أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

أسعار النفط تشهد استقرار حذر يواجه تصاعد المخاطر الجيوسياسية ومخاوف الإمدادات

شهدت أسعار النفط استقراراً حذراً يوم الثلاثاء، في سيناريو معقد يوازن فيه المتداولون بعناية بين المخاطر الجيوسياسية المتزايدة على الإمدادات العالمية، لا سيما في مناطق التوتر الرئيسية، وبين ضغوط الوفرة العالمية. ويأتي هذا الاستقرار عقب مكاسب قوية تجاوزت 1% حققها كلا الخامين القياسيين يوم الاثنين، وهو ما يشير إلى أن عوامل المخاطرة لا تزال تهيمن على المعنويات العامة للسوق. ونتيجة لذلك، اقترب خام غرب تكساس الوسيط (WTI) من أعلى مستوى له خلال أسبوعين، ما يعكس زخماً فنياً صعودياً مدفوعاً بالقلق.

انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 18 سنتًا، أي 0.3%، لتصل إلى 62.99 دولارًا للبرميل، بينما تراجع خام غرب تكساس الأمريكي (WTI) بمقدار 13 سنتًا، أي 0.2%، ليقف عند 59.19 دولارًا للبرميل. ويُعزى هذا التوازن الهش في أسعار النفط إلى تفاعل عاملين رئيسيين متعارضين: التوترات الجيوسياسية التي تعمل كقوة دافعة للأسعار (علاوة المخاطر)، والوفرة العالمية في المعروض التي تضغط عليها نحو الانخفاض.

تصعيد التوترات الجيوسياسية يرفع علاوة المخاطر على الإمدادات

أشار المحللون إلى أن العلاوات المرتبطة بالمخاطر الجيوسياسية قد ارتفعت بشكل ملحوظ في الجلسات الأخيرة، مما يوفر أرضية دعم قوية لأسعار النفط. وقد أدت الضربات الأوكرانية المتواصلة بالطائرات المسيرة على مواقع الطاقة الروسية إلى زيادة القلق بشأن قدرة روسيا على الحفاظ على مستويات التصدير، خصوصاً بعد استهداف البنية التحتية الحيوية مثل مستودعات التخزين وموانئ التحميل. هذا القلق تعمق بعد أن أعلن اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين (CPC)، وهو ممر حيوي للنفط الكازاخستاني والروسي، عن استئناف شحنات النفط من نقطة رسو واحدة عقب هجوم كبير في 29 نوفمبر، مما سلط الضوء على ضعف سلاسل الإمداد الرئيسية.

بالإضافة إلى ذلك، أدت التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وفنزويلا، لا سيما تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإغلاق “المجال الجوي فوق وحول فنزويلا”، إلى إثارة حالة من عدم اليقين في سوق النفط. ورغم أن فنزويلا تعاني بالفعل من عقوبات شديدة، فإن مثل هذه التصريحات تثير مخاوف بشأن المزيد من القيود البحرية التي قد تعيق صادراتها القليلة المتبقية. ووفقاً لجانييف شاه، المحلل في ريستاد، فإن هذه التطورات الجيوسياسية بمثابة ثقل موازن للضغوط الناتجة عن الصورة العالمية لتخمة المعروض، مما يحافظ على ثبات أسعار النفط بدلاً من تراجعها.

المفاوضات الأوكرانية الروسية عامل ضغط هبوطي على أسعار النفط

على الجانب الآخر، تترقب الأسواق نتائج محادثات السلام الأوكرانية الروسية، والتي قد تحمل في طياتها عاملاً هبوطياً محتملا لأسعار النفط. ويُتوقع أن تؤدي المفاوضات، التي تشمل اجتماعات بين مبعوث ترامب الخاص، ستيف ويتكوف، وصهره جاريد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومبعوثه كيريل دميترييف، إلى عملية طويلة الأمد بالنظر إلى تعقيد المطالب وحجم الصراع. وعلّق تاماس فارغا، المحلل في بي في إم أسوشيتس، بأن نجاح هذه المحادثات، حتى لو كان جزئياً، قد يؤدي إلى عودة المزيد من الصادرات الروسية من النفط ومنتجاته إلى السوق الدولية دون قيود كبيرة، مما قد يضيف ضغطاً هبوطياً كبيراً على أسعار النفط العالمية بسبب زيادة المعروض.

تحولات في سوق النفط الروسي والهندي وتأثير العقوبات

في سياق متصل، برزت تحولات في سوق النفط الروسي والهندي كعامل مراقب عن كثب. أشار المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إلى أن الانخفاض المتوقع في واردات النفط الهندية من روسيا قد يكون “لفترة قصيرة” فقط، مؤكداً خطط موسكو لتعزيز الإمدادات إلى نيودلهي.

وتعد روسيا حالياً المورد الرئيسي للنفط إلى الهند، ثالث أكبر مستورد ومستهلك للنفط في العالم. ويأتي هذا التراجع المتوقع في المشتريات الهندية إلى أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات على الأقل، بعد أن فرضت واشنطن عقوبات على كبار منتجي النفط الروس، وهما روسنفت ولوك أويل. ويعكس هذا التباطؤ تحديات في الخدمات اللوجستية والتأمين المرتبطة بالتعامل مع الكيانات الخاضعة للعقوبات، لكن العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، والتي تعتمد على النفط المخفض، تعني أن أي انخفاض في التدفقات يُرجح أن يكون مؤقتاً، مما يبقي أسعار النفط تحت تأثير هذه الموازنات التجارية الكبرى.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى