ما هي الخطوة الأولى للذهب في 2024؟
على الرغم من أن جميع التوقعات تشير إلى أداء إيجابي للذهب خلال عام 2024 إلا أن الخطوة الأولى للذهب قد تكون غير واضحة كثيراً، في ظل العديد من المتغيرات الحالية في الأسواق سواء بالنسبة للدولار الأمريكي أو عوائد السندات التي بدأت العام بداية إيجابية.
افتتح الذهب الفوري تداولات عام 2024 عند المستوى 2062 دولار للأونصة ليرتفع مسجلاً أعلى مستوى اليوم عند 2078 دولار لتستقر تداولات الذهب فوق مستوى الدعم 2065 دولار للأونصة للجلسة الرابعة على التوالي.
جميع التوقعات بالنسبة للذهب خلال عام 2024 تشير إلى أداء إيجابي للمعدن النفيس في ظل التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي هذا العام، بالإضافة إلى استمرار التوترات الجيوسياسية وعمليات شراء الذهب من قبل البنوك المركزية العالمية.
ولكن الخطوة الأولى للذهب قد تكون غير واضحة بعض الشيء بسبب أوضاع السوق حالياً، فالدولار الأمريكي أنهى عام 2023 عند مستويات متدنية هي الأقل منذ 5 أشهر، ونتيجة لهذا تشير التوقعات أن الدولار قد يدخل في تصحيح إيجابي لأعلى مع بداية العام من شأنه أن يحد من مكاسب الذهب.
مؤشر الدولار الأمريكي الذي يقيس أداء العملة الفيدرالي مقابل سلة من 6 عملات رئيسية انخفض بنسبة 2.4% خلال عام 2023 وسجل في 28 ديسمبر الماضي أدنى مستوى في 5 أشهر عند 100.298.
واليوم الثلاثاء مع أول جلسات تداول عام 2024 ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.6% ليسجل اعلى مستوى منذ أكثر من أسبوع عند 101.70.
مؤشر الدولار الأمريكي يظهر علامات على انعكاس حركته لأعلى بعد أن اصطدم بالمتوسط المتحرك 200 أسبوع عند 100.30 وهو مستوى دعم قوي يتوافق أيضاً مع الحد السفلي للقناة الهابطة، أيضاً اغلاق تداولات الأسبوع الماضي فوق المستوى 100.85 الذي يمثل المستوى التصحيحي 78.6% من موجة الصعود الأخيرة يدل على إشارة صعود أخرى.
وبالتالي يستهدف المؤشر الصعود إلى منطقة المستوى 102.20 وحتى 102.50 والتي تمثل المستوى التصحيحي 61.8% والمتوسط المتحرك لـ 100 أسبوع.
من جهة أخرى نجد أن العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأحل 10 سنوات قد ارتفع اليوم بنسبة 2.4% وسجل أعلى مستوى في أسبوعين تقريباً عند 4.024% يذكر أن العائد على السندات قد انخفض خلال شهر ديسمبر بنسبة 10.7% وسجل أدنى مستوى في 5 أشهر عند 3.783%.
التعافي اليوم في مستويات الدولار وعوائد السندات أجبر أسعار الذهب على التراجع سريعاً بعد أن كان يحاول اختراق مستوى 2080 دولار للأونصة، وذلك في ظل العلاقة العكسية بين الذهب وكلا من الدولار وعوائد السندات.
ينتظر الأسواق هذا الأسبوع محضر اجتماع البنك الفيدرالي بالإضافة إلى تقرير الوظائف الحكومي عن الولايات المتحدة الأمريكية، هذا بالإضافة إلى تراجع أحجام التداول في الأسواق المالية في ظل عدم عودة الأسواق للعمل بكامل طاقتها.
قد تساهم العوامل السابقة في استمرار عدم الوضوح لحركة الذهب خلال بداية العام، إلا أن نتائج محضر الاجتماع وتقرير الوظائف ستساهم بشكل كبير في تحركات السلع المالية خلال الفترة القادمة.
الاقتصاد الأمريكي: هبوط ناعم أم ركود حاد؟
يظل هذا السؤال هو الفيصل في مستقبل حركة الذهب خلال عام 2024 وعلى الرغم من أن إجابة هذا السؤال قد لا نحصل عليها خلال أول شهرين من العام، إلا أن الأسواق ستحلل كل البيانات الاقتصادية التي تصدر عن الاقتصاد الأمريكي في محاولة لإجابة هذا السؤال.
