أسعار الذهب تتراجع مؤقتا وسط صعود عائدات السندات والأنظار تترقب بيانات الوظائف الأمريكية

شهدت أسعار الذهب تراجعاً طفيفاً يوم الخميس، حيث أدت الزيادة في عائدات سندات الخزانة الأمريكية إلى جانب بعض عمليات جني الأرباح إلى تقليص المكاسب التي حققها المعدن الثمين على مدى الجلسات الثلاث الماضية. ويأتي هذا التراجع، الذي يعتبره المحللون فنياً أكثر منه جوهرياً، في الوقت الذي يوجه فيه السوق اهتمامه نحو تقرير الوظائف غير الزراعية المقرر صدوره يوم الجمعة، والذي يُعَد مؤشراً حاسماً على قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة والاتجاه العام للسيولة في الأسواق.
وتراجعت أسعار الذهب الفورية بنسبة 0.1% لتسجل 2,915.83 دولار للأونصة، في حين استقرت العقود الآجلة للذهب الأمريكي عند 2,926.6 دولار.
العائدات المرتفعة تضغط على الذهب وتزيد من “تكلفة الفرصة”
يُعزى الضغط الحالي على أسعار الذهب بشكل أساسي إلى ارتفاع عائد السندات الأمريكية القياسية لأجل 10 سنوات، الذي وصل إلى أعلى مستوى له في أكثر من أسبوع. ففي ظل كون الذهب أصلاً لا يُدِر عائداً (أصلاً غير مُنتِج)، فإن ارتفاع عوائد السندات الحكومية يزيد من “تكلفة الفرصة البديلة” لحيازة المعدن الأصفر. بعبارة أخرى، يصبح الاستثمار في أدوات الدين الحكومي، التي توفر الآن عائداً أعلى ومخاطر منخفضة نسبياً، خياراً أكثر جاذبية مقارنة بالذهب.
وفي هذا السياق، أوضح جيم ويكوف، كبير محللي السوق في Kitco Metals، أن “ما نشهده حالياً هو مجرد ضغط طفيف لجني الأرباح من المكاسب الأخيرة، لكن الأساسيات الكامنة لا تزال صاعدة… والشيء الآخر الذي يفرض ضغطاً خفيفاً على سوق الذهب هو ارتفاع عائدات السندات”. ويشير المحللون إلى أن العلاقة بين الذهب وعائدات السندات هي علاقة عكسية، حيث تعمل عوائد السندات كرافعة تسحب الذهب للأسفل، ما لم تكن هناك مخاطر جيوسياسية فائقة تتجاوز جاذبية العائدات. ومع ذلك، فإن استمرار هذا الضغط مرهون بمدى استدامة ارتفاع العائدات، والذي قد يتلاشى سريعاً إذا جاءت بيانات التوظيف يوم الجمعة أضعف من المتوقع.
الذهب لا يزال صامداً كـ “ملاذ آمن” وسط عدم اليقين
على الرغم من الانخفاض الأخير، يحتفظ الذهب بمكانته القوية كملاذ آمن بامتياز. فقد ارتفعت أسعار الذهب بأكثر من 10% منذ بداية العام، مدعومة بحالة عدم اليقين الجيوسياسي المتصاعدة ومخاوف التضخم العالمية. ووصل المعدن الأصفر إلى مستوى قياسي بلغ 2,956.15 دولار في 24 فبراير، مسجلاً ذروته في خضم حالة من النفور الشديد من المخاطر في الأسواق.
وقد لعبت التوترات التجارية دوراً كبيراً في هذا الصعود، بما في ذلك فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 25% على الواردات من المكسيك وكندا، وفرض رسوم إضافية على السلع الصينية. وتثير مثل هذه الإجراءات مخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي وسلاسل الإمداد، مما يدفع المستثمرين نحو الأصول الأكثر أماناً. ورغم أن البيت الأبيض أكد إعفاء شركات صناعة السيارات مؤقتاً من رسوم كندا والمكسيك، إلا أن المشهد الاقتصادي العالمي لا يزال يكتنفه الغموض، مما يوفر دعماً هيكلياً للطلب على الذهب على المدى المتوسط.
تقرير الوظائف وسيناريوهات الفيدرالي: مفتاح تحركات الذهب القادمة
تتجه كل الأنظار الآن نحو تقرير التوظيف الأمريكي الذي سيصدر يوم الجمعة. ويتوقع الاقتصاديون الذين استطلعت رويترز آراءهم أن يُظهر التقرير زيادة قدرها 160,000 وظيفة في فبراير.
ويعد هذا التقرير بالغ الأهمية لتحديد خطوة الاحتياطي الفيدرالي التالية، لا سيما وأنه يمثل ركناً أساسياً في ولاية البنك المزدوجة (التوظيف الكامل واستقرار الأسعار). وقد أبقى الفيدرالي أسعار الفائدة ثابتة حتى الآن هذا العام بعد ثلاثة تخفيضات في العام الماضي. وتشير التوقعات الحالية في السوق إلى أن البنك قد يستأنف عملية التيسير النقدي في شهر يونيو.
هناك سيناريوهان رئيسيان:
- بيانات وظائف أضعف من المتوقع: إذا جاءت الأرقام أقل بكثير من 160 ألف وظيفة، فسيعزز ذلك احتمالية أن يضطر الفيدرالي لتخفيض مبكر وحاد لأسعار الفائدة لدعم الاقتصاد، وهو ما يُعتبر سيناريو صعودي قوي لأسعار الذهب.
- بيانات وظائف قوية: إذا جاءت الأرقام أعلى من التوقعات، فقد يقلل ذلك من التكهنات حول تخفيضات الفائدة السريعة، مما يؤدي إلى تأجيل محتمل للتخفيف النقدي وبالتالي وضع ضغط هبوطي على الذهب.
وقال فؤاد رزاق زاده، محلل السوق في City Index و FOREX.com، إن “هناك احتمالاً لمزيد من تخفيضات أسعار الفائدة من الفيدرالي مما هو مسعر حالياً، في ظل ضعف البيانات، مما يضيف طبقة أخرى من عدم اليقين إلى الأسواق”. وأضاف: “وسط كل هذه الإشارات المتضاربة، تمكن الذهب من البقاء قرب أعلى مستوياته الأخيرة، ولا يزال يسير نحو إمكانية الوصول إلى مستوى 3,000 دولار في المستقبل القريب، مدعوماً بتوقعات التيسير النقدي المستقبلي”.
المعادن الأخرى
في ختام الجلسة، ارتفعت أسعار الفضة الفورية بنسبة 0.2% لتصل إلى 32.70 دولار للأونصة، وصعد البلاديوم 0.4% إلى 946.58 دولار، في حين بقي البلاتين مستقراً عند 965.76 دولار.
اقرأ أيضا…


