الذهب يسجل أعلى مستوياته: هل تعيد نهاية إغلاق الحكومة الأمريكية تشكيل أسعار الذهب؟

شهدت أسعار الذهب ارتفاعاً ملحوظاً، لتسجل أعلى مستوياتها في نحو ثلاثة أسابيع. هذا الارتفاع القوي مدعوم بتوقعات السوق بأن إنهاء الإغلاق الحكومي المحتمل في الولايات المتحدة سيعيد تدفق البيانات الاقتصادية الحاسمة، وهو ما قد يعزز بدوره التكهنات بخفض مرتقب لسعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الشهر المقبل. ويأتي هذا الارتفاع بعد فترة من التذبذب النسبي، مما يشير إلى تحول في معنويات المستثمرين نحو تفضيل الأصول الآمنة. إن تجاوز المعدن الأصفر لمستوى المقاومة النفسي عند 4,130 دولاراً يؤكد عودة الثقة في مركزه كملاذ في أوقات عدم اليقين، خاصة مع اقتراب موعد حاسم لقرارات السياسة النقدية الأمريكية التي تحدد الاتجاه المستقبلي للأسواق.
وفي خضم هذه التطورات، صعد سعر الذهب الفوري بنسبة 0.5% ليصل إلى 4,137.06 دولاراً للأوقية حتى الساعة 08:16 بتوقيت جرينتش، بعد أن لامس في وقت سابق أعلى مستوى له منذ 23 أكتوبر عند 4,148.75 دولاراً. كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب الأمريكي لتسليم ديسمبر بنسبة 0.5% إلى 4,143.80 دولاراً للأوقية.
المحفزات الاقتصادية: المخاوف المالية تدعم أسعار الذهب
يكتسب الذهب زخماً كبيراً بفضل “التركيز المتجدد على المخاوف المالية الأمريكية”، وفقاً لما صرّح به أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك. وتشير وجهة النظر هذه إلى أن استئناف عمل الحكومة الأمريكية سيتيح إنفاقاً جديداً يُموّل عبر اقتراض إضافي، مما يزيد من جاذبية المعدن الأصفر كأداة تحوط وملاذ آمن في ظل تزايد الديون. فعندما تزداد الحاجة إلى تمويل العجز الحكومي عبر إصدار المزيد من سندات الخزانة، تتزايد المخاوف بشأن استدامة الدين العام. هذا التضخم في العرض النقدي، الناتج عن ارتفاع الاقتراض، يميل تاريخياً إلى إضعاف قوة الدولار، ما يجعل الذهب المقوم به أقل تكلفة لحاملي العملات الأخرى، وبالتالي يعزز الطلب العالمي ويدعم أسعار الذهب.
وكان مجلس الشيوخ الأمريكي قد أقر يوم الاثنين إجراءً توافقياً يهدف إلى إنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، والذي تسبب في تأجيل إصدار العديد من البيانات الاقتصادية الهامة، ومن ضمنها تقرير الوظائف غير الزراعية الرئيسي. ومن المتوقع أن يتجه مشروع القانون نحو مجلس النواب للموافقة عليه، وهو ما يمهد الطريق لعودة البيانات الاقتصادية إلى الظهور وتحليل تأثيرها الكامل على التضخم والنمو.
توقعات الفيدرالي وتأثيرها على سعر الذهب اليوم
إن إعادة فتح الحكومة الأمريكية ستعيد تدفق البيانات الاقتصادية، وهو ما “قد يؤكد التوقعات بخفض سعر الفائدة في ديسمبر”، حسبما أضاف هانسن. وقد ظهر الانقسام بين صانعي السياسة في الاحتياطي الفيدرالي حول المسار المستقبلي للسياسة النقدية، خاصة بعد خفضين سابقين للفائدة هذا العام. وقد تجسد هذا الانقسام في التباين بين تشديد محافظ الفيدرالي ستيفن ميران على خفض كبير (50 نقطة أساس) وبين ميل السوق نحو خفض أكثر حذراً (25 نقطة أساس). هذا الجدل يعكس عدم الوضوح بشأن مدى قوة الاقتصاد في مواجهة الضغوط التضخمية المتزامنة مع تراجع في بيانات سوق العمل.
وفي هذا السياق، أشار محافظ الفيدرالي، ستيفن ميران، يوم الاثنين إلى أن خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس قد يكون الخيار المناسب في ديسمبر. ومع ضعف البيانات الأخيرة التي سلطت الضوء على الضغط الاقتصادي، بما في ذلك فقدان الوظائف في أكتوبر وتدهور معنويات المستهلكين، يتوقع المتداولون حالياً احتمالاً بنسبة 64% لخفض ربع نقطة الشهر المقبل. وبغض النظر عن حجم الخفض، فإن مجرد تأكيد التوقعات باتجاه تيسير السياسة النقدية يمثل دافعاً أساسياً قوياً يرفع من قيمة الذهب الذي لا يدر عائداً.
يُعرف الذهب بأدائه الجيد في بيئات أسعار الفائدة المنخفضة وفي أوقات عدم اليقين الاقتصادي؛ لذا فإن هذه التوقعات بخفض الفائدة تساهم بشكل مباشر في دعم أسعار الذهب. وقد أكد كارستن مينكي، محلل في جوليوس باير، على النظرة الإيجابية للذهب، مشيراً إلى أن “الخوف من فوات الأوان لا يزال قائماً” وسط خلفية أساسية مواتية للمعادن الثمينة. وتشمل هذه الخلفية المواتية استمرار ضعف معدلات العائد الحقيقي وسط التضخم، بالإضافة إلى استمرار المخاطر الجيوسياسية العالمية التي تجعل المستثمرين يبحثون عن أصول تحمي رؤوس أموالهم من الاضطرابات المفاجئة. لذا، يُنظر إلى كل ارتفاع في أسعار الذهب كإشارة إلى أن السوق بدأ يستوعب حقائق اقتصادية جديدة بعيداً عن حقبة التشديد النقدي المتسارع.
نظرة على المعادن الثمينة الأخرى
سجلت المعادن الثمينة الأخرى أيضاً مكاسب جيدة في السوق، حيث ارتفع سعر الفضة بنسبة 0.5% ليصل إلى 50.81 دولاراً للأوقية، وصعد البلاتين بنسبة 1% إلى 1,593.11 دولاراً، بينما ارتفع البلاديوم بنسبة 1.3% ليصل إلى 1,433.36 دولاراً للأوقية.
اقرأ أيضا….