الهبوط الناعم يقصد به تراجع معدلات التضخم الأمريكية لتصل إلى مستهدف البنك الفيدرالي عند 2% وفي نفس الوقت تبقى معدلات النمو معتدلة أو تشهد تباطؤ ولكنها تبقى بعيدة عن الانكماش أو الركود الاقتصادي.
يعد هذا السيناريو هو ما يتوقعه البنك الاحتياطي الفيدرالي للاقتصاد الأمريكي حتى الآن، والبيانات الاقتصادية التي تصدر تدعم هذا السيناريو، ولكن تأثير هذا السيناريو يعد سلبي إلى حد كبير بالنسبة للذهب، وفي أضعف التوقعات سيحد من مكاسب الذهب بشكل كبير.
لان الذهب ينتعش في أوقات الركود الاقتصادي وابتعاد المستثمرين عن الأسواق والمخاطرة لصالح الاستثمار في الذهب كملاذ آمن وتحوط ضد الركود الاقتصادي.
تأكيد استمرار هذا السيناريو من عدمه قد لا يظهر بشكل واضح خلال الأشهر الأولى من عام 2024، خاصة أن الأسواق المالية تتوقع أن يقوم البنك الفيدرالي الأمريكي بالبدء في خفض الفائدة في وقت مبكر من العام في اجتماع مارس القادم باحتمال يصل إلى 70%، وأن يقوم البنك بخفض الفائدة خلال هذا العام بمقدار 125 إلى 150 نقطة أساس.
توقعات الأسواق تدل على حدوث السيناريو الثاني وهو الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية متأثراً بعمليات رفع الفائدة إلى اعلى مستوياتها في 22 عام، ومدى تأثير ذلك السلبي على قطاع العمالة والأنشطة الاقتصادية الأخرى، إلى جانب التأثير السلبي على الديون الأمريكية والنظام البنكي.
ركود الاقتصاد الأمريكي في حالة حدوثه سيكون بمثابة دعم كبير لأسعار الذهب خلال هذا العام لأنه بذلك سيكون حصل على جميع العوامل اللازمة لتسجيله مستويات قياسية، خاصة أن الركود سيجبر البنك الفيدرالي أن يخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر من توقعات أعضاؤه التي أعلن عنها في اجتماع ديسمبر بمقدار 75 نقطة أساس.
من هنا نجد أن الأسواق لا تملك حالياً إلا مراقبة البيانات الاقتصادية التي تصدر عن الاقتصاد الأمريكي وتحليلها، وخلال شهر يناير سيصدر محضر اجتماع الفيدرالي بالإضافة إلى تقرير الوظائف وبيانات التضخم عن شهر ديسمبر، وختام هذا الشهر سيكون اجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي.
سيسهم شهر يناير في إزالة الكثير من الغموض بشأن مستقبل أسعار الذهب هذا العام، وخلاله قد نشهد تذبذب لأداء الذهب وتفاعله مع البيانات التي تصدر عن الولايات المتحدة الأمريكية. وقد يتراجع الذهب في تصحيح سلبي بهدف تجميع الزخم الكافي ليستعد للانطلاق وتسجيل مستويات قياسية جديدة.
روية فنية للذهب مطلع عام 2024
يتضح من الرسم البياني اليومي للذهب الفوري أن السعر يتحرك في قناة صاعدة على المدى القصير، ويواجه السعر حالياً دعم عند 2065 دولار للأونصة يمثل المستوى التصحيحي 23.6% لموجة الصعود الأخيرة، كما يمثل الحد السفلي للقناة الصاعدة.
كسر هذا المستوى لأسفل يدفع السعر إلى تصحيح سلبي يستهدف المستوى 2050 ومن بعده مستوى الدعم الرئيسي 2015 دولار الذي يمثل خط الاتجاه الصاعد على المدى المتوسط.
الذهب متوقع له الانعكاس لأعلى سواء من المستوى 2050 أو 2015 أو أي منطقة بينهما، وذلك يعتمد على مدى سرعة تجميع زخم الصعود وقدرة البيانات الاقتصادية في دعم السعر.
وفي حالة فشل السعر في كسر مستوى الدعم 2065 تبقى حركة السعر في القناة الصاعدة ليواجه مستوى المقاومة الرئيسي للسعر عند 2080 دولار والذي يتطلب اختراق صريح بإغلاق أسبوعي أو يومي فوق هذا المستوى ليصل إلى المستهدف الأول عند 2100 دولار للأونصة الذي يمثل الحد العلوي للقناة السعرية الصاعدة.
وفي حال اختراق السعر للمستوى 2100 يتجه إلى المستهدف الثاني عند 2148 دولار وهو أعلى مستوى تاريخي للذهب.
