أسعار النفط تقفز 2% بعد هجوم أوكراني على ميناء نوفوروسيسك

شهدت أسعار النفط ارتفاعاً حاداً بلغ حوالي 2% يوم الجمعة، مدفوعة بشكل أساسي بالمخاوف المتزايدة بشأن الإمدادات العالمية، وذلك في أعقاب تعليق صادرات النفط من ميناء نوفوروسيسك الروسي في البحر الأسود. جاء قرار التعليق بعد استهداف منشأة لتخزين النفط في هذا المركز الحيوي للطاقة بهجوم بطائرة مسيّرة أوكرانية. وقد ركز المستثمرون على خطر التعطيل الجيوسياسي، متجاهلين إلى حد كبير البيانات الأساسية التي كانت تشير إلى اتجاه هبوطي.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 1.50 دولار، أو ما يعادل 2.4%، لتصل إلى 64.51 دولار للبرميل، بينما تقدم خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي (WTI) بمقدار 1.57 دولار، أو 2.7%، مسجلاً 60.26 دولار للبرميل .
تعليق الصادرات الضربة التي هزت العرض
تسبّب هجوم الجمعة بوقوع أضرار في سفينة راسية بالميناء وشقق سكنية ومستودع نفطي، وفقاً للمسؤولين الروس. الأثر الاقتصادي الفوري كان تعليق صادرات النفط من الميناء وإيقاف إمدادات الخام إليه من قبل شركة خطوط الأنابيب الروسية “ترانسنفط”. ويُعد هذا الميناء أكبر بوابة روسيا للتجارة في البحر الأسود ونقطة خروج حاسمة ليس فقط للخام الروسي، بل أيضاً للنفط القادم عبر خط أنابيب كازاخستان (CPC).
يُعد ميناء نوفوروسيسك حلقة وصل حيوية؛ حيث أفادت مصادر صناعية بأن شحنات الخام عبره بلغت 3.22 مليون طن في أكتوبر الماضي، أي ما يعادل 761 ألف برميل يومياً. وفي هذا السياق، علّق جيوفاني ستاونوفو، محلل السلع في بنك UBS، بقوله: “لقد تزايدت كثافة هذه الهجمات، وبشكل متكرر جداً. وفي نهاية المطاف، قد تضرب هدفاً يتسبب في اضطراب دائم وطويل الأجل”. ويحاول السوق حالياً تقييم تداعيات هذه الهجمات على المدى الأطول لإمدادات النفط الروسية. ويتجاوز الاضطراب المادي مجرد التوقف المؤقت؛ إذ أن استهداف البنية التحتية الحيوية يؤدي إلى رفع أقساط التأمين على الشحن في المنطقة، مما يزيد من تكلفة النفط المنقول بحراً ويدفع المشترين إلى التفكير في بدائل أكثر أماناً، وهو ما يفرض ضغوطاً تصاعدية هيكلية على أسعار النفط العالمية.
ضغوط العقوبات الأمريكية والمخزونات المتزايدة
يأتي هذا الارتفاع على النقيض من انخفاض بنسبة 3% سجّلته أسعار النفط في وقت سابق من الأسبوع، إثر تقرير لمنظمة أوبك أشار إلى أن المعروض النفطي العالمي سيتطابق مع الطلب بحلول عام 2026، متراجعاً عن توقعات سابقة بحدوث عجز في الإمدادات. ويعود هذا التعديل في توقعات أوبك جزئياً إلى تباطؤ محتمل في نمو الطلب في أسواق رئيسية مثل الصين وأوروبا، إلى جانب زيادة مرتقبة في الإمدادات من خارج تحالف أوبك+.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) عن زيادة في مخزونات الخام الأمريكية بأكبر مما كان متوقعاً الأسبوع الماضي. فقد ارتفعت المخزونات بمقدار 6.4 مليون برميل لتصل إلى 427.6 مليون برميل حتى 7 نوفمبر، متجاوزة توقعات استطلاع رويترز التي أشارت إلى زيادة قدرها 1.96 مليون برميل فقط. وتُعتبر هذه الزيادة الحادة مؤشراً على ضعف محتمل في الطلب الموسمي الأمريكي، أو على تباطؤ في نشاط مصافي التكرير. ومع ذلك، تشير استجابة السوق إلى أن المخاطر الجيوسياسية الفورية تحمل وزناً أكبر بكثير من معطيات العرض والطلب الأساسية في الوقت الراهن.
على المدى الطويل، يراقب المستثمرون عن كثب تأثير العقوبات الغربية على تدفقات النفط الروسي. فقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات تحظر التعاملات مع شركتي النفط الروسيتين العملاقتين لوك أويل (Lukoil) وروسنفت (Rosneft) بعد 21 نوفمبر.
تداعيات التضييق على تجارة النفط الروسي: ظاهرة “التخزين العائم”
أفاد بنك جيه.بي مورغان يوم الخميس بأن نحو 1.4 مليون برميل يومياً من النفط الروسي – أي ما يقرب من ثلث إمكانات التصدير المنقولة بحراً – قد أضيفت إلى المخزونات المحتجزة في الناقلات، وذلك بسبب تباطؤ تفريغ الشحنات نتيجة العقوبات الأمريكية على “روسنفت” و”لوك أويل”. هذه الكميات الضخمة العالقة تُعرف بظاهرة “التخزين العائم”، وهي تمثل عرضاً مؤجلاً لا يصل إلى السوق فعلياً، مما يخلق ندرة مصطنعة.
ويشير البنك إلى أن تفريغ الشحنات سيصبح أكثر صعوبة بكثير بعد الموعد النهائي في 21 نوفمبر لاستلام النفط الذي تورده الشركتان. هذا الموعد النهائي هو بمثابة عقبة لوجستية صلبة تزيد من تكلفة الشحن وتدفع المشترين إلى البحث عن مصادر بديلة، مما يعزز الطلب على الخام غير الروسي. هذه العوامل الجيوسياسية والعقوبات المستمرة تشكل ضغطاً صعودياً هيكلياً على أسعار النفط، متجاوزة مؤقتاً المخاوف المتعلقة بتزايد المخزونات وضعف توقعات الطلب. وعلى الرغم من التقلبات الأخيرة، فإن خام برنت وغرب تكساس الوسيط يسيران على المسار الصحيح لتحقيق مكاسب أسبوعية بنحو 1% و0.8% على التوالي، مؤكدة هيمنة عامل المخاطرة على التداولات.
ختاماً، تبقى سوق النفط رهينة للتوازن الحساس بين صدمات العرض المفاجئة الناجمة عن التوترات الجيوسياسية، وبين معطيات الطلب والمخزونات العالمية. وفي ظل تزايد وتيرة الهجمات، يتوقع أن يستمر عامل المخاطرة في تغليب كفته على البيانات الاقتصادية التقليدية.
اقرأ أيضا…


