تحليل مؤشر الدولار الامريكي و كيفية تداوله في البورصة
يعتبر مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) أحد أهم المؤشرات الاقتصادية التي يستخدمها المستثمرون والمتداولون في سوق الفوركس وسوق الأسهم على حد سواء. يعكس هذا المؤشر القيمة النسبية للدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات الرئيسية، مما يجعله مقياساً أساسياً لقوة الدولار وتأثيره على الأسواق العالمية.
في هذا المقال، سنتناول كيفية تحليل مؤشر الدولار الأمريكي وفهم ديناميكياته، بالإضافة إلى استراتيجيات التداول الفعالة التي يمكن للمستثمرين استخدامها لتحقيق أقصى استفادة من تقلبات هذا المؤشر في البورصة. سنستعرض أيضاً أهمية مؤشر الدولار العالمي في الاقتصاد العالمي وتأثيره على السلع والأسهم، مما يتيح للمتداولين اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة مبنية على تحليل دقيق للمؤشر.
ما هو مؤشر الدولار (DXY)؟
مؤشر الدولار اليوم- المعروف أيضاً باسم USDX أو DXY أو DX أو USD – هو مقياس لقيمة الدولار الأمريكي (USD) مقابل سلة من العملات. تزداد قيمة المؤشر إذا زادت قوة الدولار أمام هذه العملات، وتنخفض إذا ضعفت قيمته.
تاريخ إنشاء مؤشر الدولار الأمريكي
تم إنشاء مؤشر الدولار DXY من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (FED) في عام 1973 بعد انتهاء نظام بريتون وودز للمدفوعات على أساس الدولار. قررت البلدان حينها السماح بتعويم عملاتها بحرية بدلاً من ربطها بأسعار ثابتة بالدولار الأمريكي بعد أن علقت الحكومة الأمريكية معيار الذهب. وُضع النظام لتحديد قواعد التجارة بين الولايات المتحدة وكندا وأوروبا الغربية وأستراليا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية.
تم تطوير مؤشر الدولار DXY كمرجع للتجارة الخارجية للولايات المتحدة، وأصبح تداول العقود الآجلة لمؤشر الدولار متاحاً في عام 1985، وتداول الخيارات في عام 1986. يُحافظ على التداول على المؤشر بواسطة بورصة إنتركونتيننتال (ICE).
كيفية حساب مؤشر الدولار الأمريكي (DXY)
مثلما يقيس مؤشر الأسهم قيمة سلة من الأوراق المالية، يعبر مؤشر الدولار الأمريكي عن قيمة الدولار بالنسبة إلى “سلة من العملات”. يُحسب مؤشر الدولار الأمريكي كمتوسط مرجح بناءً على عملاته الست المكونة: اليورو، الين الياباني، الجنيه الإسترليني البريطاني، الدولار الكندي، الكرونة السويدية، والفرنك السويسري.
نسب أوزان العملات في مؤشر الدولار:
- اليورو مقابل الدولار الأمريكي: 57.6٪
- الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني: 13.6٪
- الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي: 11.9٪
- الدولار الأمريكي مقابل الدولار الكندي: 9.1٪
- الدولار الأمريكي مقابل الكرونة السويدية: 4.2٪
- الدولار الأمريكي مقابل الفرنك السويسري: 3.6٪
اقرأ أيضًا: تحليل يوضح احتمالية ارتفاع مؤشر الدولار الامريكي
أهمية مؤشر الدولار الأمريكي للمتداولين
يعتبر مؤشر الدولار الأمريكي مهماً لمتداولي الفوركس لأنه يعكس القوة النسبية للدولار الأمريكي عالمياً. يمكن استخدامه في التحليل الفني لتأكيد الاتجاهات المتعلقة بالأسواق المختلفة مثل السلع المسعرة بالدولار، وأزواج العملات التي تشمل الدولار الأمريكي، والأسهم والمؤشرات. غالباً ما تميل أسعار السلع الأساسية إلى الانخفاض مع زيادة قيمة الدولار، والعكس صحيح.
استخدام مؤشر الدولار في التحوط
يستخدم العديد من المتداولين مؤشر الدولار للتحوط من المخاطر. على سبيل المثال، يمكن تعويض بعض المخاطر المرتبطة بالتداول عن طريق شراء الدولار مقابل الين (USD/JPY) وبيع مؤشر الدولار.
كيفية تداول مؤشر الدولار (DXY)
تداول مؤشر الدولار هو وسيلة شائعة للمستثمرين لاكتساب التعامل مع الدولار الأمريكي واتخاذ مركزاً على الاقتصاد الأمريكي أو السوق العالمية. يمكن للمستثمرين توزيع المخاطر الكامنة في سوق الفوركس واتخاذ مركزاً للتعرض على اتجاهات الاقتصاد الكلي بدلاً من اقتصاد دولة واحدة.
