أسعار النفط تسجل الأسبوع الرابع من المكاسب وسط تأثير العقوبات الأمريكية والتطورات الاقتصادية العالمية
واصلت أسعار النفط تحقيق مكاسبها هذا الأسبوع، حيث سجل كل من خام برنت وخام غرب تكساس (WTI) ارتفاعا للأسبوع الرابع على التوالي، وجاء هذا الارتفاع مدفوعا بمخاوف تتعلق بالإمدادات نتيجة العقوبات الأمريكية على التجارة الروسية، إلى جانب التفاؤل بشأن تعافي الاقتصاد العالمي.
العقوبات الأمريكية ومخاوف الإمدادات
ارتفع خام برنت يوم الجمعة بمقدار 36 سنتا، أو 0.4%، ليصل إلى 81.65 دولار للبرميل وقت كتابة هذا التقرير، وخلال الأسبوع، سجل برنت مكاسب بنسبة 2.4%، كما صعد خام غرب تكساس بمقدار 53 سنتا، أو 0.7%، ليصل إلى 79.21 دولار للبرميل، محققا ارتفاعا بنسبة 3.5% خلال الأسبوع.
ذكرت وكالة رويترز الأسبوع الماضي أن وثيقة من وزارة الخزانة الأمريكية، تداولها التجار في أوروبا وآسيا، كشفت عن استهداف 180 سفينة وعدد من كبار التنفيذيين الروس في قطاع النفط، بالإضافة إلى شركتين كبيرتين هما Surgutneftgas وGazprom Neft، اللتين تشكلان حوالي 25% من صادرات النفط الروسية. هاتان الشركتان شحنتا ما يقارب 970 ألف برميل يوميا خلال عام 2024.
ووفقا لخبراء السلع في بنك ستاندرد تشارترد (StanChart)، فإن تأثير العقوبات على السوق سيؤدي إلى إزالة حوالي 900 ألف برميل يوميا من السوق. ورغم أن روسيا قد تلجأ إلى استخدام أساليب مثل الأسطول المظلل وعمليات النقل بين السفن لتجاوز العقوبات، يتوقع الخبراء أن يكون هناك انخفاض فعلي بمقدار 500 ألف برميل يوميا خلال الأشهر الستة المقبلة.
تأثير قرارات أوبك+ على خطط الإنتاج المستقبلية
أوضح تقرير ستاندرد تشارترد أن قرار أوبك+ بتأجيل زيادة الإنتاج المخطط لها إلى أبريل 2025 وتمديد تخفيف التخفيضات حتى نهاية 2026 سيقلل من خطر وجود فائض في السوق. بموجب الجدول الجديد، سيتم إضافة 191.3 مليون برميل فقط إلى السوق في 2025، مقارنةً بالخطة السابقة التي كانت ستضيف 496.3 مليون برميل.
وتتوقع ستاندرد تشارترد زيادة الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.31 مليون برميل يوميا في 2025، بينما سيبلغ نمو الإمدادات من خارج أوبك حوالي 0.96 مليون برميل يوميا، وقدرت أن السوق سيشهد انخفاضا في المخزون بمقدار 0.1 مليون برميل يوميا على مدار العام.
تغييرات سياسية محتملة مع عودة ترامب
يتابع المشاركون في السوق أيضًا التأثير المحتمل لعودة دونالد ترامب الوشيكة إلى البيت الأبيض. وقد صرح المرشح لمنصب وزير الخزانة في إدارة ترامب الجديدة بنيته فرض عقوبات أشد على النفط الروسي.
وأشار المحلل جيوفاني ستاونوفو من بنك يو بي إس إلى أن تصريحات الشخصيات السياسية تشير إلى احتمال فرض عقوبات إضافية مستقبلا، ومع ذلك، يتخذ المتداولون نهجا حذرا في انتظار قرارات سياسية واضحة من الإدارة الجديدة.
وتعد المؤشرات الاقتصادية الإيجابية داعما إضافيا لأسعار النفط. ففي الولايات المتحدة، أدت بيانات انخفاض التضخم إلى تعزيز الآمال بخفض أسعار الفائدة، مما قد يحفز الطلب في أكبر اقتصاد عالمي. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت بيانات جديدة من الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، أن البلاد حققت هدفها للنمو الاقتصادي بنسبة 5% العام الماضي، مما يشير إلى استقرار الطلب على الطاقة.
وقف إطلاق النار في البحر الأحمر وتأثيره
رغم التفاؤل السائد، فإن التوقعات بتراجع المخاطر في طرق الشحن أسهمت جزئيا في تخفيف وتيرة ارتفاع أسعار النفط. ومن المتوقع أن يسهم اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي يشمل وقف هجمات ميليشيا الحوثي على السفن في البحر الأحمر، في تحسين ظروف الشحن العالمية.
تسببت هجمات الحوثيين في تعطيل التجارة البحرية لأكثر من عام، مما أجبر السفن على اتخاذ طرق أطول وأكثر تكلفة عبر جنوب أفريقيا. ومع اتفاق وقف إطلاق النار، قد تتحسن التحديات اللوجستية في نقل النفط عالميًا، مما يقلل الضغوط الصعودية على الأسعار.
ختاما من المتوقع أن تواصل أسعار النفط زخمها مع تقييم المتداولين لتأثير العقوبات الأمريكية، والتغيرات السياسية المحتملة تحت الإدارة الأمريكية الجديدة، والبيانات الاقتصادية المشجعة من الاقتصادات الكبرى. ومع ذلك، قد تسهم التطورات الجيوسياسية، بما في ذلك وقف إطلاق النار في غزة وتحسن ظروف الشحن، في إحداث توازن في السوق. ومع ظهور مؤشرات على تعافي الطلب العالمي، تبقى سوق النفط حساسة للتغيرات في ديناميكيات العرض والتحولات الاقتصادية الأوسع نطاقا.
اقرأ أيضا…