أخبار الأسواقاخبار اقتصاديةتقارير اقتصادية

تحديات تواجه الفيدرالي والمركزي الأوروبي حول حل لغز الديون

مع اقتراب اجتماع البنك المركزي الأوروبي في 17 أكتوبر وتوقعات بخفض أسعار الفائدة الرئيسية، يتساءل المستثمرون والمحللون عن مدى ضرورة هذه الخطوة لتجنب التباطؤ الاقتصادي الشديد.

وعلى الجانب الآخر، ينتظر أن يتخذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قرارًا مشابهًا في اجتماعه المقرر يومي السادس والسابع من نوفمبر، مما يفتح الباب على مصراعيه للنقاش حول تأثيرات هذه السياسات النقدية على التضخم وأعباء الديون الوطنية المتزايدة.

مفهوم r-star

منذ عدة سنوات، ركز صناع السياسات النقدية بشكل كبير على ما يعرف بـ r-star، وهو المعدل الحقيقي الخالي من المخاطر الذي يضمن استقرار التضخم في اقتصاد يعمل بكامل طاقته. غير أن المشكلة تكمن في صعوبة تحديد هذا المعدل بدقة.

على سبيل المثال، يعتمد بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك على تقديرين مختلفين لمعدل “r-star”؛ أحدهما يشير إلى 1.2% والآخر إلى 0.7%، وذلك بناءً على ما إذا كانت المنهجية المستخدمة تأخذ في الاعتبار اضطرابات الجائحة أم لا.

هذه التقديرات المتباينة تجعل صناع السياسات في موقف صعب عند اتخاذ قرارات حاسمة بشأن أسعار الفائدة، حيث أن أي تحرك غير مدروس قد يفضي إلى تفاقم مشاكل التضخم أو يهدد استقرار الاقتصاد.

معدل الفائدة الأمثل لضبط الديون

في سياق البحث عن حلول لضبط النمو في الديون الوطنية المتزايدة، قدم فريق من صندوق النقد الدولي مفهومًا جديدًا يدعى النجم المالي.

هذا المصطلح يشير إلى المعدل الحقيقي للفائدة الذي يضمن استقرار مستويات الديون الوطنية عندما يعمل الاقتصاد بكامل إمكاناته ويكون التضخم في المستويات المستهدفة.

إذا بقيت أسعار الفائدة أعلى من هذا المعدل لفترة طويلة، فإن نسب الديون الوطنية إلى الناتج المحلي الإجمالي ستستمر في الارتفاع، ما لم تتخذ الحكومات إجراءات جادة لخفض عجز الموازنات.

ومن الواضح أن الاعتماد على النمو الاقتصادي وحده لن يكون كافيًا لمواجهة هذا التحدي. ورغم أن البنوك المركزية قد تفكر في السماح بارتفاع التضخم لتقليص الديون، فإن هذا الخيار ليس دائمًا واقعيًا، لأنه يقوض ثقة الأسواق وصناع السياسات في الاستقرار الاقتصادي.

كيف يمكن إيقاف تضخم الديون؟

في أوروبا، تشير التوقعات إلى أن البنك المركزي الأوروبي قد يضطر إلى خفض أسعار الفائدة إلى نحو 2% خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة من أجل تثبيت مستويات الديون.

هذا السيناريو يبدو ممكنًا في ضوء أن سعر الفائدة على الودائع لدى البنك المركزي الأوروبي يبلغ حاليًا 3.5%. ومع ذلك، قد تواجه دول مثل فرنسا وإيطاليا تحديات كبيرة في السيطرة على العجز المالي المتزايد.

وفي الوقت الذي قد تفرض فيه آلية الاستقرار الأوروبية ضغوطًا على هذه الدول لخفض عجزها، فإن الطريق نحو الاستقرار المالي في القارة العجوز قد يكون محفوفًا بالعقبات.

أما في الولايات المتحدة، فإن التحديات أكبر بكثير. فمن المتوقع أن تخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة إلى أقل من 2.5% من أجل منع ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.

ومع ذلك، فإن التوقعات تشير إلى أن البنك لن يخفض أسعار الفائدة إلى أقل من 3.3% خلال السنوات الثلاث المقبلة. ومع تزايد التوقعات بمزيد من الإنفاق الحكومي غير الممول، سواء في ظل إدارة دونالد ترامب المحتملة أو أي إدارة أخرى، قد يتسبب ذلك في إضافة تريليونات الدولارات إلى العجز خلال العقد المقبل.

مستقبل الاقتصاد العالمي

إن التخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة في أوروبا وأمريكا قد تخفف من ضغوط النمو الاقتصادي البطيء والتضخم، لكنها لن تحل مشكلة الديون الوطنية المتزايدة.

ستحتاج الحكومات إلى اتخاذ خطوات أكثر حزمًا لضبط الإنفاق والسيطرة على العجز المالي، خصوصًا في ظل المخاطر المتزايدة التي قد تفرضها هذه الديون على الاستقرار المالي العالمي.

في نهاية المطاف، يبقى السؤال المطروح: هل ستنجح السياسات النقدية في إيقاف تضخم الديون والحفاظ على استقرار الاقتصاد العالمي؟ أم أن الحكومات ستجد نفسها مضطرة لمواجهة عواقب تراكم الديون بصورة غير مسبوقة.

الأمر المؤكد هو أن القرارات التي سيتخذها البنك المركزي الأوروبي ومجلس الاحتياطي الفيدرالي في الأشهر المقبلة ستكون حاسمة، ليس فقط لتحقيق استقرار مؤقت، بل لتحديد ملامح الاقتصاد العالمي في المستقبل القريب.

 

اقرأ ايضاً:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى