تحليلاتتحليل أسهمتحليل اسهم أمريكية

سهم أبل يواجه عاصفة التهديدات الجمركية: تحليل معمق للمخاطر والتوقعات المستقبلية

يجد سهم أبل (Apple Inc.)، عملاق التكنولوجيا الأمريكي وأحد أكثر الأسهم متابعة في الأسواق العالمية، نفسه في خضم تحديات متزايدة قد تعصف بآفاقه المستقبلية. فبعد موجة بيع هي الأطول منذ أكثر من ثلاث سنوات، تتصاعد الهجمات من البيت الأبيض مهددة بمزيد من التآكل في توقعات أرباح الشركة. يشير هذا الوضع إلى أن الصعوبات التي واجهها السهم هذا العام قد تكون أبعد ما تكون عن نهايتها، مما يستدعي تحليلا دقيقا للموقف.

يثير تهديد الرئيس دونالد ترامب الأخير بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على منتجات الشركة ما لم تنقل إنتاج آيفون إلى الولايات المتحدة، قلقاً بالغاً في أوساط المستثمرين والمحللين على حد سواء. في هذا المقال التحليلي، سنتعمق في أبعاد هذه الأزمة، ونستعرض تأثيراتها المحتملة على سهم أبل، وننقل آراء الخبراء، ونقيم مدى واقعية السيناريوهات المطروحة.

تهديد مباشر لربحية أبل واستقرار سهمها

جاء تهديد الرئيس ترامب يوم الجمعة كصاعقة جديدة على سهم أبل، حيث دعا إلى فرض تعريفات بنسبة 25% إذا لم تستجب الشركة لمطلب نقل إنتاج آيفون إلى الأراضي الأمريكية. هذا الإعلان دفع السهم للانخفاض بنسبة 3% في ختام الأسبوع، مسجلا ثامن جلسة سلبية على التوالي، وهي أطول موجة هبوط من نوعها منذ يناير 2022، قبل أن يشهد السهم ارتفاعا طفيفا بنسبة 1.7% يوم الثلاثاء.

يضع هذا التهديد شركة أبل أمام خيارين أحلاهما مر: إما أن تمتص التكاليف المرتفعة الناجمة عن التعريفات، مما سيؤثر سلبا على أرباحها وهوامش ربحها، أو أن تمرر هذه الزيادات إلى المستهلكين عبر رفع الأسعار، وهو ما قد يقوض الطلب في وقت تعاني فيه أبل بالفعل من تباطؤ النمو وتحديات في عروضها للذكاء الاصطناعي.

يقول حارس خورشيد، كبير مسؤولي الاستثمار في “كاروبار كابيتال”: “قد يكون التهديد ذا دوافع سياسية، لكن الأسواق لا يمكنها تجاهل مخاطر العناوين الرئيسية. هذا النوع من الخطاب الجمركي، حتى لو لم يتحقق أبدا، يقوض ثقة المستثمرين. لا يمكنك إدارة شركة بقيمة 3 تريليونات دولار وهناك قنبلة تجارية موقوتة فوق رأسك.”

تشكيك المحللين وتداعيات الثقة المهتزة

رغم التهديدات الصريحة، يبدي بعض المحللين شكوكهم حول إمكانية تطبيق هذه التعريفات بالفعل. ومع ذلك، فإن أي تحرك في هذا الاتجاه سيضع الشركة في موقف حرج. يرى مات ستاكي، كبير مديري محافظ الأسهم في “نورث وسترن ميوتشوال لإدارة الثروات”، أن “مفاجأة لمعظم المستثمرين ستكون إذا حدث هذا بالفعل”. ويضيف أن تحرك سهم أبل يوم الجمعة يؤكد هذه النقطة: فلو اعتقد المستثمرون أن نسبة الـ 25% ستفرض، لكان المتداولون على الأرجح قد دفعوا السهم إلى مزيد من الانخفاض.

المفارقة تكمن في أن موقف ترامب المتغير بسرعة قد ينتهي لصالح أبل بشكل غير مباشر. فبعد ساعات قليلة من استهداف أبل على وسائل التواصل الاجتماعي، صرح ترامب بأن التعريفة الجمركية البالغة 25% ستنطبق على جميع الهواتف الذكية المصنوعة في الخارج. ووفقا للمحلل في جي بي مورجان، ساميك تشاترجي، إذا واجه جميع المنافسين في الصناعة نفس العقبة، فإن “قوة تسعير أبل مع المستهلكين وكذلك الموردين ستضع الشركة في وضع إيجابي مقارنة بأقرانها، بدلا من أن تكون في وضع غير مؤات.”

أسطورة نقل إنتاج آيفون إلى أمريكا وتكاليفها الباهظة

تبدو فكرة نقل تصنيع آيفون بالكامل إلى الولايات المتحدة بمثابة قصة خيالية غير ممكنة التحقيق، على حد تعبير دانيال آيفز، المحلل في “ويدبوش”. بالنظر إلى التعقيد الهائل لسلسلة توريد أبل – التي تشمل المواد الخام، والتجميع، والعمالة، والآلات – قدرت “بلومبيرج إنتليجنس” أن الأمر سيستغرق عدة أرباع سنة لنقل تجميع آيفون إلى الولايات المتحدة. وفي الشهر الماضي، حسب “بنك أوف أمريكا”، فإن تكاليف آيفون قد ترتفع بنسبة 90% أو أكثر إذا تم تصنيعها في الولايات المتحدة. بينما قدر آيفز من “ويدبوش” أن جهاز آيفون سيكلف حوالي 3500 دولار إذا صنع في أمريكا.

هذا الوضع يجعل خيارات أبل محدودة للغاية لإرضاء ترامب، خاصة وأن الشركة كانت تدرس بالفعل زيادات في الأسعار، مع محاولتها تجنب ربط ذلك بالتعريفات، حيث هاجم ترامب أيضا الشركات التي رفعت أسعارها بسبب الرسوم.

الأداء السوقي لسهم أبل: ضغوط متزايدة

يعتبر سهم أبل الأسوأ أداء بين أسهم “العظماء السبعة” (Magnificent Seven) هذا العام، ويتناقض انخفاضه بنسبة 21% في عام 2025 بشكل صارخ مع ارتفاع مؤشر ناسداك 100 بنسبة 1%. وقد اخترق السهم متوسطات متحركة رئيسية، لكنه لم يصل بعد إلى المستوى الذي يشير إلى ظروف ذروة البيع، بناء على مؤشر القوة النسبية لمدة 14 يوماً. وفي دلالة على التوتر السائد، قفز مؤشر CBOE Apple VIX، الذي يتتبع تقديرات السوق للتقلبات المستقبلية للسهم، بأكثر من 30% الأسبوع الماضي.

على الرغم من أن السهم قد تحمل تقلبات سياسية ومتعلقة بالتعريفات في الماضي، إلا أن موجة البيع الأخيرة كانت أشد بكثير من انخفاض أبل بعد الإعلان الأولي عن التعريفات في أبريل (يفترض أن يكون عاما سابقا للعام الحالي في سياق المقال الأصلي)، عندما شهد السهم تقلبات تاريخية، بما في ذلك أكبر انخفاض له في أربعة أيام منذ أكتوبر 2000. وتجدر الإشارة إلى أن إدارة ترامب تراجعت لاحقاً عن العديد من تصريحاتها الجمركية الأكثر تطرفا، وأعفت فئات رئيسية من الإلكترونيات – بما في ذلك الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر – من تعريفاتها المتبادلة، بينما وافقت الولايات المتحدة والصين على خفض التعريفات مؤقتا على منتجات بعضهما البعض.

التأثير المالي المتوقع وتخفيضات المحللين

تتباين تقديرات المحللين حول مدى أهمية التعريفات الجمركية بالنسبة لشركة أبل. قدرت “بلومبيرغ إنتليجنس” أنها “قد تخفض هامش الربح الإجمالي بنسبة 3%-3.5% للسنة المالية 2026″، بينما قدر عاطف مالك، المحلل في “سيتي جروب”، “تأثيرا إضافيا على هامش الربح الإجمالي يبلغ حوالي 130 نقطة أساس، أو تأثيرا إضافيا بنسبة 4% على ربحية السهم في السنة المالية 2026”.

آرون ريكرز، المحلل في “ويلز فارجو سيكيوريتيز”، يشكك في أن التعريفات ستتحقق، لكنه قال إن أبل ستضطر إلى رفع الأسعار بمقدار 250-300 دولار لكل آيفون للحفاظ على هوامش الربح الإجمالية.

نتيجة لهذه الضبابية، بدأ المحللون بالفعل في تقليص تقديراتهم. فقد انخفض متوسط التوقعات لصافي أرباح أبل لعام 2026 بنسبة 5.1% خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بينما انخفضت التوقعات للإيرادات بنسبة 3.9% خلال نفس الفترة. هذه التخفيضات في التقديرات تجعل السهم يبدو أكثر تكلفة في نسبة السعر إلى الأرباح.

تقييم السهم ومعنويات المستثمرين

يتم تداول سهم أبل حاليا عند حوالي 26 ضعف الأرباح المقدرة، وهو أعلى من متوسطه لمدة 10 سنوات، وأعلى من أقرانه من الشركات العملاقة التي يتوقع أن تنمو بشكل أسرع. هذا المزيج من المضاعف المرتفع والنمو الأبطأ يشير إلى وضع صعب، حتى بمعزل عن قضية التعريفات.

يصف براين مولبيري، مدير محافظ العملاء في “زاكس لإدارة الاستثمار”، الوضع بأنه “مساحة قبيحة لأنه وضع لا فوز فيه الآن”. ويضيف: “ربما تكون هناك نقطة يمكنك عندها رؤية السعر يصبح جذابا بما يكفي للمستثمرين على المدى الطويل”، لكن التقييم والخلفية غير المؤكدة تعني أننا لم نصل إلى هناك بعد. ويختم قائلا: “أنت تحاول إمساك سكين ساقط الآن”.

ختاما يواجه سهم أبل بلا شك فترة حرجة تتسم بعدم اليقين. التهديدات الجمركية، حتى وإن لم تتحقق بالكامل، تلقي بظلالها الثقيلة على ثقة المستثمرين وتجبر الشركة على إعادة تقييم استراتيجياتها الإنتاجية والتسعيرية. يضاف إلى ذلك التحديات القائمة المتمثلة في تباطؤ النمو، والمنافسة المحتدمة، والضغوط المتعلقة بالابتكار، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي.

بالنسبة للمستثمرين، يتطلب الوضع الحالي تقييماً دقيقاً للمخاطر ومتابعة لصيقة للتطورات السياسية والاقتصادية. وبينما قد يرى البعض في أي انخفاضات حادة فرصة للشراء على المدى الطويل، بناءً على قوة العلامة التجارية لشركة أبل وقاعدتها الجماهيرية الواسعة، يرى آخرون أن المخاطر الحالية تفوق المكاسب المحتملة على المدى القصير والمتوسط.

في نهاية المطاف، سيعتمد مسار سهم أبل على قدرة الشركة على المناورة ببراعة في هذا المشهد المعقد، وعلى مدى حقيقة وجدية التهديدات الجمركية، وكذلك على التطورات الأوسع في الاقتصاد العالمي والعلاقات التجارية الدولية.

اقرأ أيضا….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى