تحليل فوركستحليلاتتحليل السلع والذهب

ماذا ينتظر الذهب في 2024؟ (تحليل مفصل)

حقق الذهب عام 2023 أداء قويا، متجاوزا التوقعات في ظل بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، متفوقا على السلع والأسهم وأسواق السندات. وبينما نتطلع إلى عام 2024 يتوقع مستثمري السوق والاقتصاديين “هبوطا ناعما” للاقتصاد في الولايات المتحدة، والذي من شأنه أيضا أن يؤثر بشكل إيجابي على الاقتصاد العالمي.

أيضا من المحتمل أن توفر التوترات الجيوسياسية المتزايدة في عام انتخابي رئيسي للعديد من الاقتصادات الكبرى، إلى جانب استمرار عمليات شراء البنوك المركزية، دعما إضافيا للذهب.

علاوة على ذلك، فإن احتمالية قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بتوجيه الاقتصاد الأمريكي إلى هبوط آمن مع أسعار فائدة أعلى من 5% ليست مؤكدة بأي حال من الأحوال. ولا يزال الركود العالمي واردا. وهذا من شأنه أن يشجع العديد من المستثمرين على الاحتفاظ بأدوات تحوط فعالة، مثل الذهب، في محافظهم الاستثمارية.

الذهب يصمد رغم ارتفاع أسعار الفائدة بفضل مشتريات البنوك المركزية

رغم ارتفاع سعر الفائدة الأمريكية إلى أعلى مستوياته في أكثر من 22 عاما، حافظ الذهب على تماسكه طوال عام 2023، حيث وصل لفترة وجيزة إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 2135 دولار، يأتي هذا الأداء المذهل وسط الطلب القوي من البنوك المركزية الناتجة عن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، والتي تساعد في تعويض الضغوط الهبوطية الناجمة عن ارتفاع عوائد الخزانة وقوة الدولار الأمريكي.

تشير بيانات مجلس الذهب العالمي إلى أن صافي مشتريات البنوك المركزية البالغة 800  طن على أساس سنوي (حتى الربع الثالث من عام 2023) أعلى بنسبة 14% مقارنة بالعام السابق. كما أدت اندلاع حرب إسرائيل-حماس في أكتوبر إلى تحفيز بعض تدفقات الملاذ الآمن للمعدن الأصفر، مما أدى إلى رؤية الأسعار تستعيد مستواها الرئيسي البالغ 2000 دولار أمريكي.

من المحتمل أن يستمر الصراع لفترة أطول في دعم الطلب على الملاذ الآمن حتى عام 2024، إلى جانب التحول في الخطاب من مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن السياسة النقدية.

متى سينفجر قطاع المعادن النفيسة؟

منذ وصوله إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في ذروة جائحة كورونا في صيف عام 2020، تحدى الذهب مجموعة من القوى السلبية في السوق وتراوح سعره بين 1800 و 2000 دولار للأونصة لمعظم السنوات الثلاث الماضية، مع إعادة اختبار مستواه المرتفع ثلاث مرات. تم تحقيق هذا الأداء القوي على الرغم من أشد دورة رفع أسعار الفائدة الأمريكية في جيل واحد وارتفاع الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى له منذ عقدين. ومن المهم أن الذهب واصل تحقيق ارتفاعات جديدة في العديد من العملات الرئيسية الأخرى، بما في ذلك اليورو والجنيه الإسترليني والدولار الأسترالي والكندي، خلال هذه الفترة.

على النقيض من ذلك، شهدت أسهم شركات تعدين الذهب تراجعا في أسعار أسهمها. على أساس السعر إلى القيمة الصافية للأصول (P / NAV)، انخفضت تقييمات شركات تعدين الذهب بنسبة -38% على مدار السنوات الثلاث الماضية على الرغم من بقاء سعر الذهب دون تغيير تقريبا. لمجرد العودة إلى أعلى مستوياتها في عام 2020، يتعين على أسهم الذهب أن ترتفع بنسبة 69% بالقيمة الاسمية، و 100% بالقيمة الحقيقية. يذكر أن هذا الانخفاض حدث في التصنيف على الرغم من استفادة شركات التعدين نفسها من هوامش قوية وأداء تشغيلي فعال وميزانيات عمومية قوية.

أسعار الفائدة والتضخم والمخاطر الاقتصادية المتزايدة – هل تم بلوغ نقطة التحول؟

إن المحفز المحتمل الأكثر أهمية لارتفاع أسعار الذهب في الأشهر المقبلة هو نهاية دورة رفع أسعار الفائدة الأمريكية، وأثبت الخطاب الصارم والتوقعات بالقائدة المرتفعة أنه عقبة أمام الذهب، الذي لا يدر أي عائد، حيث أدى ارتفاع العوائد إلى إضعاف الطلب.

ومع ذلك، مع تبني سياسة نقدية أقل صرامة الآن على ما يبدو وتوقف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن رفع أسعار الفائدة، نعتقد أنه تم الوصول إلى نقطة تحول حيث أصبح التوقعات مواتية بشكل متزايد للذهب.

كما هو موضح أدناه، ارتفع سعر الذهب بأكثر من 50% بعد “توقف” مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في نهاية كل من دورات رفع أسعار الفائدة الثلاث الماضية، في عام 2000 و 2006 و 2019. إذا صمدت هذه السابقة التاريخية، فينبغي أن نتوقع في النهاية أن نرى أسعار الذهب تقترب من 3000 دولار للأونصة مع تسارع وتيرة الدورة الصاعدة القادمة للذهب.

وبينما لا نحدد أسعارا مستهدفة أو نضع توقعات للذهب المادي كمستثمرين يركزون على الأسهم، نعتقد أن هذا الاتجاه التاريخي إلى جانب أداء أسعار الذهب المشجع مؤخرا يدعم بقوة بأن سوقا صاعدة جديدة للذهب وشركات التعدين تلوح في الأفق.

إلى جانب فوائد أسعار الفائدة الاسمية والحقيقية الثابتة أو المتراجعة لقطاع الذهب، نعتقد أن المخاطر الاقتصادية المتزايدة للولايات المتحدة وعلى الصعيد العالمي، وسط تكاليف الاقتراض المرتفعة والنمو الضعيف، تدعم ارتفاع أسعار الذهب.

بينما يتمسك صناع السياسات بسرد “الهبوط الناعم”، يظهر التاريخ أن الظروف الاقتصادية والمالية يمكن أن تتغير بسرعة. من المحتمل أن يكون التأثير الكامل لارتفاع بنسبة 5.25% في أسعار الفائدة الذي نفذه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي منذ أوائل عام 2022 لم ينتقل بعد إلى الاقتصاد الحقيقي، ونتيجة لذلك نرى أن احتمال حدوث المزيد من الصعوبات للاقتصاد الأمريكي كبير.

وسلط انهيار بنك سيليكون فالي واثنين آخرين من المقرضين متوسطي الحجم في أوائل عام 2023، والذي هدد العدوى عبر النظام المالي، الضوء على مدى سرعة تطور الأزمات. وتجدر الإشارة إلى أن الذهب وأسهم الذهب استجابت بشكل إيجابي للأزمة المصرفية، حيث أعاد الذهب اختبار أعلى مستوى له على الإطلاق وشهدت شركات تعدين الذهب ارتفاعا بنسبة 17% خلال شهر مارس 2023 وحده (مؤشر MSCI ACWI Select Gold Miners، بالدولار الأمريكي).

أيضا يميل الذهب إلى الأداء الجيد خلال فترات الأزمات الاقتصادية والاضطرابات الجيوسياسية، ويلعب دور الاستثمار الملاذ الآمن. وبصرف النظر عن المخاطر الاقتصادية، لا شك في أن العالم لا يزال في حالة من التوترات الجيوسياسية المتزايدة بشكل كبير، مع اقتراب حرب روسيا في أوكرانيا من نهاية عامها الثاني، وصراع إسرائيل مع حماس في غزة الذي يهدد بالتصاعد إلى أزمة إقليمية في الشرق الأوسط، والتوتر المستمر بين الولايات المتحدة والصين عبر مجموعة من نقاط الخلاف مثل التجارة وسلاسل التوريد وتايوان.

ماذا يعني إستغناء دول العالم عن الدولار للذهب؟

كانت الزيادة الكبيرة في قوة الدولار الأمريكي خلال السنوات الثلاث الماضية إلى أعلى مستوى له منذ عشرين عاما أحد العوائق الرئيسية أمام سعر الذهب. عادة ما يكون الدولار القوي عاملاً سلبياً بالنسبة للذهب والفضة التي يتم تسعيرها بشكل أساسي بالدولار الأمريكي، كما هو الحال بالنسبة لمعظم أسواق السلع.

يمكن أن تعزى الزيادات الأخيرة في الدولار الأمريكي إلى حد كبير إلى القوة النسبية للاقتصاد الأمريكي مقارنة بكثير من بقية العالم، وسط الأحداث العالمية المضطربة في السنوات القليلة الماضية التي شهدت تأثر الاقتصادات بجائحة كورونا والحرب في أوروبا والقتال ضد تغير المناخ، بالإضافة إلى عودة التضخم. ومع ذلك، هناك علامات على أن هذة الديناميكيات قد تبدأ في التحول.

على الرغم من أن مكانة الولايات المتحدة كقوة اقتصادية رائدة في العالم ووضع الدولار الأمريكي كعملة احتياطية غير مهددة، تشير بعض الاتجاهات إلى أن هيمنة الولايات المتحدة قد تصبح أكثر هشاشة. تدهور المالية العامة الأمريكية معروف جيدا، حيث يتجاوز الدين الأمريكي 33 تريليون دولار أمريكي، وعجز قدره 1.7 تريليون دولار أمريكي، وتجاوزت تكلفة خدمة الدين تريليون دولار أمريكي في عام 2023.

