تعليم تداول الفوركس

ما وراء الأرقام: رحلة داخل عقول المتداولين وتأثير العواطف في الأسواق المالية

لازالت الأسئلة مستمرة حول كيفية تحقيق الأرباح في الأسواق المالية، وعلى الرغم من زيادة التقنيات المساعدة في عمليات التداول وزيادة الاستراتيجيات ومدارس التحليل الفني وطرق إدارة رأس المال والمحاضرات والندوات التعليمية حول كيفية تحليل الأسواق المالية والتوقعات الاخبارية، إلا أن نسبة المتداولين الناجحين لم تتجاوز حتى الآن 10% في  مجال التداول. وفي نفس السياق، نود التنويه أن هذه النسبة معلنة منذ بداية الأسواق المالية منذ عشرات السنين.

هل فكرت يوماً ما، ما الذي يجعل أقل من 10 % من المتداولين على مستوى العالم يستطيعون الربح بشكل مستمر في الأسواق المالية، والغالبية العظمى يحققون خسائر فادحة؟ أعتقد أن الإجابة واضحة.

عند سؤال المتداولين لماذا لم تربح حتى الآن من الأسواق المالية بعد كل تلك السنين من تعلم طرق التحليل المختلفة تجد الإجابة غالبًا: “أن الخطأ في الاستراتيجية وسأبحث عن واحدة أخرى.” هل فكرت يوماً أن تكون أنت المشكلة؟ أن تكون تصرفاتك تجاه الصفقات هي المشكلة الرئيسية؟

في السطور القادمة سنأخذكم في رحلة داخل العقل البشري، لنبحث سوية عن الأسرار الحقيقية للنجاح في مجال التداول، أملين أن تجد الإجابات لجميع الأسئلة التي تدور في ذهنك حول ما الذي يجعلني أربح في الأسواق المالية بشكل عام وفي الفوركس بشكل خاص.

تنشأ المشاريع الضخمة والتجارات العالمية التي قد تصل إلى مليارات الدولارات، بناءً على تصرف الإنسان عند التعامل مع منتج معين. فمنها من يعتمد على القيمة، حيث يتم ربط قيمة المنتج بالشخص، وبالتالي يشعر الأشخاص بالنقص وعدم الكمال والاحتياج لهذا المنتج فقط للظهور بصورة جميلة أمام الآخرين. فإذا تمعنا في الجملة السابقة سنجد أن جميع المنتجات تعتمد في بيعها وشرائها ونسبة نجاحها على نفسية الإنسان وكيفية التحكم فيها.

التداول يعتبر من أكثر المجالات ارتباطاً بالنفس البشرية وذلك بسبب الارتباط الوثيق للنفس البشرية بالمال وما يجلبه من سعادة عارمة وتحقيق للأهداف. ولكن هذه الجملة ليست بهذه البساطة، فالعقل البشري يفرز هرمون الدوبامين وهو المسؤول عن السعادة والراحة وبالتالي عند تحقيق الأرباح. يفرز هذا الهرمون فنشعر بالسعادة، وعند الخسارة نشعر بالحزن أو الاكتئاب لأننا لم نستطع الحصول على شعور السعادة وذلك لعدم إفراز هذا الهرمون.

صناعة الفوركس وغيرها من الصناعات المالية المختلفة تقوم على تلك الفكرة “إذا استطعت التحكم في النفس البشرية أستطيع ضمان الخسارة لأي شخص على مستوى العالم وبالتالي سأحقق أرباحًا كبيرة من وراء تلك الخسائر للمتداول”. وهذه ليست المشكلة بل المشكلة الحقيقية في أنك تظن أن الحل في وجود طريقة أو استراتيجية تؤدي بك إلى تحقيق الأرباح، ولكن الإجابة بكل بساطة هي أنك لا تملك حتى الآن مفاتيح النفس البشرية والتي من خلالها فقط تستطيع الربح من أسواق المال. سأذكر لكم أهم المفاتيح التي أثرت بشكل كبير في طريقي التداول:

العقل البشري مكون من عقل واعي وعقل لا واعي، في حالات الربح المستمره والخسارة المستمرة العقل اللاواعي هو من يتخذ القرارات، وذلك لأن العقل قد كون نمط معين وبالتالي يصبح توقع الأحداث بناءً على هذا النمط أمر بديهي، فيأخذ العقل اللاواعي زمام الامور لتجد نفسك تفعل نفس الاخطاء الى أن تدمر حسابك في حالات الخسارة . و في حالات المكسب اذا حدثت خسارة فلن يستطيع العقل تقبلها لان النمط الحالي ربح فقط. و عندما تبتعد عن التداول لتكسر ذلك النمط فيعود عقلك الواعي للعمل تبدأ في رؤية كل الأخطاء بوضوح. العقل البشري لا يستطيع فهم الكلمة، مثال الغضب يترجم فورا في المخ على أنه شيء سلبي بغض النظر عن أي شيء آخر، فهو لا يفهم المعاني بل يترجمها على أساس المعتقدات التي تم حفرها في الذاكرة منذ الولادة وهنا ستختلف العقول في ترجمة الكلمة باختلاف كل إنسان وبيئته.

