تقرير دراجي يحذر: ضعف النمو الاقتصادي يهدد مكانة الاتحاد الأوروبي وأهدافه المناخية
يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات اقتصادية كبيرة تهدد تحقيق أهدافه الجيوسياسية والمناخية والاجتماعية. وفقًا لتقرير صادر عن الاقتصادي والسياسي ماريو دراجي، الذي شغل سابقًا منصب رئيس وزراء إيطاليا ورئيس البنك المركزي الأوروبي، فإن النمو الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي يتخلف عن الصين والولايات المتحدة، مما يضعف قدرته على تحقيق أهدافه.
ضعف الإنتاجية وأثرها على الطموحات الأوروبية
أشار التقرير، الذي طال انتظاره، إلى أن الطموحات الأوروبية أصبحت محل شك في ظل تراجع نمو الإنتاجية، مما يؤدي إلى تباطؤ التوسع الاقتصادي في المنطقة. كما حذر التقرير من أن هذا التباطؤ قد يعرقل تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي في تعزيز المساواة الاجتماعية وتقليل الانبعاثات الكربونية.
وضع التقرير مجموعة من التحديات الرئيسية التي يجب على الاتحاد الأوروبي مواجهتها من خلال استراتيجية صناعية جديدة تشمل خفض أسعار الطاقة، وزيادة القدرة التنافسية، وتعزيز الاستثمار في الدفاع.
كما أشار التقرير إلى ضرورة التكيف مع عالم يتزايد فيه الاعتماد على الآخرين، مما يجعل هذه الاعتمادات نقاط ضعف للاتحاد الأوروبي، مثل اعتماده على الصين في المعادن الأساسية واعتماد الصين على الاتحاد الأوروبي في امتصاص فائضها الصناعي.
التجارة والانكشاف على المخاطر
يشير التقرير إلى أن مستوى الانفتاح التجاري العالي للاتحاد الأوروبي يجعله عرضة للمخاطر في حالة تسارع الاتجاه نحو الاستقلالية في سلاسل التوريد. حوالي 40% من واردات أوروبا تأتي من عدد قليل من الموردين يصعب استبدالهم، ونصف هذه الواردات تقريبًا يأتي من دول ليست على “توافق استراتيجي” مع الاتحاد.
يوصي التقرير بأن يطور الاتحاد الأوروبي “سياسة اقتصادية خارجية حقيقية” تنسق بين الاتفاقيات التجارية التفضيلية والاستثمار المباشر مع الدول الغنية بالموارد.
كما يجب بناء احتياطيات استراتيجية في مناطق معينة، وإنشاء شراكات صناعية لضمان سلاسل التوريد للتكنولوجيات الرئيسية.
أهداف الاستثمار وتنشيط السوق
لتلبية أهداف الدفاع والرقمنة وإزالة الكربون، يجب على الاتحاد الأوروبي زيادة معدل الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 5 نقاط مئوية سنويًا، وهو مستوى لم يشهده الاتحاد منذ الستينيات والسبعينيات.
وأشار التقرير إلى أن تنفيذ السوق الموحدة بشكل كامل، التي تضم 440 مليون مستهلك و23 مليون شركة، يتطلب تقليل العوائق التجارية. كما يجب على الاتحاد الأوروبي التأكد من أن سياساته التنافسية لا تشكل عائقًا أمام تحقيق أهدافه، خاصة في قطاع التكنولوجيا.
يعاني الاتحاد الأوروبي من “عجز في الابتكار” يجب معالجته من خلال الإصلاحات. ومن أجل تعبئة التمويل الخاص، يوصي التقرير بتحويل هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية (ESMA) من منسق للمنظمين الوطنيين إلى منظم واحد لجميع أسواق الأوراق المالية في الاتحاد، على غرار لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC).
مستقبل الاتحاد الأوروبي واللجنة الجديدة
أصدر التقرير بناءً على تكليف من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين العام الماضي، والتي تم انتخابها لفترة ولاية ثانية مدتها خمس سنوات في يوليو. من المتوقع أن يتم تعيين مفوضين جدد هذا الأسبوع، لكن الخبراء يشيرون إلى أن تنفيذ التوصيات قد يواجه تحديات بسبب الوضع السياسي المعقد والمتجزأ في الدول الأعضاء.
في تعليقاته، أشار لورنزو كودوغنو، مؤسس Lorenzo Codogno Macro Advisors، إلى أن النقاش السياسي الذي سيلي التقرير سيكون حاسمًا، ولكن قد لا يتم اتخاذ أي إجراءات حتى تصبح اللجنة الجديدة فعالة بالكامل.
اقرأ أيضا…