تداول مؤشر الدولار الأمريكي عبر العقود مقابل الفروقات (CFD)
العقود مقابل الفروقات هي نوع من العقود يتم تداولها بين وسيط ومتداول، حيث يوافق أحد الطرفين على دفع الفرق في قيمة الأصل للطرف الآخر بين فتح الصفقة وإغلاقها. يتيح لك تداول العقود مقابل الفروقات تداول المؤشر في كلا الاتجاهين، حيث يمكنك الاحتفاظ بصفقة شراء أو بيع، اعتماداً على ما إذا كنت تتوقع ارتفاع أو انخفاض سعر الأصل.
العقود مقابل الفروقات توفر الرافعة المالية، مما يسمح لك بالتعرض لمركز كبير دون الحاجة إلى الالتزام بالتكلفة الكاملة في البداية. بينما تتيح لك الرافعة المالية زيادة توزيع رأس المال الخاص بك، يجب أن تضع في اعتبارك أن ربحك أو خسارتك ستظل محسوبة على الحجم الكامل لصفقتك، مما يعني أن الأرباح والخسائر يمكن أن تتضخم بشكل كبير.
اقرأ أيضًا: فرصة بيع قصيرة المدى على زوج العملات
تحليل حركات مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) في تداول العملات الأجنبية (الفوركس)
يعتبر مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) أحد المؤشرات الرئيسية التي يستخدمها المتداولون في سوق العملات الأجنبية (الفوركس) لفهم حركة الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات الأجنبية الأخرى. يمكن للمتداولين استخدام حركات مؤشر الدولار الأمريكي للحصول على فكرة عامة حول تغيرات قيمة الدولار الأمريكي مقابل هذه العملات.
على سبيل المثال، عندما يرتفع مؤشر الدولار الأمريكي، يشير ذلك عادة إلى قوة الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى. وبالمقابل، عندما ينخفض مؤشر الدولار الأمريكي، يشير ذلك عادة إلى ضعف الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى.
تقدم العديد من وسائل الإعلام المالية تقارير دورية عن حركات مؤشر الدولار الأمريكي لمساعدة المتداولين في فهم كيفية تأثير هذه الحركات على أداء الدولار الأمريكي في سوق العملات الأجنبية. ويمكن استخدام مؤشر الدولار الأمريكي كمؤشر عكسي لقوة عملة معينة، مثل اليورو، نظرًا لأنه يتكون من نسبة كبيرة من اليورو في تركيبته.
من المهم أن يتذكر المتداولون في سوق الفوركس أن هناك ارتباطًا بين حركات مؤشر الدولار الأمريكي وحركات العملات الفردية مقابل الدولار الأمريكي. على سبيل المثال، عندما يرتفع مؤشر الدولار الأمريكي، فإنه من المرجح أن ترتفع العملات المكونة لمؤشر الدولار مقابل الدولار الأمريكي، والعكس صحيح.
ما الذي يؤثر على قيمة مؤشر الدولار الامريكي (DXY)؟
تعتمد قيمة مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) على عوامل عدة تتضمن العرض والطلب على الدولار الأمريكي، إضافة إلى تأثير العملات المكونة للمؤشر. يتأثر الطلب على الدولار بعدة عوامل منها السياسة النقدية والتجارية، إلى جانب التطورات الاقتصادية ومعدل التضخم والأحداث الجيوسياسية وحالة معنويات الأسواق المالية.
ومن المهم أن نلاحظ أن العملة الأقوى يمكن أن تؤدي إلى تقليل الطلب على الصادرات إلى الدول التي تدفع بعملات أضعف، وهذا يعزز بعض الحكومات سياسات للحفاظ على قيمة عملتها منخفضة. بالمقابل، تفضل البلدان التي تعتمد على الاستيراد عملة قوية لتخفيض تكاليف الصادرات.
تسعى السياسات النقدية التي تهدف لتحفيز الاقتصاد إلى تقليل قيمة العملات، حيث يمكن لدولة ما خفض أسعار الفائدة أو زيادة المعروض النقدي لجعل عملتها أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب. في عام 2020، شهد مؤشر الدولار الأمريكي تراجعًا بسبب ارتفاع الطلب على العملات الآمنة، حيث ساهمت سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في خفض أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية منخفضة وحفز الاستثمارات لتقليل قيمة الدولار.
نظرية ابتسامة مؤشر الدولار (Smile Theory)
تمت ملاحظة نظرية “ابتسامة الدولار” لأول مرة من قبل ستيفن جين، الخبير السابق في استراتيجيات العملات والاقتصادي في مورجان ستانلي. تحاول هذه النظرية تفسير سبب تعزيز الدولار الأمريكي في فترات ازدهار الاقتصاد الأمريكي، وكذلك في فترات تدهور الأوضاع الاقتصادية العالمية. تأخذ النظرية شكل ابتسامة وتتألف من ثلاث مراحل، وفيما يلي شرح موجز لهذه المراحل:
- المرحلة الأولى: تكون الدولار الأمريكي ضمن أقل قيمته نسبيًا في فترات انخفاض النمو الاقتصادي العالمي، حيث يكون الطلب على الدولار متدنيًا نسبيًا.
