نشأة الذهب وعلاقته بالنظام المالي العالمي
- نظام غطاء الذهب
- اتفاقية بريتون وودز
- صدمة نيكسون
- الذهب يتحول من نظام تسعير إلى ملاذ آمن
من بين كل المعادن الثمينة اعتبر الذهب هو الأكثر شعبية كاستثمار، فقد تم استخدام الذهب عبر مختلف العصور وحتى وقتنا هذا باعتباره مالًا، وكان معيار نسبي للعملات المستخدمة في الدول بالإضافة إلى احتفاظ الدول باحتياطي كبير منه.
وفيما يلي سنتعرض إلى أهم المحطات التاريخية في نشأة الذهب التي كونت علاقته بالنظام المالي العالمي والتي استمرت حتى وقتنا هذا.
نظام غطاء الذهب (Gold Standard System)
نظام غطاء الذهب وهو نظام مالي يتم فيه الاعتماد على الذهب باعتباره قاعدة لتحديد قيمة العملة في الدولة، حيث تعتمد الدولة أسعار ثابتة لبيع وشراء الذهب ويتم بناءً عليه تحديد قيمة العملة.
الفكرة الأساسية وراء نظام غطاء الذهب أن الحكومات ضامنة لتحويل العملة إلى كمية معينة من الذهب، والعكس بالعكس وبعبارة أخرى دعم العملة بالذهب. وفي مثال على ذلك كانت أونصة الذهب تبلغ قيمتها 20.67 دولار بشكل ثابت خلال معظم القرن الـ 19 وأوائل القرن الـ 20.
تعتبر بريطانيا أول دولة تتبنى نظام غطاء الذهب في عام 1821 لتتبعها بعد ذلك العديد من الدول الصناعية، حيث يعمل هذا النظام على الحد من التضخم الذي ينتج عن طبع النقود بشكل كبير مما يقلل من قيمتها الشرائية.
كما يساهم نظام غطاء الذهب في تقليل الإنفاق الحكومي بسبب وجود أصول تدعم قيمة العملة وهو ما يقلل من فرص تكون عجز ميزانية لدى الحكومات، بالإضافة إلى تثبيت أسعار العملات بين الدول التي تتبع هذا النظام.
هذا وقد تم وقف نظام غطاء الذهب مع بدايات الحرب العالمية الثانية حيث قامت القوى الأوروبية بطباعة أموال كثيرة لدعم المشروعات العسكرية الضخمة بدون غطاء من الذهب.
اتفاقية بريتون وودز (Bretton Woods)
هي الاتفاقية التي جعلت من الدولار الأمريكي عملة احتياطي عالمي، وقد تم عقد الاتفاقية في فندق جبل واشنطن بمنطقة بريتون وودز في الأول من يوليو عام 1944 بحضور وفود من 44 دولة.
جاءت هذه الاتفاقية بعد الحرب العالمية الثانية بهدف تحقيق استقرار الاقتصاد العالمي بعد الحرب، وذلك عن طريق ربط وتثبيت أسعار صرف العملات مقابل الدولار الأمريكي، على أن يرتبط الدولار وحده بالذهب، وبذلك أصبح الدولار هو عملة الاحتياطي العالمي، ومن يمتلك الدولار كأنه يمتلك ما يساويه من الذهب.
سمي هذا الارتباط ” قاعدة الصرف بالدولار الذهبي” وتم تحديد سعر الدولار بمقدار 0.88671 جرام من الذهب، لتصبح سعر أونصة الذهب ثابتة عند 35 دولار.
صدمة نيكسون (Nixon Shock)
في 15 أغسطس عام 1971 أعلن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون عن الغاء اتفاقية بريتون وودز بشكل مؤقت ووقف ارتباط وتسعير الدولار بالذهب، وبالتالي تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية طباعة الدولار بدون الحاجة لتوفير غطاء له من الذهب.
أصبح الدولار الأمريكي بذلك عملة احتياطي عالمي ولكن بدون غطاء من الذهب، كما أعطت الولايات المتحدة للدول الأخرى الأعضاء في صندوق النقد الدولي حرية اتباع نظام سعر الصرف المناسب لها بدون شرط الارتباط مع الدولار.
السبب الرئيسي وراء الغاء اتفاقية بريتون وودز هو عدم قدرة الولايات المتحدة من توفير غطاء الذهب للدولار، بسبب الحاجة إلى طبع كميات ضخمة من الدولار للمساهمة في عمليات اعمار أوروبا.
كما رأينا خلال هذه النبذة التاريخية أن الذهب كان يلعب دور رئيسي ومحوري في تكوين النظام المالي العالمي، ومنذ صدمة نيكسون عام 1971 تحول الاهتمام بالذهب إلى منحنى آخر.
الذهب يتحول من نظام تسعير إلى ملاذ آمن
انفصال الدولار عن الذهب سمح لسعر الذهب للارتفاع بحرية وفقاً للعرض والطلب وظهرت عديد من طرق التداول على الذهب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وكان الطلب على الذهب يتزايد خلال فترات الركود الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم.
في الوقت نفسه ارتفع سعر الذهب الذي لم يعد مرتبطاً بأي عملة رئيسية إلى ما يقرب من 90 دولارا للأونصة في عام 1981، وذلك بعد أن كان يتم تداوله في نطاق حول 35 دولاراً للوقية تحت اتفاقية بريتون وودز.
الذهب أصبح يلعب دور الملاذ الآمن ومخزن القيمة سواء بالنسبة للأفراد أو بالنسبة للبنوك المركزية العالمية، التي عملت على تنويع احتياطيها بين الدولار والذهب الذي يعد بوليصة التأمين في أوقات عدم الاستقرار المالي أو الجيوسياسي.
وبذلك أصبح الذهب يمثل جانب الأمان بالنسبة للنظام المالي العالمي بعد أن تخلى عن جانب التسعير، ليظل في اتجاه صاعد مستمر منذ أن كان سعر الأونصة عند 35 دولار في عام 1971 وحتى يوم 4 ديسمبر 2023 عندما سجل أعلى مستوى تاريخي عند 2148 دولار للأونصة بنسبة ارتفاع 6037% بزيادة مقدارها 2113 دولار خلال 52 سنة بمعدل ارتفاع 40 دولار كل سنة تقريباً.
One Comment