأمريكية لا تزال قائمة، لكن هناك أسبابا جيدة للتركيز على العوامل الأساسية في الاقتصاد.
وصرح أثاناسيوس فامفاكيديس، رئيس أبحاث الفوركس العالمية في بنك أوف أمريكا، قائلا: “تهديد المزيد من الرسوم الجمركية الأمريكية لا يزال قائما، بما في ذلك ضد الاتحاد الأوروبي. وقد يؤدي الرد بالمثل إلى سيناريو خطير يتمثل في نشوب حرب تجارية عالمية.” وأضاف: “حتى وإن تم تجنب الأسوأ، فإننا نقلق من أن حالة عدم اليقين المطولة ستؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي.”
رد الاتحاد الأوروبي على هذه التصريحات، مؤكدًا أنه سيرد بإجراءات مضادة حازمة ومتناسبة بعد قرار ترامب بفرض تعريفات على جميع واردات الفولاذ والألمنيوم.
تأثير الإجراءات على العملات
على صعيد العملات الأخرى، شهد اليورو ارتفاعا طفيفا بنسبة 0.15% ليصل إلى 1.0320 دولار، كما ارتفع أمام الكرونة السويدية بنسبة 0.14% ليصل إلى 11.2654 بعد وصوله إلى أدنى مستوى له عند 11.2460 منذ سبتمبر 2024. كما سجلت الكرونة النرويجية ارتفاعًا بعد أن وصلت إلى 11.6173، وهو أدنى مستوى منذ نوفمبر.
ومن جانبه، انخفض الين الياباني بنسبة 0.15% إلى 152.22 ين للدولار، بعد أن وصل إلى 150.93 يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى له منذ 10 ديسمبر. ويظهر الين أداء جيدا منذ اجتماع بنك اليابان في يناير، حيث يركز المستثمرون على الفارق بين العوائد الحقيقية في اليابان والولايات المتحدة.
أما الدولار الأسترالي فقد ارتفع بنسبة 0.05% ليصل إلى 0.6271 دولار. وأفاد رئيس وزراء أستراليا، أنتوني ألبانيز، يوم الثلاثاء بأن الرئيس ترامب وافق على النظر في إعفاء أستراليا من تعريفات الفولاذ والألمنيوم، في مكالمة هاتفية وصفها بأنها بناءة مع الرئيس الأمريكي.
كما ارتفع الدولار بنسبة 0.15% مقابل الدولار الكندي، حيث وصل إلى 1.4333 دولار كندي، على الرغم من بقاء الكندي بعيدًا عن أدنى مستوى له خلال 22 عامًا والذي تحقق في وقت سابق من هذا الشهر. تُظهر بيانات معهد الحديد والفولاذ الأمريكي أن كندا، بالإضافة إلى البرازيل والمكسيك وكوريا الجنوبية وفيتنام، تعد من أكبر الدول المصدرة للفولاذ إلى الولايات المتحدة، فيما تظل كندا المورد الرئيسي للألمنيوم المستورد.
التطورات المستقبلية والتحديات
أكد مسؤول من البيت الأبيض أن التعريفات بنسبة 25% على واردات الفولاذ والألمنيوم ستدخل حيز التنفيذ في 4 مارس. وأفاد المحللون بأن الرسوم الجمركية على الفولاذ والألمنيوم قد تُطبق بناءً على أسباب أمنية وطنية وتنفيذها سيكون فوريًا، في حين أن التعريفات المتبادلة ستتطلب وقتًا أطول بسبب الحاجة لإجراءات تحضيرية.
إن حالة عدم اليقين في السوق، الناجمة عن التهديدات بفرض تعريفات جديدة واحتمالية ردود الفعل التجارية من الدول الأخرى، تشكل تحديًا كبيرًا للمستثمرين. كما أن تأثير هذه السياسات على النمو الاقتصادي والتضخم يبقى غير واضح، مما يجعل متابعة تصريحات المسؤولين الاقتصاديين والبيانات الاقتصادية أمرًا حيويًا لاتخاذ قرارات استثمارية مبنية على تقييم دقيق للوضع.
ختاما يتجه الدولار الأمريكي نحو توقف سلسلة الارتفاعات التي استمرت لثلاثة أيام، في وقت تزداد فيه المخاوف من تأثير التعريفات الجمركية الجديدة على الاقتصاد العالمي.
ومع انتظار المستثمرين لشهادة جيروم باول وبيانات التضخم القادمة، يبقى التركيز منصبًا على العوامل الأساسية التي تحدد مسار السياسة النقدية والاقتصادية في الولايات المتحدة. وبينما تستمر التوترات التجارية وتزداد احتمالية ردود الفعل من الدول الأخرى، سيظل تأثير هذه التطورات واضحا على أسواق العملات، مما يستدعي يقظة المستثمرين ومتابعتهم الدقيقة لآخر المستجدات الاقتصادية.
اقرأ أيضا…