- المرحلة الثانية: مع تحسن النمو الاقتصادي العالمي، يزداد الطلب على الدولار الأمريكي كعملة آمنة، مما يؤدي إلى ارتفاع قيمته.
- المرحلة الثالثة: في فترات ازدهار الاقتصاد العالمي، يتراجع الطلب على الدولار مرة أخرى، حيث يكون الاهتمام أكبر بالاستثمار في الأصول ذات العائد العالي.
بهذه الطريقة، تعكس نظرية ابتسامة الدولار تقلبات القوة النسبية للدولار الأمريكي في الأسواق العالمية خلال مختلف مراحل النمو الاقتصادي العالمي.
الارتفاعات والانخفاضات لمؤشر الدولار الأمريكي (DXY)
تمتاز تحركات مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) بتقلبات واسعة على مدى تاريخه، وبالمقارنة مع مؤشرات أخرى، فإنه لم يشهد ارتفاعًا عامًا منذ إنشائه. وفي الواقع، وصل مؤشر الدولار إلى أعلى مستوى له في 5 مارس 1985، حيث وصل إلى قمة الـ 163.83.
كانت الهبوطات الأخيرة أكبر بكثير من الهبوطات السابقة، حيث تراجع مؤشر الدولار الأمريكي في 22 أبريل 2008، في بداية الانهيار المالي الكبير. وعندما بدأ المؤشر التداول عند مستوى الـ 100، يمكن أن تظهر لك نظرة سريعة على مخطط الرسم البياني لمؤشر الدولار ما إذا كان الدولار الأمريكي أقوى الآن مما كان عليه في عام 1974.
ماذا يعني ارتفاع مؤشر الدولار؟
عندما يرتفع مؤشر الدولار، فإن ذلك يعني أن قيمة الدولار الأمريكي تزيد مقارنةً بالعملات الأجنبية الأخرى. ولتوضيح ذلك، فلنفترض أن سعر مؤشر الدولار الحالي هو 100 نقطة، وبعد فترة يرتفع إلى 120 نقطة، مما يعني أن الدولار الأمريكي قد ارتفع بنسبة 20٪ مقابل سلة العملات الأجنبية. وبالمثل، إذا انخفض سعر مؤشر الدولار إلى 80 نقطة، فإن ذلك يعني أن الدولار الأمريكي قد انخفض بنسبة 20٪.
ما هي أسباب قوة الدولار الأمريكي
هناك عدة عوامل تسهم في قوة الدولار الأمريكي وتؤثر على قيمته في الفترة الحالية والمستقبلية.
- سياسة الفائدة: يتوقع أن يستمر الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة، مما يعكس قوة الاقتصاد الأمريكي ويجذب المستثمرين للاستثمار في الدولار.
- التضخم والركود الاقتصادي: يرتبط قوة الدولار بمعدلات التضخم والوضع الاقتصادي العام، حيث يؤثر التضخم المنخفض وعدم الركود الاقتصادي في استمرارية رفع أسعار الفائدة وبالتالي قوة الدولار.
- سياسات البنوك المركزية العالمية: زيادة أسعار الفائدة في العديد من الدول الأخرى تؤدي إلى تقليل الفارق بين أسعار الفائدة الأمريكية والعالمية، مما يجعل الدولار جاذبًا للاستثمار.
- الصراعات الدولية: يمكن أن تؤدي الصراعات الدولية، مثل الصراع في أوكرانيا، إلى زيادة الطلب على الدولار كملاذ آمن، مما يعزز قيمته.
باختصار، تتأثر قوة الدولار بعدة عوامل اقتصادية وسياسية، ومن المتوقع أن تظل قوية في الفترة القادمة نظرًا للظروف الاقتصادية والسياسية الراهنة.
يُعَدُّ مؤشر الدولار الأمريكي من أهم العوامل التي يجب أن يراعيها المستثمرون عند التداول في البورصة. يتأثر قيمة الدولار بعدة عوامل، مثل السياسات النقدية والاقتصادية للحكومة الأمريكية، والأحداث العالمية الراهنة، والتطورات الجيوسياسية، ومعدلات التضخم. لذا، يجب على المتداولين أن يكونوا على دراية بالعوامل التي تؤثر على الدولار وأن يتبعوا أحدث الأخبار والتحليلات الاقتصادية. من الضروري أيضًا تطوير استراتيجية تداول مناسبة تعتمد على تحليل فني وأساسي دقيق، وإدارة جيدة للمخاطر لضمان تحقيق النجاح في تداول الدولار الأمريكي على البورصة.