ولتوضيح ذلك، بلغ إجمالي الإيرادات الضريبية للحكومة الأمريكية حوالي 5 تريليون دولار أمريكي في عام 2022، مما يعني أن 20% تقريبا من الإيرادات الضريبية الأمريكية تم إنفاقها على فوائد الديون. يسلط هذا الضوء بشكل صارخ على حجم المخاطر التي تتعرض لها الميزانية الأمريكية بسبب الارتفاع الحاد في الدين العام في السنوات الأخيرة وتأثير ارتفاع أسعار الفائدة.

إلى جانب تراجع حصة الولايات المتحدة من التجارة العالمية، وسط إعادة التوافقات الجيوسياسية والاستراتيجية، يشير الأمر إلى إمكانية إزالة الدولرة، خاصة في الأسواق الناشئة.

ولا تشكل أسعار الفائدة الأمريكية المرتفعة والدولار القوي عامل ضغط فقط للدول الناشئة التي لديها ديون مقومة بالدولار، بل إن حرب روسيا وأوكرانيا سلطت الضوء بشكل حاد على مخاطر الاحتفاظ بالديون الأمريكية.

تجدر الإشارة إلى أن الصين قللت من حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية، كما فعلت بعض اقتصادات البريكس الأخرى.

التجارة هي مجال آخر يتراجع فيه نفوذ الدولار الأمريكي، ولا سيما في سوق النفط حيث يتم دفع ثمن المبيعات بشكل متزايد بعملات غير الدولار الأمريكي.

في حين أن إزالة الدولرة لا تزال في مراحلها المبكرة ومن غير المرجح أن تحدث بسرعة، فإن الآثار المترتبة على المدى الطويل كبيرة، حيث تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي وتعديل ميزان القوى بين البلدان والتكتلات. يشير الانخفاض الناتج في الطلب على الدولارات إلى ضعف العملة بمرور الوقت.

مع سعي البلدان إلى بدائل للدولار الأمريكي، نعتقد أن الذهب له دور يلعبه كأصل مالي مستقر واستثمار ملاذ آمن مثبت، مع ارتباط ضئيل بالأسواق المالية الأوسع. تتجلى أهمية الذهب لصانعي السياسات من خلال شراء البنوك المركزية للذهب المادي، والذي وصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في عام 2022 ويبدو قويًا على نحو مماثل في عام 2023.

الخلاصة

بكل تأكيد، تبدو نظرة الذهب المستقبلية حتى عام 2024 مشرقة كما كانت على الأقل خلال السنوات الأربع الماضية (عندما دفعت المخاوف المتعلقة بفيروس كورونا الذهب إلى مستويات قياسية).

تضافرت استمرار الصراعات العسكرية في الشرق الأوسط وشرق أوروبا، ومخاوف الركود الاقتصادي، واحتمالية تزايد انخفاض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، لجعل الذهب مرشحا لارتفاع الأسعار في الأشهر القليلة المقبلة.

بالنسبة للمستثمرين طويلي الأجل في قطاع أسهم المعادن الثمينة، أثبتت ظروف السوق الأخيرة أنها صعبة ومحبطة في بعض الأحيان. نعتبر هدفنا الرئيسي كمديري استثمار نشطين في هذه البيئة الحفاظ بنجاح على إمكانات الصعود الأساسية لاستراتيجية أسهم المعادن الثمينة مع تقليل المخاطر دون اتخاذ موقف دفاعي. بعد تحقيق ذلك إلى حد كبير، نجد أنفسنا الآن في موقف تظهر فيه أسهم شركات تعدين المعادن الثمينة من بين القطاعات الأكثر انخفاضا في القيمة عبر جميع أسواق الأسهم، وسط علامات على اقتراب نقطة تحول.

إن المحفز الرئيسي لتعافي أسهم الذهب هو الارتفاع المستمر في سعر الذهب، مما يعزز ربحية المنتجين ويؤدي إلى انتعاش معنويات المستثمرين واهتمامهم بهذا القطاع الذي غالبا ما يتم تجاهله.

في الدورات الصعودية السابقة، كانت أسهم الذهب تتجه إلى تحقيق 2-5x رافعة سعرية لارتفاع سعر الذهب، مما أدى إلى تحقيق عوائد مذهلة محتملة على مدى فترة قصيرة.

لماذا الآن هو الوقت المناسب للاستثمار في شركات تعدين المعادن الثمينة؟

  • القيمة: تظهر أسهم شركات تعدين المعادن الثمينة من بين القطاعات الأكثر انخفاضا في القيمة في جميع أسواق الأسهم.
  • إمكانات الصعود: في الدورات الصعودية السابقة، كانت أسهم الذهب تتجه إلى تحقيق 2-5x رافعة سعرية لارتفاع سعر الذهب، مما أدى إلى تحقيق عوائد مذهلة محتملة على مدى فترة قصيرة.
  • التنويع: يوفر الاستثمار في شركات تعدين المعادن الثمينة تنويعًا لمحفظتك ويمكن أن يكون وسيلة جيدة للتحوط ضد التضخم.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى