أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

أسعار الذهب تسجل مستوى قياسي جديد بدعم من توقعات خفض الفائدة

شهدت أسواق الذهب موجة من الارتفاعات القياسية، حيث سجلت أسعار الذهب أعلى مستوياتها على الإطلاق، مدفوعة بشكل أساسي بتوقعات متزايدة لخفض وشيك في أسعار الفائدة الأمريكية، بالإضافة إلى ضعف الدولار الأميركي. يأتي هذا الارتفاع التاريخي بينما يترقب المستثمرون خطاب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بحثًا عن أي إشارات جديدة حول المسار المستقبلي للسياسة النقدية للبنك المركزي، والتي ستحدد إلى حد كبير اتجاهات الأسواق العالمية خلال الفترة القادمة.

توقعات السياسة النقدية وضعف الدولار يدعمان أسعار الذهب

ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.2% ليصل إلى 3753.25 دولار للأونصة، بعد أن لامس في وقت سابق من الجلسة مستوى قياسياً جديداً عند 3759.02 دولار. كما شهدت العقود الآجلة للذهب الأمريكي ارتفاعًا بنسبة 0.3%، لتصل إلى 3787.40 دولار.

هذا الارتفاع في أسعار الذهب يرتبط بشكل مباشر بضعف مؤشر الدولار الأميركي، الذي واصل خسائره من الجلسة السابقة. فمع ضعف الدولار، يصبح الذهب المقوم بالعملة الأمريكية أرخص وأكثر جاذبية للمشترين من حاملي العملات الأخرى. وفي الوقت نفسه، يجد الذهب، كونه أصلاً لا يدر عائدًا، منافسة مباشرة من السندات وغيرها من الأصول التي تقدم فوائد. عندما تنخفض أسعار الفائدة، ينخفض العائد على هذه الأصول البديلة، مما يجعل الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين الباحثين عن قيمة مستقرة.

وفي هذا السياق، أوضح كايل رودا، المحلل في شركة Capital.com، أن “العامل المهيمن هو توقعات السياسة النقدية، مع احتمالية خفض أسعار الفائدة، ومخاطر صعودية للتضخم.” وتشير أداة CME FedWatch، التي تعكس توقعات السوق، إلى أن المستثمرين يتوقعون بنسبة 90% خفضًا في سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في شهر أكتوبر، وبنسبة 75% فرصة لخفض آخر في شهر ديسمبر. هذا التفاؤل يغذي شهية المخاطرة ويدفع السيولة نحو الأصول التي تستفيد من سياسات نقدية أكثر مرونة.

المستثمرون يترقبون إشارات من باول

تتجه الأنظار اليوم إلى خطاب جيروم باول، والذي قد يقدم المزيد من الإشارات حول توجهات السياسة النقدية للولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، من المقرر أن يتم إصدار مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو مقياس التضخم المفضل لدى الفيدرالي، يوم الجمعة، مما سيزيد من الضغط على أسواق المال وسيحدد بشكل كبير التوقعات المستقبلية.

هذا الترقب يأتي في ظل انقسام واضح داخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، حيث صرح الحاكم الجديد ستيفن ميران بأن البنك المركزي قد يكون مخطئًا في سياساته الحالية، وأن عدم وجود تخفيضات عدوانية في أسعار الفائدة قد يعرض سوق العمل للخطر. هذا الرأي يعارضه ثلاثة من زملائه، الذين يرون أن البنك بحاجة إلى توخي الحذر بشأن التضخم. هذا الانقسام يعكس تباينًا في الأولويات بين أعضاء الفيدرالي. ففي الوقت الذي يخشى فيه ميران من أن يؤدي التشديد النقدي المستمر إلى إضعاف سوق العمل وتأثيره سلبًا على الاقتصاد الحقيقي، يرى زملاؤه أن المعركة ضد التضخم لم تنته بعد، وأن التسرع في خفض الفائدة قد يعيد إشعال شرارة ارتفاع الأسعار، مما يتطلب إبقاء السياسة النقدية مقيدة لفترة أطول.

نظرة مستقبلية على أسعار الذهب والمعادن الأخرى

في مذكرة صادرة عن بنك ANZ، أشار البنك إلى أن “تباطؤ النمو الاقتصادي، وارتفاع التضخم، والتحولات الجيوسياسية، وضعف الدولار الأميركي، هي جميعها عوامل ستُبقي الطلب الاستثماري على الذهب قوياً.” إلى جانب العوامل الاقتصادية، تلعب التحولات الجيوسياسية دورًا متزايد الأهمية في دعم أسعار الذهب. ففي أوقات عدم اليقين السياسي والاقتصادي، يميل المستثمرون إلى البحث عن ملاذ آمن، ويعتبر الذهب أحد أبرز الأصول التي تحتفظ بقيمتها خلال فترات الأزمات. هذا الطلب على الملاذ الآمن، إضافة إلى التضخم المستمر، يعزز من مكانة الذهب كأداة تحوط.

وفيما يتعلق بالمعادن النفيسة الأخرى، شهدت أسعار الفضة تراجعاً طفيفاً بنسبة 0.6% لتصل إلى 43.82 دولار للأونصة، رغم أنها لا تزال تحوم بالقرب من أعلى مستوى لها في 14 عامًا. أما البلاتين، فقد انخفض بنسبة 0.3% إلى 1412.64 دولار، بينما ارتفع البلاديوم بنسبة 0.3% إلى 1182.24 دولار.

وفي الختام ، يمكن القول إن الارتفاع الأخير في أسعار الذهب هو نتيجة طبيعية لمزيج من التوقعات الاقتصادية المواتية للمعدن الأصفر، وخصوصًا احتمالات خفض الفائدة الأمريكية. وبينما قد نشهد بعض التراجعات الفنية على المدى القصير بسبب عمليات جني الأرباح، إلا أن العوامل الأساسية التي تدعم الذهب تبدو قوية على المدى الطويل، مما يجعل منه استثماراً مستمراً في محفظة أي مستثمر.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى