تراجع القطاع الخاص في منطقة اليورو بسبب تدهور التصنيع
شهد اقتصاد القطاع الخاص في منطقة اليورو انكماشًا للمرة الأولى منذ شهر مارس، مع تراجع التصنيع المتزايد وانتهاء تأثير الألعاب الأولمبية في فرنسا، مما أثار مخاوف من أن انتعاش المنطقة قد توقف.
انخفض مؤشر مديري المشتريات المركب الصادر عن S&P Global إلى 48.9 في سبتمبر بعد أن كان 51 في الشهر السابق، وهو أقل من العتبة التي تفصل بين النمو والانكماش عند 50. وكان المحللون يتوقعون أن ينخفض المؤشر بشكل طفيف إلى 50.5.
تأثيرات الانكماش على الأسواق المالية
بعد صدور هذه البيانات، شهد جزء رئيسي من منحنى العوائد الألماني تطبيعًا، حيث راهن المتداولون على أن البنك المركزي الأوروبي سيحتاج إلى تسريع وتيرة خفض أسعار الفائدة لدعم اقتصاد الدول الـ20 في منطقة اليورو. انخفض معدل السندات الألمانية لأجل سنتين تحت معدل السندات لأجل عشر سنوات، مما أعاد الفارق بين الفترتين إلى ما فوق الصفر لأول مرة منذ نوفمبر 2022. كما انخفض اليورو أيضًا.
بدأ الإنتاج في دول المنطقة في التباطؤ بالفعل خلال الربع الثاني، حيث ما زال المستهلكون يترددون في الإنفاق، على الرغم من استفادتهم من تراجع التضخم وزيادة الأجور. الطلب الخارجي الضعيف، خاصة من الصين، يؤثر أيضًا سلبًا على المصانع. وتظهر مشاكل شركات صناعة السيارات الألمانية مثل فولكس فاجن مدى خطورة هذا الوضع.
آفاق الركود الاقتصادي
قال سايروس دي لا روبييا، اقتصادي في بنك هامبورغ التجاري: “منطقة اليورو تتجه نحو الركود”. وأضاف: “بالنظر إلى التراجع السريع في الطلبيات الجديدة وتراكم الطلبات، لا يتطلب الأمر الكثير من الخيال للتنبؤ بمزيد من الضعف في الاقتصاد”.
أعرب بعض مسؤولي البنك المركزي الأوروبي عن قلقهم بشأن الزخم البطيء، محذرين من أن السياسة النقدية المتشددة لا يجب أن تخنق الاقتصاد لفترة طويلة. ومع ذلك، أشاروا إلى احتمال عدم تغيير أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل، بعد أن تم خفضها مرتين هذا العام، لكن تغيرًا كبيرًا في الاقتصاد قد يدفعهم إلى إعادة النظر.
تأثير ألمانيا وفرنسا على ضعف منطقة اليورو
يرجع جزء كبير من ضعف منطقة اليورو إلى ألمانيا، حيث تواجه شركات التصنيع تراجعًا في الطلب العالمي وتزايد المنافسة من الصين، بالإضافة إلى مشكلات هيكلية محلية. انخفض مؤشر مديري المشتريات المركب لألمانيا إلى 47.2 بعد أن كان 48.4، مع تراجع أسرع في قطاع التصنيع وتباطؤ شبه تام في قطاع الخدمات.
في فرنسا، اختفى تأثير الألعاب الأولمبية بسرعة، وتراجع النشاط في قطاع الخدمات بشكل حاد. وأشار المؤشر العام للنشاط إلى انكماش جديد بعد النمو الذي تحقق في أغسطس.
تراجع النشاط الاقتصادي في المنطقة ككل
خارج أكبر اقتصادين في منطقة اليورو، استمر الإنتاج في الارتفاع، لكن بأبطأ وتيرة منذ يناير. كما تراجع التضخم في المنطقة، حيث خفت الضغوط على أسعار المدخلات والمخرجات.
أثر النشاط الأضعف أيضًا على سوق العمل، حيث خفض المصنعون أعداد الموظفين بأسرع وتيرة منذ أكثر من أربع سنوات. في حين استمر التوظيف في قطاع الخدمات في الارتفاع، لكنه شهد أبطأ وتيرة منذ أغسطس 2023.
يتوقع دي لا روبييا أن تسوء أرقام التوظيف الرسمية في منطقة اليورو خلال الأشهر المقبلة، رغم أن التوجهات الديموغرافية قد توفر استقرارًا أكبر مما كان عليه الحال في فترات التباطؤ السابقة.
تعتبر مؤشرات مديري المشتريات من المؤشرات الاقتصادية المهمة التي تراقبها الأسواق عن كثب لأنها تصدر في بداية الشهر وتعكس التوجهات والانعطافات في الاقتصاد بشكل مبكر.
اقرأ أيضا…
تعليق واحد