أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

أسعار الذهب تتألق بدعم من المخاطر الجيوسياسية وتوقعات الفائدة تدعم المعدن الأصفر

تشهد أسعار الذهب ارتفاعاً ملحوظاً، مدعومة بمزيج معقد من المخاطر الجيوسياسية المتصاعدة والتوقعات بتخفيض وشيك لأسعار الفائدة الأمريكية. وقد برز المعدن الأصفر، مجدداً، بوصفه الملاذ الآمن الأبرز، مما يعكس حالة عدم اليقين السائدة في الأسواق العالمية ويشجع المستثمرين على تحويل رؤوس الأموال بعيداً عن الأصول ذات المخاطر العالية كالأسهم. فالذهب يمثل ملاذاً تقليدياً يحافظ على القوة الشرائية في أوقات الأزمات الاقتصادية والسياسية.

وفي تداولات يوم الخميس، ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.6% ليصل إلى 4,119.49 دولار للأونصة، بعد أن كان قد سجل أدنى مستوى له في أسبوعين خلال الجلسة السابقة، في إشارة إلى أن القوة الدافعة الصاعدة لم تنتهِ بعد. كما صعدت العقود الآجلة للذهب الأمريكي للتسليم في ديسمبر بنسبة 1.8% لتصل إلى 4,136.0 دولار للأونصة، مما يؤكد الزخم الإيجابي.

الشرارة الجيوسياسية ترفع جاذبية الذهب وتزيد من الطلب الوقائي

تعد التوترات الجيوسياسية العامل المحفز الأساسي لهذا الارتفاع الأخير في أسعار الذهب. فقد أدت العقوبات الأمريكية الجديدة ضد روسيا، والتي استهدفت شركتي النفط العملاقتين “لوك أويل” و”روس نفط” على خلفية التطورات في أوكرانيا، إلى زيادة حالة القلق في الأسواق، خاصةً فيما يتعلق باستقرار إمدادات الطاقة العالمية.

هذا التدهور في العلاقات الدولية يرفع بشكل مباشر من الطلب على الذهب بوصفه ضماناً ضد المخاطر النظامية. وفي الوقت نفسه، فإن التفكير في فرض قيود تصدير جديدة على الصين، تشمل مجموعة واسعة من المنتجات القائمة على البرمجيات، من أجهزة الكمبيوتر المحمول إلى محركات الطائرات النفاثة، يضيف طبقة أخرى من التوترات التجارية والاقتصادية بين القوتين العظميين. هذه القيود المحتملة تزيد من احتمالية حدوث تباطؤ في النمو العالمي، وهو سيناريو لطالما دعم قيمة الذهب.

وفي هذا السياق، أوضح هان تان، كبير محللي السوق في Nemo.money، أن الذهب “يحاول تثبيت أقدامه بعد التراجع التقني الصحي الذي كان بأمس الحاجة إليه”. وأضاف تان أن “المخاطر الجيوسياسية العنيدة يجب أن تحافظ على طلب الملاذ الآمن، على الرغم من أن الذهب كان أقل ميلاً لإنتاج تقلبات جامحة في رد فعله على مثل هذه الأخبار”، مشيراً إلى أن السوق ربما استوعب بالفعل جزءاً من هذه المخاطر.

دور الاحتياطي الفيدرالي وتأثير أسعار الفائدة على تكلفة الفرصة البديلة

بالإضافة إلى العوامل الجيوسياسية، تلعب التوقعات المتعلقة بالسياسة النقدية الأمريكية دوراً حاسماً في دعم أسعار الذهب. يكمن السبب في أن الذهب، وهو أصل لا يدرّ عائداً (أي لا يدفع فائدة أو كوبونات)، يصبح أكثر جاذبية عندما تنخفض أسعار الفائدة الحقيقية. ففي بيئات أسعار الفائدة المنخفضة، تقل تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب مقارنة بالسندات أو الودائع. ومع تسعير المستثمرين بشكل شبه كامل لخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي المرتقب الأسبوع المقبل (FEDWATCH)، يزداد جاذبية حيازة الذهب كبديل للعملات التي قد تضعف قيمتها.

وتترقب الأسواق تقرير مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) الأمريكي المقرر صدوره يوم الجمعة، والذي تأخر بسبب الإغلاق الحكومي. ويُنظر إلى هذا التقرير على أنه محوري لأنه سيحدد ما إذا كان التضخم يتجه نحو التباطؤ، مما يدعم خطة الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة، أو إذا كان التضخم لا يزال عنيداً، مما قد يؤدي إلى تأجيل القرار ويضغط على أسعار الذهب نحو التراجع المؤقت. ومن المتوقع أن يسلط التقرير مزيداً من الضوء على مسار خفض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي خلال الأشهر القادمة.

أداء تاريخي قوي وتوقعات صعودية تدعم تنويع المحافظ

شهدت أسعار الذهب مكاسب كبيرة هذا العام، حيث ارتفعت بنحو 57%، ووصلت إلى ذروتها التاريخية عند 4,381.21 دولار في وقت سابق من هذا الأسبوع. وقد تعزز هذا الأداء بالشكوك الاقتصادية العالمية، بما في ذلك المخاوف من تباطؤ النمو واحتمالات الركود، فضلاً عن الرهانات المتزايدة على خفض أسعار الفائدة، واستمرار عمليات شراء البنوك المركزية التي تسعى لتنويع احتياطاتها بعيداً عن العملات الرئيسية.

من جانبه، أشار مارك هيفيل، كبير مسؤولي الاستثمار في UBS، في مذكرة تحليلية إلى أنهم “يواصلون اعتبار الذهب وسيلة فعالة لتنويع المحافظ الاستثمارية”. وهذا الدور التنويعي للذهب ينبع من ميله إلى التحرك بشكل عكسي للأسهم والعملات في أوقات الضغط، مما يوفر حماية لرأس المال. وتابع هيفيل بالتأكيد على “إمكانية تحقيق المزيد من المكاسب نحو هدفنا الأعلى البالغ 4,700 دولار للأونصة، في حال ظهور تطورات سلبية إضافية على الصعيدين الكلي والسياسي”.

في أسواق المعادن الثمينة الأخرى، ارتفعت الفضة الفورية بنسبة 1.7% إلى 49.33 دولار للأونصة، وزاد البلاتين 2.3% إلى 1,659.50 دولار، بينما تراجع البلاديوم 0.6% إلى 1,450.00 دولار، متأثراً بعوامل الطلب الصناعي الخاصة به.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى