أسعار النفط تقفز 1%.. هجوم CPC يفاقم المخاوف بشأن الإمدادات العالمية

شهدت أسعار النفط ارتفاعًا ملموسًا بنسبة 1% يوم الاثنين، لتنهي بذلك أطول سلسلة من الخسائر الشهرية التي استمرت لأربعة أشهر متتالية منذ عام 2023، وهي إشارة قوية على انعكاس المعنويات في السوق. هذا الارتفاع المفاجئ جاء مدفوعاً بعاملين رئيسيين: التوقف المؤقت لصادرات مجمع خطوط بحر قزوين (CPC) إثر هجوم بطائرة مسيرة، وقرار تحالف أوبك+ بالإبقاء على مستويات الإنتاج دون تغيير.
في ختام التداولات، تقدمت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 71 سنتاً، أو 1.14%، لتصل إلى 63.09 دولاراً للبرميل، كما كسب خام غرب تكساس (WTI) 68 سنتاً، أو 1.16%، ليستقر عند 59.23 دولاراً. هذا الارتداد يؤكد على حساسية السوق للمخاطر الجيوسياسية.
صدمة الإمدادات من بحر قزوين تُغير معادلة أسعار النفط
كان الإعلان عن تعليق عمليات ائتلاف خط أنابيب بحر قزوين (CPC) يوم السبت هو الشرارة التي أشعلت قفزة في أسعار النفط. ويُعد هذا الخط حيوياً، إذ ينقل نحو 1% من النفط العالمي، وقد أعلن عن وقف عملياته بعد تعرض مرسى في محطته الروسية على البحر الأسود لأضرار نتيجة هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية. يمثل هذا التوقف، ولو كان مؤقتاً، تهديداً مباشراً لاستقرار الإمدادات في الأسواق الأوروبية التي تعتمد على نفط كازاخستان المنقول عبر هذا الخط، مما يرفع من علاوة المخاطرة المضمنة في أسعار الطاقة.
وعلى الرغم من إعلان شركة شيفرون، المساهمة في CPC، عن استمرار عمليات التحميل بشكل ما في ميناء نوفوروسيسك الروسي، إلا أن الخسارة المحتملة لحجم الصادرات حفزت قلق المستثمرين بشكل كبير. التضارب في الأنباء حول استئناف التحميل زاد من منسوب الحذر؛ فبينما أكدت شيفرون استمرار العمل، يرى التجار والمضاربون أن الضرر الهيكلي للمراسي يمثل عامل مخاطرة لا يمكن تجاهله. وقد أكد المحلل الاقتصادي لدى UBS، جيوفاني ستونوفو، أن الهجمات على محطة تصدير CPC كانت الدافع وراء ارتفاع أسعار النفط على خلفية تراجع متوقع في أحجام التصدير. كما تضمنت التوترات الأوكرانية هجمات أخرى استهدفت ناقلتي نفط كانتا متجهتين إلى نوفوروسيسك، مما يؤكد توسع نطاق استهداف البنية التحتية للطاقة في المنطقة.
أوبك+ يثبت الإنتاج ويُنهي “تخمة الإمدادات”
في ظل هذه الأجواء الجيوسياسية المتقلبة، أضاف قرار تحالف منظمة الدول المصدرة للنفط وحلفائها (أوبك+) بُعداً استقرارياً لسوق النفط. فقد اتفقت المجموعة على ترك مستويات إنتاج النفط دون تغيير للربع الأول من عام 2026. كانت المخاوف بشأن “تخمة النفط” تنبع أساساً من الزيادة المستمرة في إنتاج النفط الصخري من خارج دول أوبك، خاصة في الولايات المتحدة، إضافة إلى التوقعات بتباطؤ نمو الطلب العالمي.
في هذا الصدد، أفاد كبير المحللين في LSEG، آنه فام، أن السوق تفاعلت بشكل إيجابي مع القرار. وأوضح أن “الرواية كانت تتمحور لفترة حول تخمة في النفط، لذا فإن قرار أوبك+ بالحفاظ على هدف الإنتاج وفّر بعض الارتياح وساعد في تثبيت التوقعات لنمو الإمدادات في الأشهر المقبلة.” يُنظر إلى قرار أوبك+ بالثبات عند المستويات الحالية كرسالة واضحة من التحالف مفادها الالتزام التام بإدارة السوق والحفاظ على استقرار الأسعار، حتى لو كان ذلك على حساب حصص سوقية مؤقتة. هذا النهج الحكيم ساهم في تقليص حالة عدم اليقين وأتاح لأسعار النفط مساحة لالتقاط الأنفاس والتعافي، بعيداً عن ضغوط زيادة المعروض.
التوترات الجيوسياسية تزيد من تقلب أسعار النفط الخام
لم تقتصر عوامل عدم اليقين على منطقة البحر الأسود، بل امتدت لتشمل التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا. فقد أثار تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بوجوب اعتبار “المجال الجوي فوق وحول فنزويلا مغلقاً”، حالة من عدم اليقين الجديدة في السوق. ونظراً لأن فنزويلا تعد منتجاً رئيسياً، فإن أي تصعيد للتوترات هناك يساهم بشكل مباشر في زيادة تقلبات أسعار النفط الخام العالمية.
وعلى الرغم من أن إنتاج فنزويلا الفعلي من النفط لا يزال مقيداً بالعقوبات الدولية، إلا أن إمكاناتها كمنتج رئيسي تظل عاملاً حاسماً في حسابات السوق المستقبلية. إن الخطاب السياسي المتشدد لا يهدد فقط عمليات النقل واللوجستيات، بل يذكّر السوق بإمكانية فرض قيود أوسع نطاقاً على التجارة والطاقة في أمريكا الجنوبية. مثل هذه التهديدات الجيوسياسية لا تؤثر فقط على العرض الحالي، بل ترفع أيضاً من المخاطر المرتبطة بالاستثمار في الطاقة المستقبلية، مما يزيد من التقلبات ويضع ضغطاً صعودياً على أسعار النفط، حيث يفضل المستثمرون تخزين الأصول في مواجهة عدم الاستقرار.
ختاما يُظهر التحليل أن ارتفاع أسعار النفط الأخير هو استجابة مباشرة للمخاطر الجيوسياسية المتعلقة بالإمدادات، وخاصة الهجوم على CPC، بالتزامن مع الدعم الذي قدمه قرار أوبك+ بإيقاف السعي نحو استعادة حصص السوق. هذه الديناميكيات تشير إلى أن السوق قد تحولت مجدداً لتركز على عامل العرض والتوترات السياسية، بعيداً عن مخاوف الطلب التي سيطرت على نهاية العام الماضي، مما يجعل مراقبة التطورات الجيوسياسية أمراً بالغ الأهمية لتوقع مسار أسعار النفط في الأمد القريب.
اقرأ أيضا…



