أسعار النفط تتراجع بعد التوصل إلى إطار اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين

شهدت أسعار النفط تراجعاً ملحوظاً بأكثر من 1% يوم الاثنين، وذلك في أعقاب إعلان المسؤولين الاقتصاديين في الولايات المتحدة والصين عن وضع إطار عمل لاتفاق تجاري بين البلدين. هذا التطور ساهم بشكل مباشر في تبديد المخاوف من أن تؤدي الرسوم الجمركية والقيود المفروضة على الصادرات بين أكبر مستهلكين للنفط في العالم إلى إلحاق الضرر بالنمو الاقتصادي العالمي.
لماذا تؤثر الحرب التجارية على أسعار النفط؟
إن العلاقة بين النزاعات التجارية وأسواق الطاقة علاقة عضوية ومباشرة. فعندما تفرض الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين رسوماً جمركية متبادلة، تتباطأ حركة التجارة العالمية، مما يؤدي إلى خفض النشاط الصناعي والإنتاجي. هذا التباطؤ يترجم فوراً إلى انخفاض في الطلب على الطاقة اللازمة لتشغيل المصانع ونقل البضائع وسلاسل الإمداد الدولية.
بعبارة أخرى، يمثل التهديد التجاري ضغطاً نزولياً مستمراً على أسعار النفط لأنه يقلل من الاستهلاك الفعلي للخام ومشتقاته مثل وقود الديزل والبنزين حول العالم. لذلك، فإن أي خطوة لفك الاشتباك التجاري تُعتبر بمثابة ضمانة لاستمرار وتيرة النشاط الاقتصادي، وهو ما يقلل من الحاجة إلى بناء “علاوة مخاطر” (Risk Premium) في أسعار الطاقة.
تفاصيل الإطار التجاري وتأثيره على الطلب العالمي
أكد وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، يوم الأحد أن المسؤولين الأمريكيين والصينيين قد وضعوا “إطار عمل جوهري” لصفقة تجارية. ويهدف هذا الإطار إلى تجنب فرض رسوم جمركية أمريكية بنسبة 100% على البضائع الصينية، كما يضمن تأجيل ضوابط الصين على صادرات المعادن الأرضية النادرة في سياق المناقشات التجارية الوشيكة هذا الأسبوع.
ويُعد هذا الاتفاق الأولي بمثابة بارقة أمل للأسواق التي تتخوف باستمرار من تداعيات الحرب التجارية. إن استمرار التوترات بين واشنطن وبكين يمثل تهديداً مباشراً لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو ما يؤثر بدوره على توقعات الطلب على النفط. وبالتالي، فإن أي مؤشر على التهدئة يعكس فوراً على أسعار النفط، حيث يتوقع المتداولون استقراراً اقتصادياً يدعم مستويات الاستهلاك. يجب الإشارة إلى أن تأجيل القيود على تصدير المعادن الأرضية النادرة يحمل أهمية خاصة، كون هذه المواد حيوية للصناعات التكنولوجية المتقدمة والإلكترونيات. تهدئة هذا الملف بالذات تُرسل رسالة قوية حول التزام الجانبين بالحفاظ على تدفق سلاسل الإمداد الحساسة، مما يعزز الثقة في القطاع الصناعي الذي يُعد مستهلكاً رئيسياً للنفط.
الأسواق العالمية واستشعار علاوة المخاطر في أسعار النفط
يُظهر هذا التراجع في أسعار النفط حساسية السوق الفائقة تجاه العوامل الاقتصادية الكلية، خاصة تلك المتعلقة بأكبر القوى الاقتصادية. الولايات المتحدة والصين ليستا مجرد قوتين تجاريتين، بل هما المحرك الأساسي للاستهلاك الصناعي والطاقي العالمي. أي خطوة نحو إزالة حواجز التجارة يُنظر إليها على أنها دفعة لثقة الأعمال والإنفاق، مما يقلل من احتمالية حدوث تباطؤ حاد في دورة الأعمال العالمية. في هذا السياق، يمكن تفسير الانخفاض بنسبة 1% على أنه إزالة فورية لـ “علاوة مخاطر التباطؤ الاقتصادي” التي كانت مدمجة في السعر. فالمتداولون قاموا ببيع العقود الآجلة للنفط بعد أن انحسر القلق الذي كان يغذيهم، وهو ما يؤكد الدور المحوري للعوامل النفسية والتوقعات في تحديد مسار أسعار النفط اليومي.
مع ذلك، يبقى الأمر مرهوناً بالاجتماعات التجارية القادمة. فرغم أن الإطار الجوهري يمثل خطوة إيجابية، فإن استكمال الاتفاق والتوصل إلى تفاصيل نهائية سيظل يسيطر على معنويات السوق. يجب على المستثمرين ومراقبي سوق الطاقة مراقبة تطورات المفاوضات التجارية عن كثب، حيث إن أي انتكاسة قد تعيد المخاوف بشأن النمو الاقتصادي، مما قد يدفع أسعار النفط إلى الانخفاض مرة أخرى مع ازدياد المخاوف بشأن الطلب المستقبلي.
اقرأ أيضا….
 
				 
					 
					 
					


