تباطؤ اقتصادات أوروبا وسط تهديدات التعريفات الجمركية والاضطرابات السياسية
تراجعت الأنشطة الاقتصادية في منطقة اليورو هذا الشهر، متأثرة بتهديد فرض رسوم جمركية أعلى على الصادرات إلى الولايات المتحدة، مما زاد من حالة عدم اليقين السياسي في الداخل، وفقًا لتقارير صدرت يوم الجمعة.
وأظهرت بيانات مسح أن الشركات في منطقة اليورو قلّصت التوظيف للشهر الرابع على التوالي، مما يعزز توقعات البنك المركزي الأوروبي بمواصلة تخفيض أسعار الفائدة وربما تسريع وتيرتها. وانخفض اليورو إلى أدنى مستوى له في عامين مقابل الدولار الأمريكي بعد صدور البيانات، مما يعكس رؤية المستثمرين لاحتمالية تسريع إجراءات التيسير النقدي.
انخفض مؤشر مديري المشتريات المركب لمنطقة اليورو، الذي تصدره بنك هامبورج التجاري وإس آند بي جلوبال، إلى 48.1، وهو أدنى مستوى منذ بداية العام. يُشير المؤشر إلى انكماش اقتصادي عندما يكون أقل من 50 نقطة، بينما توقع المحللون انخفاضًا أقل حدة وفقًا لاستطلاع أجرته صحيفة وول ستريت جورنال.
وأشارت بيانات المملكة المتحدة بشكل غير متوقع إلى انكماش اقتصادي لأول مرة منذ أكثر من عام، حيث أثرت الزيادة في ضريبة التوظيف التي أُعلنت في موازنة أكتوبر على معنويات الأعمال.
تحديات منطقة اليورو: تهديد الرسوم الجمركية والسياسات المحلية
في منطقة اليورو، أشارت الشركات إلى خفض أعداد الموظفين وسط ضعف الاستثمار والمخاوف من المستقبل. ويُعد التهديد بفرض تعريفات جمركية أميركية أعلى على الواردات الأوروبية أحد أبرز مصادر القلق، خاصةً أنه كان جزءًا أساسيًا من حملة دونالد ترامب الرئاسية الناجحة.
رغم عدم وضوح التفاصيل، فإن فوز الجمهوريين بقيادة ترامب في الكونجرس يزيد من احتمال فرض قيود تجارية على أوروبا، التي تُعد أكبر وجهة للصادرات الأوروبية. وعلى الرغم من إمكانية التفاوض للحصول على إعفاءات، تبقى التبعات المحتملة محل نقاش واسع.
تصريحات البنك المركزي الأوروبي والخلافات السياسية
أشارت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد إلى تعرض الاقتصاد الأوروبي، الذي يعتمد بشكل كبير على التجارة الدولية، لمخاطر متزايدة نتيجة للتهديدات التي تواجه حرية التجارة من جميع الجهات.
وفي الداخل، تعاني أكبر اقتصادين في المنطقة من اضطرابات سياسية. ففي فرنسا، يكافح رئيس الوزراء ميشيل بارنييه للحصول على دعم تشريعي للموازنة. أما في ألمانيا، فقد دعا المستشار أولاف شولتز إلى انتخابات مبكرة بعد انهيار ائتلافه الحاكم.
تواجه صناع القرار في البنك المركزي الأوروبي تحديات إضافية بسبب تسارع ارتفاع الأسعار التي تفرضها الشركات، مما يثير مخاوف بشأن التأثير طويل المدى على التضخم. ومع ذلك، قد تدفع مؤشرات الانكماش الاقتصادي البنك إلى تسريع تخفيض أسعار الفائدة لدعم النشاط الاقتصادي والتوظيف.
انخفاض النشاط الصناعي والخدمات
وأظهرت البيانات أن قطاع الخدمات في منطقة اليورو انكمش، بينما تعمق الركود في قطاع التصنيع، مع مراقبة الشركات للتطورات التجارية الأميركية بقلق. في ألمانيا، التي تُعد أكبر اقتصاد أوروبي وأكبر مصدر للسلع، انخفض النشاط الاقتصادي إلى أدنى مستوياته منذ فبراير.
من المتوقع أن يتفاقم عدم اليقين الاقتصادي مع اقتراب حفل تنصيب ترامب. وأوضح الخبير الاقتصادي سورن راددي أن المعنويات قد تتراجع أكثر مع اتضاح تفاصيل السياسة التجارية الأميركية خلال الأشهر المقبلة.
وفي سياق متصل، يشير المحللون إلى أن سوق العمل الضعيف قد يدفع البنك المركزي الأوروبي إلى تبني سياسات نقدية أكثر دعمًا للنشاط الاقتصادي. وأشار عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي بييرو تشيبولوني الأسبوع الماضي إلى أن الإبقاء على أسعار الفائدة المرتفعة في ظل هذه الضغوط قد يكون غير مجد.
خلافات حول تأثير التعريفات على التضخم
تتباين الآراء بين صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي بشأن تأثير التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة على التضخم. حيث يرى رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناجل أنها قد تُحدث تأثيرًا كبيرًا إذا أشعلت حربًا تجارية واسعة، بينما قال نظيره في البنك المركزي الفرنسي يوم الخميس إنها قد تكون ذات تأثير محدود على مسار التضخم.
ختاما، تبقى منطقة اليورو في مواجهة تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، مما يزيد من أهمية استجابة البنك المركزي الأوروبي السريعة لدعم الاستقرار والنمو.
اقرأ أيضا…