الالتزام في التداول هي كلمة ليس لها معنى بل إنها كلمة توحي بالتعب في حد ذاتها. على سبيل المثال، كم يستطيع الإنسان الالتزام بخطته أو بالاستراتيجية الخاصة به على مدار سنة، إذا كنت محترفًا لن تصل إلى نسبة 90% طوال السنة. ولكن دعني أفسر لك الأمور بشكل أبسط.

المفتاح الأول (الوقت):

جميع المستثمرين يغفلون عن هذه النقطة حيث يتعلم مدرسة معينة في 5 أشهر ثم ينطلق إلى السوق كي يبحث عن المكسب. سأقولها لك بكل صدق قبل 5 سنوات في مجال التداول لن تكون متداولًا محترفًا، فلا تحاول تسريع عملية النجاح لأن هذا لن يحدث. لذا من منطلق أن الوقت مازال طويلاً على بلوغك النجاح، إذا سنتفق سويا على أن أي نتيجة في التداول سواء جيدة أو سيئة لن تمثل لك أي مشكلة نفسية، حيث أنك لا تنتظر أي شيء من التداول وهذا هو المطلوب أن لا تتعلق بنتائج التداول نهائيًا سواء خسارة كبيرة أو مكاسب كبيرة، فهذا لا يمثل تقييم نهائي لك بل هي تجربة من ضمن التجارب فأنت ما زلت في فترة التعليم. نحن لن ننجح قبل 5 سنوات من الدراسة والتجربة والبحث.

المفتاح الثاني (تقبل الخسارة):

لعلك سمعت هذه الجملة في أماكن كثيرة ولكن دعني أخبرك يا صديقي أن هذا المفتاح سيعمل فقط في حالة فهمك للمفتاح الأول وهو الوقت. تقبل الخسارة هي مهارة يتعلمها العقل البشري فهو لا يحب الخسارة بطبيعته. دائما ما يبحث العقل عن المنطقة الآمنة، ومهمته الأولى في جسد الإنسان هو الحفاظ على حياته من كل المخاطر. هذا الشيء لن يفهمه العقل من تلقاء نفسه ولكن يجب ترويضه على ذلك لتغيير برمجته.

لذا إذا وصلت لمرحلة أنك تخسر مرات عديدة ولم تتألم أو يؤثر ذلك على حياتك اليومية، فهنيئاً لك فأنت قد اجتزت مرحلة من مراحل التداول يعجز عنها 50% من متداولي الأسواق المالية.

المفتاح الثالث والأهم هو (التعلق):

التعلق بشيء ما هو ما يسبب لنا الما كبيرا في الحياة. عند التعلق بأمر ما أو شخص ما، فنحن سنتأثر بأي شيء سيء أو جيد يصدر منه، وبالتالي إن تعلقك بالتداول ورؤية أن هذا المجال الذي سيغير حياتك نحو الأفضل ويجعلك ثريًا سيبرمج عقلك بشكل لا ارادي أنه من غير الممكن ان تفشل في هذا المجال فهو الملاذ الاخير لك في هذه الحياه . وهذا تحديدا ما سيقف عقبة في طريق نجاحك في التداول. هذا لأن المخ البشري سيبدأ في رسم الآمال والتوقعات والطموحات، في حين أن السوق ليس له علاقة بأي شيء يدور في ذهنك، وبالتالي ستبدأ في الاستعجال في صفقاتك، ولن تجد صفة الصبر طريقها إليك. بل إنك يا صديقي، ستخلق لنفسك مخاوفًا كبيرة، وستظل تحاربها حتى تنتصر عليها، و ستدخل حروبًا أنت في غنى عنها. الربح في الأسواق المالية أمر غاية في السهولة إذا اقتنعت بأهمية فهم كلمة التعلق بالتداول.

كيف ستتقبل الخسارة وأنت على عجلة من أمرك لتحقيق الآمال والطموحات؟

كيف ستنتظر تكون صفقاتك؟ كيف ستصبر على الصفقة للوصول إلى الأهداف؟

مشاكل كثيرة في نفسيتك ستكتشفها في طريقك في التداول فقط إذا تعاملت مع التداول كلعبة، قد تخسر يومًا وقد تكسب يومًا، وعند اقتناعك بهذا المبدأ، هنا نستطيع القول أنك صعدت أول درجة في سلم النجاح.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى