النفط يتجه لتسجيل الأسبوع الثالث من الخسائر على التوالي

تأثير الرسوم الجمركية على العرض والطلب
بدأت المشكلة عندما أعلنت إدارة ترامب عن تجديد حملتها التجارية التي تستهدف الصين، حيث تم فرض رسوم جمركية جديدة على واردات بعض السلع الصينية، إلى جانب تهديدات بفرض تعريفات شاملة على دول أخرى. وفي نفس الوقت، قامت السلطات الأميركية بفرض عقوبات جديدة على بعض الأفراد والناقلات التي تشارك في شحن ملايين البراميل من النفط الإيراني إلى الصين، في محاولة لزيادة الضغط على طهران.
وقد اعتبر المحلل العالمي في Societe Generale، مايكل هايغ، أن تصريحات ترامب بشأن “الضغط الأقصى” على إيران أثارت حالة من الذعر في الأسواق، متوقعًا أن تنخفض صادرات النفط الإيراني إلى النصف، مما يضيف حالة من عدم اليقين إلى معادلة العرض العالمي.
تأثير المخزونات الأمريكية على أسعار النفط
على صعيد آخر، تعاني أسعار النفط من ضغوط إضافية نتيجة لارتفاع مخزونات النفط الأمريكية بشكل ملحوظ. فقد ارتفعت مخزونات النفط الخام الأمريكية بشكل حاد خلال الأسبوع الماضي، مما يعد إشارة إلى تراجع الطلب على النفط في ظل استمرار أعمال الصيانة في المصافي.
ويعتبر ارتفاع المخزونات مؤشرا سلبيا يعكس ضعف الاستهلاك، ويضغط على سعر النفط نحو الانخفاض على المدى القصير. كما أن زيادة المخزونات جاءت في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي تباطؤا في الطلب، مما يزيد من حالة عدم اليقين بين المستثمرين.
المخاوف التجارية وتأثيرها على النمو الاقتصادي
أثرت المخاوف من احتمال اندلاع حرب تجارية شاملة على مستوى عالمي في تراجع سعر النفط هذا الأسبوع، إذ أدت هذه المخاوف إلى تخوف المستثمرين من تأثير سلبي محتمل على النمو الاقتصادي العالمي.
فبينما كان من الممكن أن تدعم الرسوم الجمركية الطلب على النفط باعتباره سلعة آمنة، فإن الآثار المترتبة على انخفاض النمو العالمي وخفض الاستثمارات قد تؤدي إلى تراجع الطلب على النفط، مما يخلق حالة من الضغط التنازلي على الأسعار.
وقال محللو BMI في مذكرة حديثة إن “الضغوط السلبية الناتجة عن الأخبار حول التعريفات الجمركية تزيد من المخاوف بشأن ضعف الطلب العالمي على النفط، مما يؤدي إلى تراجع الأسعار.”
كما أثارت تصريحات ترامب بشأن رفع إنتاج النفط الأميركي قلق المتداولين، خاصة بعد أن أفادت البيانات بأن المخزونات الأميركية ارتفعت بشكل أكبر مما كان متوقعا.
تأثير السياسات التجارية على أسواق النفط العالمية
تستمر الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في لعب دور رئيسي في تحديد اتجاه سعر النفط. ففي حين أن الإجراءات الجمركية التي اتخذتها الإدارة الأميركية تستهدف تصعيد الضغط على الصين وإعادة توازن العلاقات التجارية، فإن ردود الفعل الدولية لم تكن متسقة، حيث شرعت الصين في فرض تعريفات على بعض الواردات الأمريكية مثل النفط، الغاز الطبيعي المسال، والفحم. وقد أثر هذا التبادل التجاري بشكل مباشر على ثقة المستثمرين، مما أدى إلى تخفيض الطلب على النفط في الأسواق العالمية.
من ناحية أخرى، حاولت الدول المتضررة من هذه الرسوم، مثل كندا والمكسيك، التفاوض على إعفاءات أو تأجيل تنفيذ الرسوم، وهو ما منح الأسواق بعض المساحة للتنفس. إلا أن استمرار التصعيد مع الصين يظل يشكل تهديدا كبيرا، إذ من المرجح أن يؤدي إلى ضغوط إضافية على النمو الاقتصادي العالمي وانخفاض الطلب على النفط.
نظرة مستقبلية وتأثيرات محتملة
يتجه المستثمرون الآن إلى مراقبة البيانات الاقتصادية القادمة، خاصة تقارير المخزونات الأميركية والتقارير المتعلقة بالطلب العالمي على النفط، لتحديد مدى تأثير هذه الإجراءات على سعر النفط في المستقبل القريب.
كما أن الانتظار لتطورات المفاوضات التجارية الدولية سيشكل عاملاً رئيسيًا في تحديد مسار الأسعار. ففي حالة استمرار التصعيد دون حلول تفاوضية، قد يؤدي ذلك إلى استمرار انخفاض سعر النفط على المدى القصير، في حين أن استجابة أوبك+ وإجراءات الدول المنتجة قد تساعد في تخفيف الضغوط ورفع الأسعار تدريجيًا.
ختاما تشير التحركات الحالية في سوق النفط إلى أن سعر النفط يواجه ضغوطًا متزايدة نتيجة لتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وارتفاع مخزونات النفط الأميركية، إلى جانب تأثير الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأميركية على واردات النفط وبعض السلع الأخرى.
بينما يحاول المستثمرون التكيف مع هذه الظروف المتقلبة، تبقى حالة عدم اليقين قائمة، مما يدفع الأسواق إلى اتخاذ حذر شديد في تقييم مستقبل الطلب العالمي على النفط. في ظل هذه المعطيات، من المتوقع أن يظل سعر النفط عرضة للتقلبات حتى يتم الوصول إلى حلول تفاوضية تقلل من حدة التصعيد التجاري وتعيد توازن العرض والطلب في الأسواق العالمية.
اقرأ أيضا…
2 تعليقات