تراجع أسعار النفط واستمرار التأثير الإيجابي لسياسات الصين يحد من الخسائر
شهدت أسعار النفط تراجعا يوم الثلاثاء وسط تهدئة المخاوف من تداعيات الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، رغم الدعم الذي قدمته خطط الصين لتعزيز السياسات التحفيزية، مما قد يزيد الطلب من أكبر مستورد للنفط الخام في العالم.
تراجعت عقود خام برنت بمقدار 24 سنتًا إلى 71.90 دولار للبرميل بحلول الساعة 10:09 بتوقيت غرينتش، بينما انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بمقدار 28 سنتًا ليصل إلى 68.09 دولار. يأتي هذا بعد ارتفاع تجاوز 1% في كلا المؤشرين يوم الاثنين.
الوضع في سوريا وتأثيراته على السوق
في سوريا، بدأت المعارضة في تشكيل حكومة جديدة وإعادة الاستقرار بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد. من المتوقع استئناف عمل البنوك وقطاع النفط يوم الثلاثاء.
قال يياب جون رونغ، استراتيجي الأسواق في شركة IG: “يبدو أن التوترات في الشرق الأوسط تحت السيطرة، مما أدى إلى تقليل مخاطر تأثير إقليمي أوسع قد يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في إمدادات النفط”.
رغم أن سوريا ليست منتجًا رئيسيًا للنفط، إلا أنها تحتل موقعًا استراتيجيًا ولها علاقات قوية مع روسيا وإيران، مما يثير مخاوف من اضطرابات إقليمية.
تأثيرات السياسات الأميركية والصينية على أسعار النفط
قد تشهد أسعار النفط دفعة إيجابية إذا أقدم الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه في 17-18 ديسمبر. يمكن لهذا القرار أن يعزز الطلب على النفط في أكبر اقتصاد في العالم، رغم انتظار المتداولين لبيانات التضخم هذا الأسبوع لمعرفة ما إذا كانت ستؤثر على هذا التوجه.
في المقابل، أسهمت تقارير عن تبني الصين سياسة نقدية “ملائمة” في عام 2025 لتحفيز النمو الاقتصادي في دعم أسعار النفط. تُعد هذه الخطوة أول تخفيف للسياسات النقدية منذ نحو 14 عامًا.
وشهدت واردات الصين من النفط الخام نموًا سنويًا للمرة الأولى منذ سبعة أشهر، حيث ارتفعت في نوفمبر مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي. ومع ذلك، أوضح توماس فارغا من شركة PVM للوساطة النفطية أن هذا الارتفاع ناتج عن تخزين النفط أكثر من كونه مؤشرًا لتحسن الطلب.
آفاق مشرقة للاقتصاد الصيني وتأثيرها على أسعار النفط
تبدو الآفاق الاقتصادية للصين مشجعة هذا الأسبوع وسط تعهدات بإجراءات تحفيزية جديدة وزيادة قوية في واردات السلع الأساسية خلال نوفمبر. شهد مؤشر CSI300 للأسهم الصينية ارتفاعًا بنسبة 3.2% في بداية التداولات يوم الثلاثاء، كما سجلت السندات الحكومية مكاسب.
ارتفعت واردات الصين من النفط الخام إلى 11.81 مليون برميل يوميًا في نوفمبر، بزيادة 14.3% مقارنة بنفس الشهر من عام 2023، وهو أقوى أداء شهري منذ أغسطس من العام الماضي.
ومع ذلك، لم تكن هذه الزيادة كافية لتعويض التراجع المسجل في الأشهر السابقة، حيث انخفضت الواردات الإجمالية للنفط خلال الأشهر الـ11 الأولى بنسبة 2.1% على أساس يومي.
تساؤلات حول استدامة ارتفاع واردات النفط
يبقى السؤال الأساسي في الأسواق النفطية: هل تمثل زيادة واردات الصين في نوفمبر بداية اتجاه تصاعدي قوي، أم أنها مجرد نتيجة لانخفاض الأسعار واستغلال المصافي لحصص الاستيراد قبل نهاية العام؟
تشير التقديرات إلى أن الشحنات التي وصلت في نوفمبر تم ترتيبها عندما كانت أسعار النفط العالمية عند أدنى مستوياتها لعام 2024، حيث تراجعت عقود خام برنت إلى 69.19 دولار للبرميل في 10 سبتمبر. ومنذ ذلك الحين، تعافت الأسعار إلى حد ما، حيث تم تداول خام برنت عند حوالي 71.78 دولار يوم الثلاثاء.
في النهاية يظل سوق النفط تحت تأثير مجموعة معقدة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية. وبينما قد يدعم تحفيز الاقتصاد الصيني الطلب على النفط، فإن المخاوف بشأن الاستقرار الإقليمي والقرارات النقدية الأميركية ستظل تلقي بظلالها على حركة الأسعار في الفترة المقبلة.
اقرأ أيضا…