أسعار الذهب تحقق مكاسب للأسبوع الثالث وسط توقعات خفض أسعار الفائدة وسياسات ترامب
شهدت أسعار الذهب انخفاضا طفيفا يوم الجمعة، لكنها ظلت على مسار تحقيق مكاسب للأسبوع الثالث على التوالي.
يأتي ذلك نتيجة بيانات التضخم الأميركية التي جاءت أضعف من المتوقع، بالإضافة إلى تصريحات تميل نحو التيسير النقدي من أحد مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، مما زاد من التوقعات بخفض أسعار الفائدة.
وبلغ سعر الذهب 2,706.71 دولار، مسجلا تراجعا بنسبة 0.3% خلال جلسة الجمعة، لكنه ارتفع بنسبة 0.6% خلال الأسبوع. في الوقت نفسه، انخفضت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة إلى 2,732.00 دولار.
دور البيانات الاقتصادية الأميركية في دعم أسعار الذهب
جاء الدعم الذي تلقته أسعار الذهب هذا الأسبوع نتيجة ضعف البيانات الاقتصادية الأميركية، بما في ذلك انخفاض مؤشر أسعار المنتجين ومؤشر أسعار المستهلكين مقارنة بالتوقعات. هذه البيانات أضعفت المخاوف من استمرار التضخم المرتفع، ما زاد من احتمالية تخفيضات الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
أوضح زين فاودا، المحلل لدى MarketPulse، أن الذهب استفاد بشكل كبير من البيانات الاقتصادية الضعيفة، بالإضافة إلى تصريحات الاحتياطي الفيدرالي التي أظهرت ميلا نحو خفض الفائدة. هذا الدعم الإضافي يعكس أيضا المخاوف المستمرة من حالة عدم اليقين حول مستقبل الاقتصاد الأميركي خلال عام 2025.
توقعات خفض أسعار الفائدة وتأثيرها على أسعار الذهب
أشارت بيانات حديثة إلى انخفاض التضخم الأساسي في الولايات المتحدة، مما عزز التوقعات بخفض أسعار الفائدة. وتوقع المتداولون أن يتم خفض الفائدة مرتين بحلول نهاية العام. كما أشار كريستوفر والر، محافظ الاحتياطي الفيدرالي، إلى إمكانية إجراء ثلاثة أو أربعة تخفيضات في الفائدة إذا استمرت البيانات الاقتصادية في التراجع.
بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الذهب ملاذا آمنا في ظل التوقعات بتخفيضات الفائدة، حيث يؤدي انخفاض الفائدة إلى تقليل تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالأصول التي لا تحمل فوائد مثل الذهب، مما يزيد من جاذبيته للمستثمرين.
السياسات الأميركية وتأثيرها على السوق
مع اقتراب تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب في 20 يناير، تحول الانتباه نحو السياسات الاقتصادية التي قد يعتمدها، خاصة فيما يتعلق بالتجارة. تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية، وهي خطوة قد تؤدي إلى زيادة التضخم على المدى القصير.
وفي هذا السياق، أوضح تقرير من بنك ANZ أن زيادة مخاطر التضخم الناتجة عن سياسات ترامب قد تعني تخفيضات أقل حدة في أسعار الفائدة، وهو ما سيؤدي إلى استقرار معدلات الفائدة الحقيقية.
هذا الاستقرار يدعم الاستثمار في الذهب، كما توقع التقرير أن تعود تدفقات الاستثمار في صناديق الذهب المتداولة إلى النمو بعد ثلاث سنوات من التراجع المستمر.
سوق الذهب الصيني في عام 2024
شهد سوق الذهب الصيني عاما مليئا بالتناقضات في عام 2024، وفقا لما ذكره “راي جيا”، رئيس قسم الأبحاث في مجلس الذهب العالمي. ورغم ارتفاع أسعار الذهب بشكل كبير، كانت عمليات السحب من بورصة شنغهاي للذهب (SGE) والطلب على المجوهرات أقل بكثير من المتوسطات طويلة الأجل، بينما سجلت صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب الصينية أداء قياسيا.
وأوضح “جيا” أن ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية وقوة الدولار، نتيجة لتغير التوقعات بشأن قرارات الفائدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي، تفوقت على الضغوط التصاعدية الناجمة عن المخاطر الجيوسياسية، وتوقعات التضخم، وزخم السوق المتحسن.
مع ذلك، كان عام 2024 استثنائيا لأسعار الذهب عالميا، وارتفعت أسعار الذهب باليوان بنسبة 28%، محققة أفضل أداء منذ عام 2009، بينما شهد الذهب بالدولار الأمريكي أكبر ارتفاع سنوي له (27%) منذ عام 2010، وكانت التوترات الجيوسياسية وشراء البنوك المركزية للذهب عوامل رئيسية وراء هذا الأداء، بينما ساهم ضعف اليوان في تعزيز أسعار الذهب بالعملة المحلية.
صناديق الذهب الصينية تحقق أداء قياسيا
على النقيض من ضعف الطلب على المجوهرات، سجلت صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب في الصين أداء استثنائيا في عام 2024. ففي شهر ديسمبر وحده، ارتفعت أصول الصناديق المدارة إلى 4.5 مليار يوان (635 مليون دولار أمريكي)، مما رفع إجمالي الأصول إلى 71 مليار يوان (9.7 مليار دولار أمريكي)، وهو أعلى مستوى على الإطلاق. كما وصلت الحيازات إلى مستوى قياسي بلغ 115 طنا، بزيادة قدرها 7.5 طن خلال الشهر.
وأشار “جيا” إلى أن الأداء القوي لصناديق الذهب يعود إلى عدة عوامل، من بينها ضعف اليوان، وتراجع عوائد السندات الحكومية، وتصاعد حالة عدم اليقين الاقتصادي، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن الأمان في الذهب. كما أن إعلان البنك المركزي الصيني عن استئناف شراء الذهب ربما زاد من اهتمام المستثمرين.
على مدار العام، ارتفع الطلب الاستثماري على صناديق الذهب إلى مستوى قياسي بلغ 31 مليار يوان (4.4 مليار دولار أمريكي)، وهو أعلى تدفق استثماري على الإطلاق. وزادت أصول صناديق الذهب بنسبة 150%، بينما ارتفعت الحيازات بنسبة 87%، أو ما يعادل 53 طنًا.
أسعار المعادن الأخرى
أما بالنسبة للمعادن الأخرى، فقد انخفضت أسعار الفضة بنسبة 0.9% لتصل إلى 30.49 دولار للأوقية، بينما تراجع البلاديوم بنسبة 0.5% إلى 936.31 دولار. وعلى الرغم من ارتفاع البلاتين بنسبة 0.6% إلى 937.50 دولار، إلا أنه يتجه لتسجيل أسوأ أسبوع منذ نوفمبر.
ختاكا يواصل الذهب تسجيل مكاسب للأسبوع الثالث على التوالي، مدعومًا بتوقعات خفض الفائدة وضعف البيانات الاقتصادية الأميركية. كما أن حالة عدم اليقين حول السياسات الاقتصادية للرئيس المنتخب دونالد ترامب تساهم في تعزيز جاذبية الذهب كملاذ آمن. ومع استمرار مراقبة الأسواق للتطورات الاقتصادية والسياسية، يبدو أن الذهب سيظل خيارًا مفضلًا للمستثمرين الباحثين عن الاستقرار في ظل التقلبات المحتملة.
اقرأ أيضا…