ارتفاع أسعار النفط بسبب التطورات في سوريا وتوقعات الطلب المستقبلي

بدأت أسعار النفط الخام تداولاتها هذا الأسبوع على ارتفاع، مدفوعة بالأخبار التي تفيد بلأطاحة برئيس سوريا بشار الأسد واستولت على البلاد في هجوم خاطف لم يستغرق سوى أقل من شهر، متجاهلة تقارير زيادة منصات الحفر وإنتاج النفط في الولايات المتحدة
حيث بلغ عدد منصات النفط والغاز العاملة في الولايات المتحدة أعلى مستوى له منذ منتصف سبتمبر الأسبوع الماضي، مما يشير إلى ارتفاع الإنتاج من أكبر منتج للنفط في العالم. ومع استمرار الضغوط على السوق، شهدت أسعار النفط انخفاضات متتالية خلال الأسبوعين الماضيين.
وفي وقت كتابة هذا التقرير، تم تداول خام برنت عند 71.54 دولار للبرميل، بينما بلغ خام غرب تكساس الوسيط 67.63 دولار للبرميل. ومع ذلك، كانت المكاسب محدودة بسبب استمرار التشاؤم بشأن نمو الطلب.
عدم اليقين السياسي يدعم أسعار النفط
صرح توموميشي أكوتا، المحلل في شركة “ميتسوبيشي يو إف جي للأبحاث والاستشارات”، لوكالة رويترز قائلا: “التطور في سوريا أضاف طبقة جديدة من عدم اليقين السياسي في الشرق الأوسط، مما وفر بعض الدعم للسوق”.
وأضاف أكوتا: “لكن تخفيضات أسعار النفط من قبل السعودية وتمديد تخفيضات إنتاج أوبك+ الأسبوع الماضي أكدت ضعف الطلب من الصين، مما يشير إلى أن السوق قد يلين قرب نهاية العام”.
وأوضح ييب جون رونغ، الاستراتيجي في “آي جي ماركت”: “تسعر الأسواق إلى حد كبير أن التوترات في سوريا ستظل محصورة داخل نطاقها الخاص، وأن مخاطر تعطل إمدادات النفط على نطاق أوسع تبقى منخفضة”.
خفض أسعار النفط السعودي يعزز مخاوف الفائض
قررت شركة أرامكو السعودية، أكبر شركة لتصدير النفط في العالم، خفض أسعار البيع الرسمية (OSPs) لعملائها في آسيا إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات، في خطوة تحمل إشارات متعددة حول وضع سوق النفط الحالي.
وخفضت أرامكو سعر البيع الرسمي للنفط الخام من نوع “العربي الخفيف” للشحنات المحملة في يناير إلى 90 سنتًا للبرميل، أي بتخفيض قدره 80 سنتًا مقارنة بعلاوة قدرها 1.70 دولارًا لشهر ديسمبر، هذا التخفيض يمثل أدنى علاوة منذ يناير 2021، وهو الوقت الذي شهد ضعفًا عالميًا في الطلب نتيجة لجائحة كورونا.
يشير المحللون إلى عاملين رئيسيين وراء هذا القرار: ضعف الطلب ومحاولة استعادة الحصة السوقية. كلا العاملين يمكن تبريرهما بناءً على البيانات الأخيرة.
ضعف الطلب على النفط في آسيا
أشار محللو ANZ في مذكرة يوم الاثنين إلى أن تخفيضات إضافية في أسعار الفائدة الفيدرالية الأمريكية قد لا تكون كافية لتخفيف المخاوف في سوق النفط بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وتأثيره على الطلب.
وشهدت واردات آسيا من النفط تراجعًا واضحًا في عام 2024 مقارنة بعام 2023. وفقًا لبيانات LSEG، بلغت واردات آسيا من النفط في الأشهر الـ11 الأولى من 2024 نحو 26.58 مليون برميل يوميًا، بانخفاض 310,000 برميل يوميًا عن الفترة نفسها من عام 2023.
ومع ذلك، هناك بوادر تعافٍ، حيث ارتفعت واردات آسيا في نوفمبر إلى 27.05 مليون برميل يوميًا، وهو أعلى مستوى في ستة أشهر، بقيادة زيادة الطلب من الصين التي سجلت وارداتها 11.77 مليون برميل يوميًا مقارنة بـ10.57 مليون برميل يوميًا في أكتوبر.
أيضا تعهد القادة الصينيون يوم الاثنين باتخاذ إجراءات مالية أكثر “استباقية” وتخفيف السياسات النقدية بشكل “معتدل” في العام المقبل لتعزيز الاستهلاك المحلي، وفقًا لبيان رسمي صدر عقب اجتماع هام لوضع أولويات الاقتصاد في المرحلة القادمة.
يتوقع أن توفر القرارات التي تم اتخاذها توجيهات واضحة للحكومات المحلية، خاصة في ظل التحضير لجلسة البرلمان السنوية بداية العام المقبل، وفي حين أن السياسات الاقتصادية للعام الجديد لن تُعلن رسميًا حتى مارس، فإن تعهد القيادة الصينية بالاستقرار والنمو يعكس التزامًا بمواجهة التحديات الخارجية والداخلية، الأمر الذي دعم تفاؤل المستثمرين في تعافي الطلب على النفط ودعم ارتفاع أسعار النفط اليوم.
توقعات أسعار النفط لعام 2025
في الأسبوع الماضي، قامت “مورغان ستانلي” بمراجعة توقعاتها لسعر خام برنت لعام 2025 بالزيادة. وأوضحت الشركة أن قرار أوبك+ بتأخير عكس تخفيضات الإنتاج سيؤدي إلى فائض في الإمدادات أقل مما كان متوقعًا، حتى مع الضعف الملحوظ في الطلب من الصين.
وعلق محللو “آي إن جي” على قرار أوبك+ قائلين: “الإجراء الذي اتخذته أوبك+ يقلل بشكل كبير من الفائض الذي كان متوقعًا لعام 2025. ومع ذلك، فإن التمديد والعودة البطيئة للإمدادات ليست كافية لدفع السوق إلى العجز العام المقبل”.
وهو ما غير من تحركات مستثمري النفط، فا على الرغم من تراجع الأسعار، أظهرت بيانات لجنة تداول السلع الآجلة الأمريكية (CFTC) أن مديري الأموال زادوا صافي المراكز الشرائية لعقود النفط الآجلة وخيارات الخام الأمريكي خلال الأسبوع المنتهي في 3 ديسمبر.
على الجانب الأخر المستثمرين يترقبون أسبوعًا مليئًا بالبيانات، بما في ذلك تقرير تضخم رئيسي في الولايات المتحدة يوم الأربعاء، والذي قد يقدم إشارات حول خطط الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة.
اقرأ أيضا…